إدارة ترامب تسعى لإطلاق يدها أكثر في ملف إشراف الكونغرس على مبيعات الأسلحة الأمريكية

واشنطن – المحقق
نشرت مجلة بوليتيكو الأمريكية المختصة بالشان الأمني و العسكري في أروقة إدارة دونالد ترمب، مقالاً أول من أمس (الأربعاء) تناول جهود الإدارة الأمريكية الجديدة حول رغبتها في بيع أسلحة بمليارات الدولارات إلى دول في الشرق الأوسط و أوروبا وغيرها إلا أن عقبة تقف دون إتمام هذه الصفقات كما تقول المجلة، وهي أن بعضاً من الدول الساعية لشراء الأسلحة الأمريكية، و بمليارات الدولارات، متهمة بالضلوع والتعامل مع أطراف ارتكبت جرائم إبادة جماعية ومتهمة بتزويدها بالأسلحة سراُ.
وتشير المجلة إلى أن أعضاء بارزين في لجنة العلاقات الخارجية قي الكونغرس الأمريكي وقفوا في وجه إتمام هذه الصفقات.
محاولة التفاف
وتحاول إدارة ترامب أن تلتف حول تحفظات الكونغرس من خلال إقناع المشرعين الأمريكيين برفع سقف إشرافهم على مبيعات الأسلحة الأمريكية، “فيما يمكن أن يكون خطوة مرحب بها في أوروبا، حيث يناشد حلفاء الناتو المحبطون منذ فترة طويلة الوصول بشكل أسرع إلى الأسلحة الأمريكية”.
وتقول المجلة إن التغييرات المقترحة، المنصوص عليها في رسالة وزير الخارجية الامريكي الجديد إلى رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ جيم ريش (جمهوري من ولاية إيداهو)، تسعى لرفع سقف القيمة الدولارية لبيع الأسلحة الأمريكية التي يحق للكونغرس مراجعتها قبل إمضاء وتنقيذ الصفقة – أي أن تترك للرئيس ترمب مساحة في التصرف المباشر حال كان المبلغ صغيراً نسبياً.
وتشير المجلة إلى أنه في الوقت الذي يجتهد فيه الرئيس دونالد ترامب إلى ترميم العلاقات عبر الأطلسي فإن خطته تواجه رياحاً معاكسة في الكونغرس، حيث يتردد المشرعون في التخلي عن الإشراف على المبيعات العسكرية الأجنبية المثيرة للجدل.
وزيرا الخارجية والدفاع على الخط
و تقترح رسالة مؤرخة في 7 أبريل الماضي ، والتي وقعها وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الدفاع بيت هيغسيث، تغييرات كبيرة على قانون مراقبة تصدير الأسلحة، وهو تعديل من شأنه – بالنسبة لبعض الأسلحة – أن يضاعف لأربعة أضعاف، المستويات الحالية للصفقات التي تتطلب إخطار الكونغرس.
وبموجب القانون الحالي، يتعين على وزارة الخارجية إخطار الكونغرس بأي بيع لمعدات دفاعية رئيسية لحليف في حلف شمال الأطلسي تكلف 25 مليون دولار أو أكثر، فيما يريد روبيو وهيغسيث رفع هذه العتبة إلى 55 مليون دولار أو أكثر.
ودافع المشرعون في كلا الحزبين تقليدياً عن عملية الإخطار كأداة إشراف أساسية، خاصة بالنسبة للمبيعات المثيرة للجدل. وتؤكد المجلة أنه و”على سبيل المثال، يمنع النائب جريجوري ميكس (ديمقراطي من نيويورك) مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى الإمارات العربية المتحدة، وهي شريك رئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط،” بسبب دورها في تسليح، سراً، ميليشيا متهمة بالإبادة الجماعية في السودان”.
وعندما يأتي الاتهام من السودان ومندوبه في الأمم المتحدة تنبري الإمارات و تنكر هذا الاتهام بتوريد الأسلحة للمليشيا لكنها لا تستطيع نفي الأمر و قد جاء من أروقة أعلى سلطة تشريعية تختص بالعلاقات الخارجية.
تعزيز الشراكات
ويقول متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن “إصلاح عملية مبيعات الدفاع الخارجي للولايات المتحدة” يعزز شراكات الحلفاء ويمكن الصناعية الدفاعية الأميركية، وهي أولوية استراتيجية لإدارة ترامب. ويضيف متحدث الخارجية الأمريكية: “لفترة طويلة جداً، وعلى الرغم من جهود الإصلاح ، أعاقت البيروقراطية التعاون الأمني مع حلفاء الولايات المتحدة”.
إلا أن السناتور راند بول (جمهوري من كنتاكي) ، الذي قاد أو دعم جهوداً متعددة لمنع مبيعات الأسلحة الأجنبية ،أكد -وفقاً للمجلة- إنه سيعارض الإصلاح المقترح لكنه رفض التعليق أكثر.
وقالت السناتور جين شاهين (نيو هامبشاير) وهي كبيرة الديمقراطيين في اللجنة، إنها لم تر رسالة الوزيرين، وأضافت أن سبب تأخير مبيعات الأسلحة ليس الكونجرس “إنه قدرة الصناعة على بناء الأسلحة ، والتي ستزداد سوءاً في ظل تعريفات ترامب”. وأضافت: “المشكلة هي أن صناعة الدفاع لا تملك القدرة”. فالحلفاء الأوروبيون متعطشون للمبيعات السريعة للأسلحة أثناء توجهاتهم وتحدياتهم المستجدة.
وفي مارس المنصرم نشرت مجلة بوليتيكو مقالاً قالت فيه إن جريجوري ميكس ليس النائب الديمقراطي الوحيد الذي يدقق في دور الإمارات العربية المتحدة في الحرب الأهلية في السودان، فكبير الديمقراطيين في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب يمنع مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى شريك رئيسي في الشرق الأوسط بسبب دورها المزعوم في الحرب الأهلية المستمرة في السودان ، وفقا لثلاثة مساعدين في الكونجرس مطلعين على الخطة.
ودون ضجيج إعلامي فقد منع النائب جريجوري ميكس مبيعات أسلحة إلى الإمارات العربية المتحدة منذ أواخر العام الماضي ، ويخطط لإعلان ذلك علنا أثناء تقديمه مشروع قانون لاتخاذ إجراءات ضد أولئك الذين يؤججون الحرب في السودان.
وتضيف المجلة في تقرير مارس “إن جماعات حقوق الإنسان ومراقبو النزاع الخارجيون اتهموا الإمارات على نطاق واسع بتسليح وتمويل ميليشيا متهمة بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب في السودان سرا ”
وتشير المجلة إلى أن السناتور كريس فان هولين من ولاية ماريلاند والنائبة سارة جاكوبس من كاليفورنيا يخططان لتقديم تشريعهما المنفصل حول هذه المسألة في الأسبوع المقبل. وعلى عكس مشروع قانون ميكس الذي يدعو إلى منع مبيعات الأسلحة إلى أي دولة متورطة في الصراع ، “يدعو مشروع قانون فان هولين وجياكوبس صراحة إلى منع مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى الإمارات العربية المتحدة بسبب دعمها لقوات الدعم السريع.”
وأعلن فان هولين وجياكوبس ، إن مسؤولي إدارة بايدن في أيامها الأخيرة أكدوا لهم أن “الإمارات كانت تزود المجموعة المتمردة بالأسلحة ، في تناقض مباشر مع التأكيدات التي قدمتها الإمارات لواشنطن”.
جولة ترامب الخليجية
ويبقى السؤال، هل يتمكن ترامب، خلال زيارته المقبلة واجتماعه بزعماء في الخليج والسعودية من إقناع الإمارات بالتخلي عن “الأسباب” التي تدعو الكونغرس إلى اتهامها بدعم المليشا مرتكبة الإبادة الجماعية، حتى يتمكن من بيع الأسلحة لها – وفي ذلك إقرار بأنها حقاً وليس اتهاماً باطلاً كانت وراء تسليح المليشيا – ذلك أنه حتى و إن وافق الكونغرس على مقترح ترمب الجديد فإن السقف الدولاري يظل دون المبلغ الذي ستدفعه الإمارات للصفقة التي تسعى لإبرامها، و الذي يفهم وفقاُ للصحافة الأمريكية – بأنه مئات الملايين من الدولارات – بينما سقف ترمب الذي يسعى إليه هو أن يكون بوسعه تمرير أي صفقة مع الحلفاء تكون بأقل من 55 مليون دولار دون الرجوع للكونغرس.