رأي

الجار قبل الدار: دبلوماسية الشعوب الجارة للسودان

لواء شرطة دكتور نجم الدين عبد الرحيم

هناك لعبة كوميدية فى اليوتيوب تسمى الجار المزعج و تتلخص هذه اللعبة فى أنه عليك فعل كل ما يمكن فعله من أجل إزعاج جارك و إفشال كل خطواته التي يخطوها للعيش فى هناء و سعادة، و يعتمد نجاحك فى اللعبة بإنجاز المهمة بأكبر قدر من الإزعاج لجارك.

و يبدو أن جيران السودان بدون إستثناء فضلوا أن يلعبوا معنا هذه اللعبة و يبدو انهم مصرون على تحقيق أعلى الدرجات ، لكن عندما نقول جيران السودان لا نقصد بالطبع الجيران من الشعوب فهذه الشعوب لها علاقات قرابة و نسب متصلة بشعب السودان و ممتدة عبر التاريخ القديم و الحديث.

فالسودان الغربي اسم أطلقه الأوروبيون على منطقتي نهر السنغال والنيجر، بينما أطلق اسم سودان وادي النيل على المنطقة الواقعة جنوب مصر. أما بالنسبة للجغرافيين والمؤرخين والرحالة المسلمين، فقد كانت بلاد السودان تعني لهم منطقة أوسع بكثير، تمتد جنوب  الصحراء الكبرى من المحيط الأطلسي إلى بلاد النوبة على نهر النيل ، أما سودان الجنوب فقد كان سوداناً واحداً إلى العام 2011، و سودان الشرق لا تكاد تميز أهله عن دولتي إثيوبيا و إريتريا، و تقول النكتة ان الرئيس الإرتري سئل ذات مرة ما هى أجمل مدينة تراها فى ارتريا فقال *كسلا*.

بالطبع هذه الشعوب تعتبر شعب واحد فرقت بينه الحدود الوهمية التى صنعها المستعمر لكنها مع ذلك تصر أن تكون كالطيور الما بتعرف ليها خرطة و لا فى إيدها جواز سفر ، فتجدهم كثيراً ما يعبرون من دولهم إلى وطنهم الأم السودان بدون وثائق سفر أو حتى مستندات لأنهم يعلمون أنه لا يمكن تمييزهم بأشكالهم و سحناتهم عن إخوتهم السودانيين.

فى الجانب الآخر نجد فى هذه الدول من يحاول أن يدق بين شعوبها أسفيناً للتفرقة و الفتنة و النزاعات و هنا أقصد بالتحديد السياسيين فى دول المجموعتين الذين يعملون على تحقيق مصالح بلادهم خصماً على مصالح الدول الأخرى فتبرز النزاعات و الخلافات بين الدول و هم يعتقدون أنهم يحسنون صنعاُ و لا يدركون أن ما عليهم فعله لتحقيق المصلحة المشتركة لهذه الشعوب يتمثل فظه المحافظة على وحدتها و ترابطها و الحفاظ على إرثها التاريخى دون تمييز و العمل على تحقيق النهضة عبر العمل المشترك للإستفادة من نقاط التلاقى و تجاوز نقاط الخلاف ، و يمكن أن أردنا أن نحول كل خلافاتنا فى المنطقة إلى اتفاق و مواردنا البشرية و المادية إلى طاقة ايجابية و عامل للبناء و الوحدة خاصة أن هذه المنطقة تشمل مجموعتين اقليميتين فقط هما مجموعة غرب أفريقيا و مجموعة شرق أفريقيا و ذلك إذا ما قمنا بالاتى :

1/ تشكيل قيادة سياسية و تنفيذية موحدة لدول منطقة جنوب الصحراء من المحيط الأطلسى إلى البحر الأحمر

2/ تشكيل مجلس تشريعى موحد

3/ تشكيل جهاز قضائى موحد يفصل فى قضايا هذه الدول

4/ تشكيل جيش موحد للدفاع المشترك

5/ طرح المشاريع الزراعية و الصناعية للاستثمار بين هذه الدول .

6/ إنشاء سوق إقتصادي واحد يجمع هذه الدول علماً أن هناك سوقاً اقتصادياً موحداً لمجموعة غرب أفريقيا يطلق عليه إختصاراً ECOWAS و مجموعة تنموية اقتصادية واحدة لدول شرق افريقيا IGAD.

ختاماً هناك من يعتقد أن ذلك أمراً بعيد المنال و نقول إن ذلك ليس ببعيد و من الممكن إنجازه إذا علمنا أن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا و أستطعنا أن نستفيد من العلاقات التاريخية لهذه الشعوب و بنينا على قواعدها جدر الوحدة و مدينا عبرها جسور الثقة و أقنعنا الكل بأن المصلحة مشتركة و أن المصير واحد و بدأنا فى ذلك دون تردد صادقين النية و عزمنا على تحفيقه ، و لنا في دول الإتحاد الأوروبى و دول مجلس التعاون الخليجي خبر مثال و نموذج .

سنبين إن شاء الله فى مقالاتنا القادمة كيفية بناء جسور المحبة و الصداقة بين هذه الشعوب و ماهى العوامل التى يمكن استخدامها لذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى