رأي

الصحة النفسية للمهجرين (النازحون و اللاجئون)

دكتورة نعمات الزبير

تؤثر الأهوال التي يمر بها المهجرون مثل النزاعات والاضطهاد والضغط المادي والنفسي، بالإضافة إلى الرحلات الطويلة والخطرة، ومدو الانتظار الطويلة، تؤثر سلباً علي صحتهم النفسية، إذ يتعرض المهجرون إلى نوبات مزعجة قد تؤدي إلى إصابتهم باضطرابات نفسية مرتبطة بالصدمة والضغوط العصبية، وتدني قيمه الذات. ويعاني بشكل خاص الأشخاص الذين أجبروا على الفرار من أماكن غير أمنة من مشكلات مثل اضطراب مابعد الصدمة والاكتئاب والقلق.

ويتعرض المهجرون قسراً لضغوطات قاسية قبل أن يقرروا الفرار من ديارهم. ويؤدي الابتعاد والاغتراب إلى تفاقم الاضطراب العاطفي ومضاعفة معاناتهم على مستوى الصحة النفسية والجسدية وخصوصا كبار السن.

علاوة علي ذلك يتعرض المهجرين إلى ضغوضات ما بعد التهجير والتي تتعلق بالحياة الجديدة التي فرضت عليهم ، ومن الإجهاد المتراكم والاكتساب الثقافي ، ومشكلة اللغة والتحيز والتمييز من السكان الأصليين، واحيانا الاضطرار إلى السكن في أماكن مزدحمة ومكتظة، وذلك بسبب التكلفة المنخفضة و اضطرار كبار السن للعيش في مسكن واحد مع بقيه أفراد الأسرة مما يحد من حريتهم وضغوطاتهم النفسية بسبب التوتر والمشاحنات نتيجه للاختلاط بين الأفراد وتبايناتهم مما يضاعف معاناتهم وإحساسهم بفقدانهم لديارهم والتخلي عن كل ماعرفوه وارتبطوا به عاطفيا، وترجع أسباب المعاناه لكبار السن أيضاً إلى تصلبهم الثقافي وتقاليدهم وصعوبات اللغة والاندماج في المجتمعات الجديدة وقلة الدعم الاجتماعي . ولذا يعد كبار السن من المهجرين قسرا من أكتر الأشخاص والفئات عرضة للاضطرابات النفسية (الاكتئاب – القلق – إحساس القهر والضياع والإحباط) بالإضافة إلى ضعف الصحة البدنيه (أمراض القلب والسكري مثلا).

ويتعرض الأطفال والشباب المهجرون للإصابة باضطرابات نفسية مماثلة للبالغين، ولكن الاختلاف يكمن في قدرة تلك الاضطرابات علي تشكيل خطورة علي نموهم وانجرافهم في الجريمة وانحرافهم الأخلاقي ومشكلات اضطراب الهوية والانفصال الاجتماعي واعتلال الصحة النفسية للوالدين.

وفي مناطق الإيواء والنزوح تكون البيئة السائدة منفرة ومخيفة، إذ يتكدس السكان في مساحات صغيرة مع إلغاء شبه كامل لمفهوم الخصوصيه، وعدم أو قلة توفر الاحتياجات الأساسية ولذلك يصعب التكيف مع هذا الوضع وتبدأ المشكلات النفسية الناجمة عن التوتر والقلق المستمر بالظهور والإحساس بالغبن والحزن والألم وقلة الحيلة مما يؤدي إلى الإحساس الكامل بالعجز وفقدان الطاقة.

وفي واقع الحال يطغى الاهتمام بالاحتياجات والتحديات المادية على الاهتمام بالصحة النفسية. وفي هذا المقال أدعو إلى تعزيز الصحة النفسية في بلدان العبور والمقصد والمهجر وأماكن النزوح ومعالجة الظروف الاقتصادية والاجتماعية ودمج العلاج النفسي مع برامج الصحة العامة المقدمة لهم وزيادة التمويل من المانحين لمبادرات وبرامج الصحة النفسية للمهجرين وضمان الوصول المتكافئ لخدمات الصحة النفسية والوصول أيضا لبرامج الدعم المجتمعي والحفاظ على وحدة الأسرة ولبقاء أفرادها معاُ، والنشاطات والتعليم والبرامج الترفيهية المناسبة ثقافياً لتقليل الآثار النفسية للحرب والتهجير والضغط الدولي علي التركيز علي أولويات واحتياجات المهحرين الصحية والنفسية والدعم المالي والاجتماعي ووضعها جنباً الي جنب مع باقي الاحتياجات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى