اليوم العالمي للمسرح و إظلام الجنجويد
د. طارق البحر
يصادف اليوم 27 مارس اليوم العالمي للمسرح ، وهو يوم يُحتفي به عالمياً بالمسرح و تفتح فيه أبواب المسارح لدخول جمهور المسرح مجاناً احتفالاً بهذه المناسبة العالمية.
ظل المسرح السوداني يحتفي بهذه المناسبة سنوياً منذ بداية أول عرض مسرحي في العام 1967 علي يد المسرحي الفكي عبدالرحمن.
كما ظلت الفرق المسرحية علي جميع أنحاء ولاية الخرطوم تعمل علي إحياء هذه الذكرى و كذا مسرحيي ولاية الجزيرة بل و كل ولايات السودان ابتهاجاً بهذا اليوم الذي يمثل رمزاً لإحياء جذوة حب المسرح و العمل علي استمرارية الفعل المسرحي علي خشبات المسارح عالمياً و محلياً.
تمر المناسبة هذا العام و الجنجويد عاثوا فساداً علي خشبة المسرح السوداني في مدينة الثقافة أم درمان و تشتت المسرحيون السودانيون في أنحاء البلاد بحثاً عن مسرح جديد و مكان آمن لممارسة هذا الفن الجميل، أبو الفنون المسرح، و قد طوعوا ذلك إلى الممكن حباً للجمهور و أحياء للذكري.
في هذا اليوم علي صفحة المحقق ننشر كلمة اليوم العالمي للمسرح السوداني و التي صاغها هذا العام رئيس نقابة الدراميين السودانيين الفنان المسرحي الرشيد أحمد عيسى.
كلمة اليوم العالمى للمسرح:
الرشيد أحمد عيسى
(لو أن أحداً روى لى هذه الحكاية ..لما صدقت..
ولكن كيف أكذب عيني المليئتين بالدموع..
ويدى الملطختين بالدم
أيها البحر ..أيتها الجزيرة..
أنا مجرم أم ضحية
أنا مجرم أم ضحية..)
الشاعر سميح القاسم..
(أرى على الطريق أشخاصًا عابرين
بعضُ ما بقي مني يرى أشخاصًا
هؤلاء على الأرجح لم يفقدوا شخصًا أحبوه
أم أنهم فقدوه ومع ذلك يكملون الطريق
لا أعرف كيف لا تتوقف أرجلنا عن المشي
حين نفقد شخصا نحبه!
ألم نكن نمشي لا على قدمينا، بل على قدميه
ألم تكن النزهةُ كلها من أجله؟
ألم يكن هو النزهة؟
كيف يمشي واحدٌ إذا فقد شخصًا؟
كان هو الماشي وأنا تابِعُه
كنتُ الماشيَّ فيه
وحين توقفت… لم تعد لي قدمان)
الشاعر
وديع سعادة..
الحرب ليست نزهة..
الحرب قبح شر مطلق
الحرب ضد الجمال ضد البقاء..ضد الإنسان..ضد الفنان..حامل أسئلة الوجود والهوية المهموم بتحقيق قيم الخير والحق والعدل..الفنان ضمير مجتمعه وقيمه وأخلاقه..لذلك نحن ضد الحرب لأنها العدم لأنها الفناء لكل الجمال الذى ننشده..
ظل فنان الدراما فى وطننا ومنذ أكثر من مائة عام ونيف يعمل على تحقيق حلم إنسان السودان فى بناء وطنه ..
..بدأ بمسرح تعليمي توعوي من لدن بابكر بدرى مروراً بمامور القطينة مسرحية نكتوت..ثم مسرحاُ مقاوماً للاستعمار عبيد عبدالنور ..صديق فريد..على عبداللطيف..
ثم مرحلة البناء لنسيجنا الإجتماعي..العبادى ألمك نمر..والدعوة المبكرة للوحدة الوطنية
جعلى ودنقلاوى وشايقى ايش فايداني
غير أسباب خلاف خلت أخوي عاداني..
خلوا نبانا يوصل للبعيد والداني..
يكفى النيل أبونا والجنس سوداني..
ومن ثم أبوالمسرح السوداني خالد أبوالروس..وجيل عظيم من الآباء .. ميسرة السراج..الفاضل سعيد
احمد عثمان عيسى ..
محمود سراج ابوقبورة
سارة محمد..اسماعيل خورشيد..محمد خلف الله ..تور الجر..عثمان أحمد حمد..مكي سنادة..يوسف عيدابى..هاشم صديق..الريح عبدالقادر..يحى الحاج إبراهيم..عزالدين هلالي.. ابوالعباس محمد طاهر..نفيسة محمد محمود..
عثمان جمال الدين..سعد يوسف..محمد خوجلي مصطفى..محمد رضا حسين..
خطاب حسن أحمد.. عبدالعزيز العميرى..
فتحية محمد أحمد..بلقيس عوض..رابحة أحمد محمود..محمد شريف على..حسبو محمد عبدالله..إبراهيم حجازي..يوسف خليل..عثمان على الفكى. صلاح الدين الفاضل..منى عبدالرحيم..سمية عبداللطيف..تحية زروق…هؤلاء بعض من أهراماتنا التى كانت معالم لحضرة مسرحنا العظيم..
من هؤلاء خرجنا لنحمل معاول التغيير والبناء ..
كان لنا آباء عظماء قدموا تضحيات مستحقة لهذا الوطن لم يكلوا لحظة عن عشقهم لمسرحهم الوطن..لجمهورهم لشعبهم الذى أحبهم وأحبوه..
لم يتوقف عطاء فنان المسرح ..رغم أن الدولة لم تكن على قدر الوفاء.. ثم كان المعهد العالى للموسيقى والمسرح قلعة المعرفة التي حققت الاستمرار على الطريق المنشود
لتقدم أرتالاً من المبدعين
نشروا تلك الثقافة على امتداد المليون ميل..حملوا أشواق وتطلعات الوطن فى رؤاهم ومضوا بالحلم إلى أن وصلنا لما وصلنا إليه من نهايات كان الفنان يراها يستشرفها ، يحذر منها ..دورنا هو الإشارة إلى مواطن الخلل والخطر..أن ندرك الشر قبل وقوعه..أن نجعل الجمال منهجناً للتغيير..
رغم الحرب والقتل والدمار والنزوح والتشرد
والاغتصاب والقهر والمرض والجوع..كان فنان الدراما مع شعبه وأهله..نازحاً مقهوراً..جائعاُ مريضاً منهكاً..لكنه لم يتوقف عن لعب دوره.
كانوا فى كل مدن النزوح يقدمون مسرحا يعالج قضايا الحرب..عملوا على إعادة تأهيل الناس فى مراكز الإيواء.. قدموا مسرحاُ هادفاً ..مسرحا للطفل..
حكوا قصص الحرب فى الاغتصاب والقتل ..كانوا مع الناس عبروا عن حسهم ..كانوا صادقين
كانوا مع شعبهم لم يهربوا إلى عواصم العالم
تاركين أهلهم يعانوا من تلك الويلات..
نحن الدراميين، نعمل على إعادة تشكيل تجربة الإنسان والعلاقة بينه وبين واقعه بتقديم وعى جديد لهذه العلاقة من خلال منجز جمالي يفسر هذه العلاقة..
سيظل موقفنا من الحرب موقف وجودي
لأن الحرب هى العدم..
ولان الحرب ضد السلام
ولان الفن هو السلام..
وكما قال سيدنا خورشيد
كلما بفتح مسرح بفرح وكلما بفرح بفتح مسرح..
نقيب الدراميين السودانيين