بعد خمس سنوات: الخديعة والهلاك..
د. إبراهيم الصديق على
بعد خمس سنوات من التغيير فى 11 أبريل 2019م ، ما هى النتائج والخلاصات..؟
الوطن الذى نجح فى إيقاف الحرب فى جنوب السودان ذلك العام وبدأ وساطة بين فرقاء أفريقيا الوسطى ، هو اليوم فى حالة حرب، نتيجة انسداد الأفق السياسي وسياسة طائشة بأجندة مريبة أحدثت إنقساماً فى كل شىء وقادت البلاد للمجهول.. وقد عبر عنها د. عبد الله حمدوك فى بيانه 30 يونيو 2021م (نكون أو لا نكون).. ومارست قوى الإطاري عام 2023م إبتزازاً غير معهود (هذا أو الطوفان) .. وقد كانت الحرب المدمرة..
البلاد التى أستضافت أكبر كتلة من اللاجئين عالمياً دون مساعدات عالمية تذكر ، هي اليوم أكثر مناطق العالم نزوحاً ، و لجوءاً إلى الداخل أو دول الجوار..
بلد السماحة ، والمواطنة الذي شهد توافقات كبيرة في الحوار الوطني ، هو اليوم ساحة لأقبح الجرائم والإنتهاكات على مدار التاريخ الإنساني الحديث والقديم ، تتبدى أسوأ صور الإرتزاق من الأجانب وعرب الشتات وشواهد الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير القسري والقتل والسلب والإغتصاب وإختطاف النساء والفتيات وبيعهن فى اسواق النخاسة ، كل ذلك تمارسه مليشيا الدعم السريع..
بعد خمس سنوات من ذلك اليوم توزعت قوى التغيير السياسية والمجتمعية إلى أكثر من 15 فرقة وجماعة ، كل واحدة تدعي تمثيل المشهد وتتحدث باسمه وليس مِن بينهن مَن لديها القدرة على المناداة بإستفتاء أو إنتخابات أو على الأقل الإصطفاف مع الشعب فى معاناته وأحزانه.. كلهم بلا قواعد ، وبلا رؤية..
بعد خمس سنوات كان خيار بعض الناشطين الإختباء في عربة صغيرة قبل ساعات من إشعال الحرب فى 15 أبريل 2023م ، لإجراء محادثات غير مراقبة!! وبعد عام من الإختباء خلف أجندة (الحياد) قولاً، والإسناد للمليشيا فعلاً وتدبيراً ، فإنهم الآن فى شتات بلا موقف سياسي مشرف ويبعثون ببعض الإدانة لحفظ ماء الوجه.. إنها محن الانتقال الإقصائي..
نقطة وسطر جديد
الوطن الذى أرادوا تفتيته و تفكيك قواه الرئيسة وتكالبوا عليه بالمؤامرات من خلال تشكيلات وهمية ومسميات بلا قواعد هو اليوم ، أقوى – بفضل الله – من خلال اصطفاف وطني وتماسك ووعي بالمهددات والمخاطر والتحديات. والجيش الذى أرادوا تفكيكه هو اليوم أقوى بإسناد أكثر من 5 ملايين مواطن مقاوم وإلتفاف شعبي غير مسبوق.. إنها معركة فرز المواقف التى فرضت على الوطن وقائد المليشيا ينادي صبيحة 15 ابريل 2023م (البرهان وقادة الجيش محاصرين وعليهم تسليم أنفسهم)!! وهو اليوم – أي حميدتي – خارج البلاد وخارج المشهد وتحول الى أداة (تلويح) ..
نقطة سطر جديد..
كان 11 أبريل 2019م ، لحظة تغيير ، لابد من تفهم دواعيها ، مهما كانت التداخلات والتفسيرات، وقلب تلك الصفحة وبداية أخرى ، من حيث انتهت، ولكن لأن نفوس بعض قادة الخديعة، لم تكن خالصة، فقد أنتهينا لهذا المأزق التاريخي..
ومن العيب ، ألا نتعلم من عبر الأحداث والوقائع وهى شاخصة أمامنا..
وما يشرح الصدر أن المجتمع فى حالة تشكل قناعات جديدة ووعى أكثر ، وما لم تتعظ القوى السياسية والمجتمعية والمدنية ، سيجدون أنفسهم فى زوايا النسيان..