تطبيق تليغرام بين معايير الأمان والتوظيف

المحقق – خاص
يستخدم الملايين من الناس تطبيق “تليغرام” يومياً للدردشة وإرسال الملفات المختلفة، ورغم أن معظم هؤلاء يستخدمونه باعتباره تطبيقاً عادياً كبقية تطبيقات التواصل الإجتماعي مثل واتساب وانستغرام وغيرها، لكن عدداً كبيراً من هؤلاء المستخدمين يستخدمون تليغرام تحديداً معتبرين أنه تطبيق آمن، يحميهم من التطفل والتجسس على رسائلهم وملفاتهم ومحادثاتهم.
فريق “المحقق” الإخباري، تقصى من هذه الفرضية، و وصل إلى نتيجة مفادها أن الحقيقة ليست بالضرورة كذلك، والسبب يعود للجانب البشري والتشغيلي للتطبيق، أكثر من الجانب الفني.
نشأة التطبيق
تطبيق تليغرام، الذي بدأ سنة 2013 أصبح اليوم من بين أكثر 10 تطبيقات يتم تنزيلها في العالم، وله أكثر من 500 مليون مستخدم نشط. كان التطبيق قد تأسس على يد الأخوين نيكولاي وبافيل دوروف وهما روسيان كانا قد أسسا شبكة تواصل إجتماعي تدعى فكونتاكتي في روسيا، وهي الأكبر هناك.
ويقول فريق “المحقق” أن تطبيق تليغرام حين بدأ العمل، قدم نفسه باعتباره يركز على الأمان والتشفير، وكان ما ميز التطبيق أن اعتمد بروتوكولاً خاصا به للتشفير والاتصال بدلاً من الاعتماد على البروتوكولات الموجودة في السوق (البروتوكول هو الطريقة التي يتم فيها نقل البيانات بين طرفين). هذه النقطة تحديداً كانت سبب الانتقادات التي واجهت التطبيق من خبراء التقنية، حيث جادلوا بأن الاعتماد على بروتوكول خاص للتشفير (اسمه MT Protocol) يجعل تليغرام غير آمن لأن هذا البروتوكول جديد، والثغرات الموجودة فيه لم يتم بحثها وتحليلها كما هو الحال مع البروتوكولات الموجودة. وكانت النقطة الأخرى التي جلبت الإنتقادات الأمنية لتليغرام أنه يحتفظ ببيانات الاتصال والرسائل والوسائط المشفرة مع بعضها مرفقةً بمفاتيح فك تشفيرها على أجهزة تخزين (سيرفرات) الشركة.
ورغم أن شركة تليغرام تقول بأن ذلك يساعد أمان البيانات، لكن وجود البيانات في مكان واحد هو ثغرة قابلة للاستغلال، تماماُ كوضع البيض في سلة واحدة، حسب رأي خبراء التقنية.
شركة متعددة الهويات
شركة تليغرام نفسها تم تسجيلها في البداية في ألمانيا كشركة تضامنية محدودة المسؤولية، مما يعني أنها لا تضطر لكشف أماكن مكاتبها وشخصيات موظفيها (تقول الشركة أن ذلك يساعدها في تجنب الاستجابة للطلبات الحكومية لكشف بيانات المستخدمين) لكن هذه النقطة قدمت تليغرام كشركة غامضة، كأنها كيان مخابرات خفي.
و واجه تطبيق تليغرام الانتقادات وتعرض للحظر الدائم أو المؤقت في عدة دول، منها إيران، والصين، والبحرين وأندونيسيا، وباكستان، والهند، وبيلاروس، وتايلاند، والعراق، وأزربيجان، وحتى روسيا التي ينتمي إليها مؤسساه.
مدير متعدد الجنسيات
مدير ومؤسس تليغرام حاليا هو بافل دوروف وهو رائد أعمال روسي يحمل أيضاً جنسيات فرنسا والإمارات وسانت كيتس ونيفيس. ويلاحظ من تعدد الجنسيات التي يحملها الطبيعة الغامضة لتكوين شركته، وعلاقاتها الدولية المتشابكة.
كان دوروف قد اعتقل بواسطة الشرطة الفرنسية في 24 أغسطس 2024 فور هبوط طائرته الخاصة في باريس، وذلك بموجب مذكرة تفتيش بتهمة عدم اتخاذ إجراءات ضد الاستعمال المسيء لتطبيقه من جانب بعض المستخدمين.
وكان بافال دوروف نفسه قد تعرض للتجسس من قبل حكومة دولة الإمارات وأيضاً من قبل فرنسا، حيث تم اختراق هاتفه، وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية التي أشارت إلى أنه أصبح هدفاً لعملية تجسس مشتركة بين الدولتين في عام 2017 و أطلق على هذه العملية اسم “الموسيقى الأرجوانية”، حيث اخترق جواسيس فرنسيون وإماراتيون هاتف دوروف.
قلق يتحول إلى شراكة
وقالت صحيفة وول ستريت جورنال أنه تم استهدافه لأن حكومة الإمارات كانت قلقة بشأن استخدام تطبيق تيليغرام من قبل النشطاء المؤيدين للديمقراطية والمعارضين.
ولاحقا وبطريقة غامضة انتقل دوروف إلى الإمارات، وحاز على جنسيتها عام 2021، وفتحت له الأبواب، ونقل نشاط شركته إليها، بما في ذلك عدداً كبيراً من السيرفرات المشغلة للتطبيق، والتي تحوي بيانات ملايين المستخدمين. وتقول تقارير منظمات حقوق الإنسان أن انتقال دوروف للإمارات وحصوله على جنسيتها وعمله مع الحكومة الإماراتية هو اختراق مؤكد للتطبيق، تحصل من خلاله الإمارات على وصول كامل للتطبيق، وتكشف بيانات المستخدمين.
وكانت الإمارات قد اشترت حصة من التطبيق تم الإعلان عنها حيث دفعت للشركة أكثر من 75 مليون دولار.