خبراء في القانون الدولي لـ “المحقق”: لو تم اعتماد توصية الكونغرس ستتعرض الدول والأحزاب التي تدعم المليشيا للمساءلة

القاهرة – المحقق- صباح موسى
قبل أيام أصدر مجلس النواب الأمريكي )دورة الكونغرس رقم 118 -2023-2024(، مشروع قراراً بالرقم H.Res.1328 يصنف الأفعال التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع في دارفور، بأنها جريمة إبادة جماعية، و قدم المشروع عضو مجلس النواب جميس جون عن الحزب الجمهوري، وهو حزب الرئيس الأمريكي المنتخب حالياً لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.
توثيق الإنتهاكات
المشروع تم رفعه لمجلس النواب في 27 يونيو 2024 بعد تواتر التقارير و المعلومات والتوثيقات التي بدأت منذ قتل و سحل والي غرب دارفور خميس أبكر علي أيدي ذات المليشيا وقوات موالية لها في العاصمة الجنينة في يونيو 2023، وذلك عقب مقتل 1100 من المدنيين وفقاً لمنظمة هيومان رايتس ووتش، في الجنينة وحدها منذ منتصف أبريل عندما هاجمت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها المجموعات التي شكلتها قبائل المساليت للدفاع عن نفسها في المدينة، وأسفر القتال عن نزوح جماعي للمجتمعات غير العربية، وارتكبت مليشيا الدعم السريع والمجموعات المتحالفة معها أعمال نهب وحرق واسعة النطاق وهاجمت البنية التحتية المدنية الحيوية، بما في ذلك مخيمات النازحين داخلياً والمستشفيات والأسواق. وقتل المهاجمون أيضاً قادة محليين ومدافعين حقوقيين، من بينهم محاميان على الأقل كانا يمثلان ضحايا الهجمات السابقة للجماعات في الجنينة.
وأتى مشروع القرارعلى الخلفية المباشرة للأحداث السابقة، وهو في ملخصه الذي نشر على موقع الكونغرس الأمريكي هذا الأسبوع (يدين الفظائع التي ترتكبها قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها ضد شعب المساليت والجماعات العرقية غير العربية الأخرى في منطقة دارفور بالسودان).
نقطة تحول
ويعد هذا القرار نقطة تحول كبيرة تجاه الأزمة السودانية، تعكس مدى تضارب المواقف بين المؤسسات في الولايات المتحدة الأمريكية حيال هذه الأزمة، ففي الوقت الذي أخذت فيه الخارجية الأمريكية في ولاية بايدن تغرد بعيداً عن موقف الكونجرس، يخرج الأخير بهذا القرار، فماذا يعني ذلك، وماهي الآثار المترتبة حال إعتماده وتصنيف الدعم السريع بالفعل مليشيا إرهابية؟
احتمالات عدة
من جانبه أوضح رئيس المجلس السوداني الأوروبي والخبير السوداني في القانون الدولي الدكتور محمد زين آثار توصية الكونغرس الأمريكي بتصنيف مليشيا الدعم السريع كمجموعة إرهابية أنه سيفتح الباب أمام عدة احتمالات. وقال زين لموقع ” المحقق” الإخباري إن أولى هذه الإحتمالات هي موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي على توصية تصنيف قوات الدعم السريع كمجموعة إرهابية، وإن ذلك يعتمد على عدة عوامل، منها الإجماع السياسي، إذا كان هناك دعم من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، مضيفاً أعتقد أن فرصة الموافقة أعلى، كذلك وجود ضغط كبير من منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني، ومن جانب ثالث قلق من بعض أعضاء مجلس الشيوخ بشأن التأثيرات السياسية والاقتصادية لهذا التصنيف على العلاقات مع السودان والإمارات ودول أخرى في المنطقة.
تأثيرات دولية
وتابع إن توصية الكونغرس الأمريكي بتصنيف مليشيا الدعم السريع كمنظمة إرهابية تكون لها آثار متعددة وأهمها تأثيره على العلاقات الدولية، وخاصة مع دول الإمارات و تشاد و يوغندا و أفريقيا الوسطى وليبيا حفتر، ودول وشركات متعددة الجنسيات في دعمها وتعاونها مع مليشيا الدعم السريع، وأضاف أنه في حال تم التصنيف فإن ذلك يفتح المجال واسعاً لفرض عقوبات إقتصادية ومالية، مما يؤثر على قدرة المليشيا على الحصول على أسلحة أو ذخائر، وواصل من جانب ثالث هذه التوصية يمكن أن تشجع برلمانات أخرى على إتخاذ مواقف مماثلة مما يزيد من الضغط على مليشيا الدعم السريع، ومن جانب رابع و بطبيعة الحال تصنيف المليشيا كمجموعة إرهابية يؤدي إلى تصعيد عنيف لحربها ضد الدولة والشعب السوداني، مما يتسبب في تفاقم الأوضاع الإنسانية من جرائم حرب ضد المدنيين ومنع توصيل المساعدات الانسانية، زيادة عدد النازحين داخلياً، واللاجئين للخارج.
تعريض للمساءلة
وابان الخبير السوداني في القانون الدولي أنه من الآثار المحتملة أيضا الضغط الأمريكي غير المباشر على حكومة السودان وعلاقتها مع روسيا والصين وتركيا، ومحاولة السيطرة على عدم تطوير الجيش ودعم قدراته في حسم الحرب لصالحه، وقال من جانب آخر في حاله ارتبطت أي دول مثل الإمارات أو شركات أو أحزاب سياسية مثل قحط او تقدم أو سياسيين مع مليشيا الدعم السريع الإرهابية فإن تصنيفها كمنظمة إرهابية قد يعرضهم للمساءلة من المحكمة الجنائية الدولية أو لعقوبات اقتصادية أو تجميد أصول، مما يؤثر على الأعمال والإستثمارات للدول كالإمارات أو شركات مالية ضخمة مملوكة لبعض السودانيين الداعمين لمنظمة مليشيا الدعم السريع الإرهابية، معرباً عن إعتقاده بأن كل الإحتمالات مفتوحة في حال تصنيف الدعم السريع مليشيا إرهابية.
وسيلة ضغط
من جهته أوضح الخبير الأردني في القانون الدولي أالدكتور هزاع المجالي أن أي قرارات تصدر من الكونغرس والإدارة الأمريكية عادة تكون مرتبطة بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة. وقال المجالي لموقع “المحقق” الإخباري أنه من المعروف أن الصراع في السودان مرتبط ارتباطاً خارجياً بشكل كبير، مشيراً إلى أن هناك صراع روسي أمريكي على السودان، وكذلك بعض دول الخليج، لافتا إلى أن هناك تفاهمات مع الجيش السوداني مؤخراً في محاولة للضغط على الدعم السريع، وقال إن هذا المشروع سوف يحد من تدفق السلاح في هذه الحرب، مضيفا أنه في النزاعات المسلحة إذا عرف السبب تم الوصول إلى الحل، ورأى أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تميل نحو الجيش السوداني بشكل ملحوظ، وقال إن هذا الموقف جاء متأخراً، وربما يضغط بشكل كبير على الدعم السريع، موضحاً أن الجمهوريين وإدارة ترامب تختلف في تعاملها مع النزاعات المسلحة عن الديمقراطيين وإدارة بايدن، وأن الأولى أكثر حزماً في مثل هذه التعاملات.
سيحتاج لوقت
وأشار الخبير الأردني إلى الانتهاكات الكبيرة لحقوق الإنسان والإغتصابات في الحرب في السودان، وإلى أن أصابع الإتهام تشير إلى الدعم السريع بشكل كبير فيها، مؤكدا أن أمريكا باتت على قناعة بإيقاف هذه الحرب، وتحديد من هو الطرف الذي يقوم بهذه الإنتهاكات والجرائم، وقال إن المرحلة في أمريكا إنتقالية الآن بين بايدن وترامب، وأن الجمهوريين بدأوا يجهزون لإدارتهم، مضيفا أن هناك تفاهم بين الديمقراطيين والجمهوريين حول هذه الأزمة، ما دفع مجلس الشيوخ للخروج بهذه التوصية، مبينا أنه سيحتاج لبعض الوقت حتى دخول ترامب للبيت الأبيض، معربا عن اعتقاده بأن المشروع طالما تم طرحه فإنه سيتم النظر فيه وأنه سيؤثر على الأزمة بالفعل، لافتا إلى أنه محاولة للضغط على الدعم السريع، وقال إذا ما تم تصنييف الدعم السريع مليشيا إرهابية سيؤثر بشكل كبير عليها وعلى داعميها وأذرعها.