حوارات

رئيس شعبة مصدري اللحوم في حوار مع “المحقق”: كل المسالخ بولاية الخرطوم متوقفة والمنافسة شرسة بين صادر المواشي الحية وصادر اللحوم

مصر أكثر الدول طلباً لصادر اللحوم، وفقدنا أسواقاً عالمية بسبب الحرب، لكن المشاكل في باب المندب أعادت الطلب على اللحوم السودانية

قال رئيس شعبة مصدري اللحوم دكتور خالد المقبول إن المصدرين يمولون أنفسهم بأنفسهم، وأن تأثيرات الحرب على قطاع الصادر متعددة الأوجه مع وجود تباين بين قطاع وآخر بحسب تباين القطاعات نفسها، مشيراً إلى أن صادر اللحوم غير بعيد من هذة التأثيرات التي ساهمت بشكل واضح في انخفاض حجم صادر اللحوم إلى الأسواق العالمية بعد أن كان كان يلقى رواجاً ظاهراً.

رئيس شعبة مصدري اللحوم ، خالد المقبول فصَّل في حواره مع “المحقق” أشكال التأثير الكبير للحرب على استثمارات صادر اللحوم وشكا من القيود الحكومية المفروضة والتي رأى أنها أثرت على تنافسية السلعة بجانب السقوفات الضعيفة للتمويل المصرفي .. “المحقق” طرح قضايا كثيرة على رئيس الشعبة في هذا الحوار فإلى ما قال.

 

حوار : نازك شمام

 

كيف أثرت الحرب الدائرة الآن على صادر اللحوم؟

 

اللحوم كان لها نصيب أوفر في التأثر من الحرب، فاللحوم معروفة بأنها سلعة تعطي قيمة مضافة للمواشي، وبدلاً عن تصدير الحيوان حياً، هناك أشكال متعددة من الفوائد عندما يتم ذبحه، إذ يمكن أن يستفيد السوق المحلي من أشياء كثيرة كجلود الحيوانات و المخلفات مثل الأرجل التي تشكل مصدراً للجلاتين ولديها فوائد كثيرة جدا غير الأكل، وأيضاً يتم الاستفادة من الدماء التي تتحول إلى صناعات متقدمة جداً، و يُستفاد مما يُستخرج من أمعاء الحيوان الذي يتم تصنيعه إلى سماد وغاز طبيعي، فلا يوجد مخلف من الحيوان لا يمكن الإستفادة منه، وهذا يخلق فرص عمل كبيرة جداً وفي نفس الوقت يعظم الفائدة التي نحصل عليها من التصدير عكس عن تصدير الحيوانات الحية.

هذه اللحوم حتى تصدر تحتاج إلى مسالخ حديثة باشتراطات كبيرة وتحتاج أيضاً إلى مصانع لحوم حتى يكون الأمر أكبر من ذبح خروف لإحداث معالجات وتصنيعات مميزة وقطعيات محددة واستخراج العظام وهذا برنامج كبير وهذا يتطلب استثمارات كبيرة في هذا المجال وأيضاً يحتاج تصدير اللحوم نفسه إلى استثمارات في سلاسل التبريد سواء كان الثابت أو المتنقل والمتحرك برياً وبحرياً وجوياً ويحتاج أيضاً إلى قرى متخصصة للصادر تستوفي اشتراطات معينة لأنها سلعة حساسة يتعين المحافظة عليها من التلف، وأيضاً المسالخ والتبريد تحتاج إلى إمداد مستقر ومستمر من المواشي وهذا يتطلب استثماراً في الروابط الخلفية بتغذية المسالخ بأنواع جيدة من الحيوانات ومستديمة وبالتالي تشجيع الاستثمار في مجال الإنتاج الحيواني وليس في تجارة الحيوان فحسب فتجارة الحيوان تنشط عندنا ولكن المطلوب هو تشجع الإنتاج الحيواني من خلال إقامة مشاريع زراعية للاستفادة من المنتجات الزراعية في تغذية الحيوانات

 

هل يعني هذا أن الحرب أثرت على هذه الاستثمارات؟

 

كل هذه الاستثمارات تمت في الفترة قبل الحرب ونما هذا القطاع بشكل كبير وحصل على استثمارات في صناعة الأعلاف وفي مسالخ حديثة وفي سلاسل تبريد ونقل مبرد وقرى الصادر وفي التغليف والتعبئة وكل هذه صناعات مصاحبة كانت هذه الأشياء موجودة وتدعم صناعة اللحوم وأيضاً جاءت مصانع للاستثمار في تصنيع اللحوم وجاءت مصانع لتصنيع المنتجات الثانوية من الذبائح .. كانت هنالك نهضة كبيرة في هذا المجال ولكن الحرب مثلما أثرت في كل القطاعات أثرت سلباً في صادر اللحوم لأن كثيراً من هذه المصانع والمسالخ دُمرت وتم نهبها، وحيوانات حية فقدت، وكذلك أدوات نقل بينها عربات مبردة، فالأثر كبير جداً وليس هذا فقط فقد انعكس الأمر على المربين الذين تغذي حيواناتهم تجارة اللحوم مما أثر على المنتجين و على الأسواق الأولية والوسيطة والنهائية، وحدث انقطاع للطرق المتعارف عليها في التداول وفي الأسواق وفي الآليات وتباعدت الخطوط بل انقطع بعضها تماماً مما أفرز إشكالية في استدامة الإمداد واستدامة الجودة في الحيوانات لمعرفة المنتجين بكل ما يخص الحيوان بالإضافة إلى تكامل الحلقة من منتجين للحيوان وبنوك التمويل ومصدر جاهز ينسق مع هذه الدائرة بشكل كامل ومع المستورد، كل هذا كان يحصل قبل فترة وهذه المنظومة أضحت في وضع صعب جداً نتيجة عدم وجود يقين في أي شيء لأنه لا يمكن الجزم بأن عملية التصدير ستتم أم لا.

الإمداد أصبحت به مشكلة ومواعين الصادر أيضاً بها مشكلة والنقل والوقود والعربات المتخصصة في النقل سواء للمواشي الحية أو الذبيح كل هذه تضررت جداً وارتفعت الأسعار بشكل كبير وأصبح الإمداد غير مستقر والأسواق نفسها تموضعت في مناطق جديدة والمسارات طالت جداً وأفرزت إجهاداً على الحيوان و زيادة في الأسعار وفي نفس الوقت تأثرت النوعية وجودة الحيوان نتيجة لانقطاع السلاسل الغذائية والمصانع والزراعة وغيره.

القطاع يحاول أن يتعافى وان يعالج نفسه بنفسه لكن أثر الحرب كبيرة جداً.

 

ماهو وضع المسالخ الآن وكم عدد المسالخ التي خرجت والمسالخ العاملة؟

 

هنالك مسالخ خرجت الآن تماماً من دائرة العمل بالذات المسالخ الموجودة في ولاية الخرطوم، وهي كانت المسالخ الرئيسية، في الخرطوم بحري هنالك مسلخ الكدرو وهو أكبر وأحدث مسلخ وهذا الآن خارج الخدمة، في أم درمان يوجد مسلخان (مسلخ شاهين ، مسلخ كرري الوطني)، وهما من المسالخ الكبيرة جداً وكلاهما أيضاً خارج الخدمة وكذلك يوجد مسلخ قناوة وهو من المسالخ المتوسطة الذي يعمل لبعض الدول توقف ايضاً، وفي الخرطوم يوجد مسلخ جيمكو (شركة الجزيرة العالمية للحوم) ويقع في منطقة الجديد الثورة متوقف أيضاً.

وخارج ولاية الخرطوم يوجد مسلخ نيالا وهو متوقف منذ ما قبل الحرب ، هنالك مسلخ الساحل في سواكن هذا يعمل بالإضافة إلى مسلخ تالا في مشروع تالا الزراعي في شندي وهذا تم افتتاحه منذ شهور قليلة خلال فترة الحرب وهو مملوك لشركة تالا وهي شركة سعودية وأجيز للتصدير للسعودية وهذا المسلخ كان للمواشي الصغيرة الضأن والماعز، ومن الأشياء المبشرة أنه منذ شهرين بدأت هذه الشركة في إنشاء خط للأبقار والعمل فيه يتم بقوة ويتوقع افتتاحه في القريب العاجل وهذه إضافة كبيرة جداً ستعوض كثيراً من الفقد الذي حدث في ولاية الخرطوم.

أما مسلخ بورتسودان فيعمل ولكن هو في مرحلة إعادة تأهيل وهنالك مسلخ جديد في القضارف وهو مسلخ كبير كان مملوكاً للولاية وأعيد تاهيله بواسطة مستثمرين سودانيين وشركاء من خارج السودان، والآن هو في انتظار التصاديق النهائية من الوزارة للتصدير لمصر وللخليج وغيره وسيكون إضافة كبيرة وسيخفف من الأثر الموجود على صادر اللحوم والمسالخ التي تضررت.

 

هل توجد تقديرات لحجم صادر اللحوم الحية والمبالغ التي تجنيها الخزينة العامة منها؟

 

حدث انخفاض كبير جداً لصادر اللحوم في العام الماضي حيث لم تتجاوز الصادرات خمسة ألف طن، الانخفاض كان كبيراً جداً مقارنة بما كان عليه الوضع قبل الحرب، حيث وصل حجم الصادرات لما يقارب الثلاثين ألف طن، وكنا موعودين بزيادات ضخمة في الصادر ولكن الحرب قزمت هذا الوضع، وأثر توقف المسالخ بصورة كبيرة جداً وبقية العوامل المذكورة.

 

ماهي أكثر الدول التي تستورد لحوماً من السودان؟

 

الدول التي تستورد اللحوم السودانية في مقدمتها مصر ودول الخليج جميعها، وأيضاً صدرنا للعراق وكان لدينا شحنات تجريبية لجنوب شرق آسيا (ماليزيا وغيرها) وهنالك بعض الدول ذهبت إليها مخلفات حيوانية مثل الصين وماليزيا وأمريكا وكنا موعودين بأشياء كثيرة جداً في هذا المجال وانفتاح على أسواق جديدة.

 

هل وضعت غرفة مصدري اللحوم أي خطة أو خارطة طريق لتنمية صادر اللحوم وانقاذ الإقتصاد السوداني من براثن الانهيار؟

 

نريد أن نقول إننا كشعبة لحوم متخصصة في هذا المجال مهمتنا المتابعة اللصيقة والاطلاع على الأوضاع والوقوف عليها وعلى أوضاع المنتجين والتجار وأوضاع المسالخ ومصنعي الأعلاف وحتى البنوك ، وقد تحركنا في إطار وضع خطة عمل أو خارطة طريق لإنقاذ القطاع، الشيء الذي طرحناه الآن هو الاجتهاد في تفعيل المسالخ التي انشئت حديثاً بقدر الإمكان ولدينا رؤية للأسعار والضرائب والعوامل التي تقعد بعملية صادر اللحوم.

 

ماهي الصادرات الأكثر طلباً المواشي أم اللحوم؟

 

هنالك منافسة شديدة جداً خاصة في موسم الأضحية وقبله وبعده، فالأسعار ترتفع بصورة كبيرة لوجود طلب على المواشي الحية في موسم الأضحية، وهناك تفاصيل كثيرة تتعلق بالأوزان التي تفضلها بعض الدول وبكيفية إعداد الذبيح للصادر، والخلاصة أن السوق الخارجي منفتح على الخيارين لكن علينا في السودان أن نذهب للخيار الذي يعظم الفائدة من ثروتنا الحيوانية.

 

هل من قيود تضعها الحكومة على صادر اللحوم أم أنها مثل الصادرات الأخرى التي تتمثل تحدياتها في الرسوم والجبايات المتعددة ؟

 

نطالب الدولة بأن تخفف الضغط على التكلفة ودفع ال 10 % من الضرائب التي فرضت على الصادر وهذا شيء غير طبيعي وأيضاً نتحرك في إطار موضوع الدفع المقدم لأنه يشكل ضغطاً كبيراً جداً على المصدرين ، ونسعى لتقديم تسهيلات للسادة المستثمرين في مجال إنتاج المواشي واللحوم بأن تُقدم لهم التسهيلات الكافية واللازمة، وقد رفدنا الدولة بكثير من الخطط والبرامج ولدينا الكثير ونحن في حالة تفاعل مستمر للذهاب إلى الأمام وتعظيم الفائدة من هذا القطاع الهام.

 

في ظل تعطل المنظومة المصرفية وعدم قدرة البنوك على التمويل كيف يستطيع مصدرو اللحوم مجابهة الأمر ؟

 

واحدة من المشاكل الحالية هي أوضاع المنظومة المصرفية والتي عانت مثلها مثل كل القطاعات الأخرى، وفي الأصل البنوك السودانية ضعيفة ولديها مشكلات كثيرة من زمان والآن تفاقمت المشكلات التي كنا نشتكي منها وأبرزها أن السقوفات غير مناسبة وغير متاحة للصادر مثلها مثل التجارة الداخلية والهوامش عالية والضمانات متعسفة جداً ولا تاتي في وقتها وكل هذه المشكلات زادت الآن حتى التمويل المتاح ضعيف جداً.

قد يكون مطلوباً من الدولة أن تدعم هذه البنوك عبر الدمج، وتضع معالجات حتى تقوى هذه البنوك وفي نفس الوقت تصوب أداءها نحو دعم حركة الصادرات بشكل عام وصادرات اللحوم التي تحقق قيمة مضافة بشكل أكبر ، الآن المصدر السوداني يمول نفسه بنفسه وهذا يحد كثيراً من عملية التصدير لأن كثيراً من الناس فقدت رؤوس أموالها بسبب الحرب، فالفترة الحالية تحتاج إلى سياسة خاصة تهندس وتصمم من المعنيين في وزارتي التجارة و المالية وبالتنسيق معنا في إطار كيفية إيجاد صيغ مناسبة للتمويل وإيجاد حلول للمشاكل والدفع بعملية الصادر إلى الأمام

 

هل تأثر الطلب العالمي على اللحوم بعد الحرب؟

 

تأثرت صادرات اللحوم على الرغم أن الطلب كبير جداً عليها سواء من المواشي أو اللحوم .. فقطاع الماشية كان أداؤه ممتاز جداً العام الماضي بالرغم الحرب والعوامل المذكورة وكان الطلب عليه عالياً، وأصبح الطلب مركز على السودان بعد مشكلة باب المندب، والآن في خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام وصلت حجم الصادر إلى ستة مليون رأس حي بعد أن كان تراجع إلى مليونين، وهذا يعني أن هنالك تقدماً إيجابياً وهنالك جهداً كبيراً مبذولاً من التجار ومن الوزارة أيضاً في المحافظة على سمعة السودان من النواحي الصحية ونحاول أن نرتقي بحجم صادراتنا.

وقد تلقت الوزارة إشادة من وزارة المالية على أدائها المتميز في ظل الحرب.

 

هل فقد السودان أسواقاً خارجية لصادر اللحوم بسبب الحرب؟

 

بالنسبة للحوم فقدنا أسواقاً نتيجة لانكماش حجم الصادر والضرر الذي حصل للمسالخ والمنافسة الشرسة، وأيضاً بسبب قيود الحكومة بوضع ضرائب ورسوم على الصادر حيث فرضت جمارك عشرة بالمئة وفرضت الدفع المقدم، هذا مع ضعف البنوك في تمويل الصادر والجبايات التي ترتفع يومياً من المواصفات والبنوك وغيرها.

إذا كانت الدولة تريد موارد فمن المفترض أن تفكر في أثر الرسوم التي تفرضها على قدرة السلعة على المنافسة لأن السلع تذهب في أسواق مفتوحة بها لاعبون آخرون وإذا حملت السلعة تكاليف أعلى فذلك يقلل من تنافسيتها وبالتالي فإن حجم الصادر سينكمش ويقل وبالتالي سينخفض عائد الدولة من الموارد الأجنبية أو من الضرائب بالإضافة إلى أن المردود غير المباشر من تشغيل عمالة ومن تحريك دورة الاقتصاد سيضعف أثره وهذه جميعها أسباب من المفترض أن يضعها متخذ القرار نصب عينيه ويفكر فيها قبل فرض رسوم أو جبايات.

 

هل هنالك منظمات تدعم صادر اللحوم عبر إنشاء مسالخ حديثة أو برادات ؟

 

نحن الآن لا نتلقى أي نوع من أنواع الدعم ولا توجد بنوك تمول ولا مستثمرين بسبب أن حالة السيولة الأمنية لا تشجع كثيرين للاستثمار وضخ أموال في هذا القطاع وهذه مشكلة كبيرة

 

هل هنالك تقديرات لحجم خسائر صادرات اللحوم بعد الحرب؟

 

حجم الخسائر كبير جداً، والضرر كبير ولم يتوقف حتى الآن لأن الحرب لم تضع أوزارها بعد، والضرر مباشر في الأموال وفي المزارع والمصانع الحيوانات نفسها وفقدانها وطول المدة لحركة الحيوانات وعدم توفر الغذاء في كل الأوقات، فضلاً عن الضرر في النهب المباشر للأموال وفي الأرواح وضرر في الخبرات بسبب الهجرة .. أشكال الضرر متعددة ومن الصعب جداً حصره وتقديره في الوقت الراهن لأن السودان من الدول المرشحة أنها تسد فجوة الأمن الغذائي العالمي المتصاعد الآن فالعالم يعاني الآن من أزمة غذاء حقيقية موجودة وارتفاع في تكاليف توفير الغذاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى