عن ثلاثية الروائي خالد شوكات المتميّزة
بقلم: عبد السلام لصيلع
حين أسرح بخيالي باحثاً عن المدارات والعوالم والمناخات التي يستحقّ أخي الرّوحي العزيز الدكتور خالد شوكات أن أضعه فيها، أجد دون عناء وبلا بحث طويل أنّه يستحقّ أن أضعه في مدارات مبدعين عرب كبار وعمالقة وفي عوالمهم ومناخاتهم عرفتهم وحاورتهم وأحببتهم كنجيب محفوظ ويوسف إدريس وسهيل إدريس والطّيب صالح وحنّا مينا وجبرا إبراهيم جبرا وأحلام مستغانمي وأحمد إبراهيم الفقيه ورشاد أبي شاور وواسيني الأعرج، وغيرهم في دنيا الأدب الرّوائي فقط.
وعندما أعود إلى رواية “ودران، سرّ آل منصور”، ورواية “السّيناريست”، وعندما تلتحق بهما الآن رواية “الصّالحة” للرّوائي المبدع خالد شوكات أجد نفسي في هذه الثّلاثيّة المتميّزة كأنّني أنا من كتبتها.. إنّه خيط رفيع يجمع هذه الثلاثيّة.. خيط لا ينقطع أبدا.. مع أنّ لكلّ رواية طقسها وشخصيّتها ومضمونها وأبطالها…
فمن خلال علاقتي الحميمية بصاحبها أجد فيها صفاء الرّوح والعقل الكبير والقلب السّليم والشخصية الأصيلة الرّاقية التي تدور في أفلاك الطّهر والأخلاق العالية والسّمو بالنّفس إلى العلا والعمل الصّالح الذي ينفع الناس وحبّ الخير والابتعاد عن الشرّ والوضوح والصراحة والصدق والكرامة والشرف والأريحيّة والزّهد والقناعة والصّراع والمواقف ومساعدة الغير والنضال في سبيل الحقّ والالتزام والأصالة والمبادئ والقيم والمثل العليا والثورة والحريّة والمحبّة والوفاء والوطن والإنسانيّة والنظام والانضباط وقيمة الوقت، وأوّلا وأخيرا وليس كلّ شيء التاريخ والجغرافيا والماضي والحاضر والمستقبل والاستقامة والتقوى وطاعة الله ورضاء الوالدين.
ومازال الكثير الكثير. كلّ هذا وغيره نعيش معه في هذه الروايات الثلاث لندخل إلى أعماق خالد شوكات الذي يرحل بنا إلى أزمنة ويسافر بنا إلى أمكنة بعيدة وقريبة بلغة جميلة سلسة وأسلوب رائع لا نحسّ معهما بالتكلّف ولا نشعر بالملل والقلق.
وتأتي رواية “الصّالحة” لترسّخ النّهج والتوجّه الجديدين اللذين سلكهما خالد شوكات من أجل بناء أدب روائي تونسي جديد يخرجنا من أوضاع تلك الروايات التّقليدية العادية الباردة، المبتذلة حينا والغامضة أحيانا والتي لا نستطيع إنهاء قراءتها في أغلب الأحيان.
فالأدب الروائي الجديد الذي يقدّمه لنا خالد شوكات سهل ممتنع له منطلقاته المحدّدة ومعالمه البارزة من أجل إنسان حرّ، يفكّر ويعمل ويتقدّم، هو أدب انطلقت ملامحه في رواية “ودران”، وبرز في “السّيناريست” وها هو يشقّ طريقه بثبات في “الصّالحة”، ويبشّر بتطوير الرواية العربية وتجديدها.
أهنّئ وأحيّي أخي وصديقي الرّوحي العزيز الدكتور خالد شوكات، وأقول له: إلى الأمام.
*ملاحظة: قدّم هذا النصّ في الاحتفاء برواية “الصّالحة” للدكتور خالد شوكات يوم السبت 3 فيفري 2024 بمكتبة بلال في تونس العاصمة.