بورتسودان – المحقق
تجددت الخلافات الحدودية بين السعودية والإمارات مرة أخرى، وكشفت المذكرة التي أودعتها البعثة الدائمة للمملكة العربية السعودية في الأمم المتحدة عن عدم رضى “الشقيقة الكبرى” عمّا سبق وأن اتخذته دولة الإمارات بشأن جزيرة الياسات الحدودية بين البلدين، والتي اعتبرها المرسوم الإماراتي منطقة بحرية محمية، الأمر الذى أثار جدلاً حول طبيعة العلاقات بين البلدين في العديد من الملفات الاقليمية أدى إلى إثارة هذا الخلاف في الوقت الراهن رغم أن أسبابه ليست جديدة.
واتهمت الرياض في شكوى موجهة للأمين العام للأمم المتحدة أبوظبي بالتعدي على حدود المملكة، وتتضمن الشكوى مذكرة شفوية مؤرخة بتاريخ 18 مارس الماضي من البعثة الدائمة السعودية في المنظمة الأممية.
وأكدت السعودية رفضها هذا الإعلان، وقالت في المذكرة أنه لا يعتد به ولا تعترف به، ولا تعترف بأي أثر قانوني له، مبينة أنها تتمسك بحقوقها ومصالحها كافة، وفقاً للاتفاقية المبرمة بين البلدين في العام 1974 والملزمة للبلدين وفقاً للقانون الدولي.
وأشارت الشكوى إلى أن السعودية لا تعترف بأي إجراءات أو ممارسات يتم اتخاذها، أو ما يترتب عليها من حكومة الإمارات في المنطقة قبالة الساحل السعودي “منطقة الياسات”، بما في ذلك البحر الإقليمي للمملكة ومنطقة السيادة المشتركة في جزيرتي مكاسب.
وقال خبير ترسيم الحدود وأستاذ القانون الدولي بالجامعات السودانية البروفسور البخاري الجعلي ل “المحقق” تعليقاً على المذكرة السعودية “أن النقطة الأساسية هي أن هنالك إتفاقية مابين البلدين لتعيين الحدود بينهما موقعة في العام 1974 حسب ماهو مكتوب في مذكرة السعودية، ومن ذلك الزمن يبدو أن الدولتين لم تفكرا في تنفيذ محتويات الاتفاقية على أرض الواقع، وقد أصدرت الإمارات مرسوماً يحدد مناطق تابعة لها في حين ترى مذكرة السعودية غير ذلك، وعلى كل أهم نقطة في هذا الموضوع – وهذا رأي غير نهائي – يبدو أن إتفاقية 1974 معنية بموضوعين هما الحدود البرية والحدود البحرية”.
وتابع البروف الجعلي:” من الصعب أن يصدر المرء قولاً قاطعاً في هذا الموضوع لأن ذلك يعتمد على ماذا قالت اتفاقية 1974 بين السعودية والإمارات، وهل هي شاملة”؟
وفي عام 1974 وقعت السعودية والإمارات إتفاقية جدة، وتعترف السعودية بموجبها بالإمارات كدولة، وفي المقابل حصلت المملكة على مجموعة من الأراضي الغنية بالنفط في الحدود بين البلدين.
واستحوذت السعودية على ساحل يبلغ طوله 50 كيلو متراً يفصل بين قطر والإمارات، بالإضافة لجزيرة الحويصات وحقل ”شيبة” الذي يمتد جزء منه لداخل الإمارات، مقابل التنازل عن الجزء الذي تطالب به من واحة “البريمي”.
وحاولت أبو ظبي بعد ذلك استعادة تلك الأراضي، لكن الرياض رفضت ذلك رفضاً تاماً، حتى قاطعت الإمارات عام 1999 مدعومة من سلطنة عمان، مؤتمر وزراء الخارجية والنفط لمجلس التعاون الخليجي في السعودية، احتجاجاً على عدم تقاسم عائدات حقل “شيبة” النفطي.
ويقول البروف الجعلي، إن ترسيم الحدود “مظهر أساسي من مظاهر السيادة الاقليمية، وعندما يكون تحديد هذه الحدود بين دول فإنه لايتم إلا باتفاق الدول او بموجب حكم نهائي صادر من محكمة بعد أن يرفع إليها النزاع، أو قرار صادر من هيئة تحيكم دولية، فتحديد الحدود المشتركة من جانب واحد لا يكون ملزماً للجانب الآخر وهنالك عدد من السوابق القضائية في هذا الشأن منها النزاع حول خليج واقع بين كندا والولايات المتحدة الأمريكية في 1984، وقد قالت المحكمة في سأن ذلك أنه لا يجوز تحديد حدود بحرية بين دول ذات سواحل متلاصقة.”
وطالبت الإمارات باستكمال تنفيذ المادة الخامسة من اتفاقية تعيّين الحدود البرية والبحرية المؤرخة بين البلدين في العام 1974
وتقول الامارات بأن “الياسات” أنشئت بمرسوم أميري في عام 2005، بناء على توجيهات من الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات الراحل.
وتعد الياسات من المواقع التي تتميز بأهميتها البيئية، حيث توفر مواطن حساسة من الشعاب المرجانية والأعشاب البحرية والشواطئ الرملية، فضلاً عن أهميتها التاريخية والثقافية.
وقامت دائرة أعمال رئيس الدولة وقتها خليفة بن زايد، بعد صدور المرسوم الأميري رقم /33/ لسنة/2005/ بإعلان منطقة الياسات محمية بحرية بإنشاء أول حيد اصطناعي حول جزيرة ”الياسات” لزراعة المرجان، وتجميع الأنواع المختلفة من الأسماك لإعادة الحياة إلى أعماق البحر.
ولا تعترف السعودية بتبعية المنطقة للإمارات، كما أن هناك خلافاً حدودياً عليها منذ سنوات طويلة، وتعدّها منطقة سيادة مشتركة.
وترفض السعودية جميع الإجراءات والممارسات التي تتخذها حكومة الإمارات في المنطقة قبالة الساحل السعودي “منطقة الياسات”، بما في ذلك البحر الإقليمي للمملكة، ومنطقة السيادة المشتركة.