تقارير

ماذا تعني تصريحات العطا في هذا التوقيت .. حديث حماسي.. توزيع أدوار.. أم تعبير مختلف لموقف موحد؟

القاهرة – المحقق – صباح موسى

عاد الفريق ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة  وعضو مجلس السيادة الإنتقالي، لتصريحاته المثيرة للجدل من جديد، ففي الوقت الذي ينتظر فيه الجميع مفاوضات لحل الأزمة والاتصال بكل الأطراف الداخلية والخارجية، وتهيئة المسرح العام لأن الأوضاع مقبلة على حل مختلف دون الحسم العسكري، يأتي العطا بحديث مخالف، وأن الجيش مازال في مربع استمرار القتال حتى النصر.

حديث العطا

بالأمس أكد العطا لتلفزيون السودان أن الفريق البرهان رئيس مجلس السيادة وأعضاء المجلس والحكومة والشعب قرارهم مواصلة الحرب والانتصار فيها أو استسلام الجنجويد وفق شروط الأمة السودانية، مشددا على أنه لن يُحكم السودان مستقبلاً بالفهلوة السياسية وبندقية الجنجويد ولن يُحكم سياسياً إلا عبر الانتخابات، وقال إن مَن أشعل الحرب من السياسيين وسعى إليها يريد إيقافها باستسلام الجيش وانكسار الأمة السودانية، متهماً تنسيقية القوى المدنية “تقدم” بأنها تمثل الآن بؤرة الخيانة الوطنية والشعب السوداني لن يسامح قيادتها، مضيفاً لا أنا ولا البرهان ولا أي عضو من مجلس السيادة يريد أن يحكم، ونحلم باليوم الذي يصبح فيه السودان آمناً مستقراً لتسليم الأمانة، وتابع أن البرهان وأعضاء مجلس السيادة والحكومة والشعب قرارهم مواصلة الحرب والانتصار فيها أو استسلام الجنجويد وفق شروط الأمة السودانية.

ماذا تعني

تأتي تصريحات العطا في وقت أعلنت فيه الولايات المتحدة الأمريكية عن مبادرة جديدة للجمع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع المتمردة في جنيف، وسارعت قيادة متمردي الدعم السريع بالموافقة عليها دون شروط، في وقت تركت فيه الحكومة السودانية الباب موارباً للقبول بها، إلا أنها وضعت بعض المطالبات من الحكومة الأمريكية للدخول فيها، وأهمها ضرورة التوضيح حول أن مبادرات جنيف ستكون مبنية على جدة أم لا، وطلبت معرفة الأجندة أولا، وكذلك معرفة الأطراف المشاركة فيها.  وبما أنه لم يتبق سوى 10 أيام على الموعد المقترح لبدء المفاوضات في جنيف في الرابع عشر من الشهر الجاري، فماذا تعني تصريحات العطا بهذه اللهجة في هذا التوقيت الدقيق، وهل هو توزيع أدوار، أم هو موقف موحد متفق عليه داخل القوات المسلحة.

اتهامات جزافية

من جانبها استنكرت تنسيقية القوى المدنية “تقدم” تصريحات العطا والتي اتهما فيها بالخيانة، ورأت أن خطاب العطا جاء مخيباً لآمال ملايين السودانيين الذين يتطلعون لسلام حقيقي ينهي معاناتهم التى فاقت حد الوصف في مراكز النزوح ومعسكرات اللجوء، وعوضاً عن أن يبشرّهم بقرب اسكات صوت البنادق، جاء اللقاء بعكس ذلك تماماً، وقالت تقدم في بيان لها اليوم (الأحد) إن اللقاء حفل بالعديد من المغالطات  والاتهامات الجزافية في حق القوى المدنية الديمقراطية المنادية بوقف الحرب.

واعتبرت تقدم أن تهم العطا لها تنم عن درجة عالية في إطلاق الحديث على عواهنه فيمن يفترض فيه صفة القيادة والحكمة، وأكدت أن مثل هذه الأحاديث لن تزيدها إلا تمسكاً بطريقها الذي اخترته في البحث عن سبل إحلال السلام

موقف واضح

من جهته أكد الدكتور خالد التيجاني الكاتب والمحلل السياسي أن موقف الجيش واضح من الدعم السريع، وأن الحرب يجب أن تحسم إما عن طريق القتال أو تفاوض مبني على ما ما تم الإتفاق عليه في منبر جدة. وقال التيجاني لـموقع  “المحقق” الإخباري  إن الجيش كمؤسسة عسكرية لديه نظام في اتخاذ القرار، مضيفاً: “ولذلك لا يمكن أن نأخذ تصريحات العطا على أنها شخصية خارج الجيش”، مستبعدا فكرة توزيع الأدوار بين قادة الجيش، مستدركاً أنه يمكن أن نقول أنه تعبير عن موقف موحد بطرق مختلفة، موضحاً أن توصيف الحرب يجب أن يكون أنه بين الجيش وقوة عسكرية تمردت عليه، وقال لايوجد مجال للمساومة هنا، فالجيش عليه أن يقوم بمسؤلياته الوطنية للدفاع عن البلاد ضد هذه المليشيا المدعومة خارجياً بشهادة كل المؤسسات الدولية، مضيفاً أنه ليس مجرد صراع داخلي، ولكن يوجد به أياد خارجية، لافتا إلى أن المفاوضات ليس معناها تقنين للوضع الراهن، وأصاف إن الحديث عن حماية المدنيين، يجب أن يستصحب تحديد الطرف الذي يروع المدنيين ويشردهم ويقتلهم، مضيفا أن الفاعل معروف وهو الدعم السريع الذي ارتكب كل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ويجب أن يتحمل مسؤولية ذلك، مؤكداً أن جنيف أو أي مفاوضات أخرى لن تحل الأزمة إذا لم تعيد قراءة الأوضاع، ووقف نفس السردية المتبعة في حلها.

طابع حماسي

في المقابل يرى عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة التيار أن العطا أشبه بقائد المقاومة الشعبية. وقال ميرغني لـموقع “المحقق” الإخباري  إن العطا يجيش المشاعر الشعبية، وإن دوره معنويا، وإن معظم حديثه ذو طابع حماسي وليس سياسياً دون المساس بسياسات الدولة، مضيفا أن العطا يحاول أن يفعل نوعاً من التحشيد تجاه المفاوضات والسلام، لافتا إلى أن الترويج لحديث العطا تم حذف بعض النقاط فيه مثل الحديث عن الإمارات وعن الحلف الإقليمي الدولي، وقال إن هذا معناه أن الجهات الأخرى لا تريد المساس بالبعد الخارجي، مستبعدا فكرة توزيع الأدوار، وقال إنه نوع من “السريالية”، بمعنى التداخل والخلط بصورة غير منظمة، مضيفا لا يوجد أصلا أدوار حتى توزع.

استهلاك إعلامي

كما رأى ميرغني أن الجيش سيذهب إلى مفاوضات جنيف لكن بخطى ضئيلة، وقال إنهم سيذهبون للمفاوضات بدون عمل وتحضير، وإنهم أضاغوا زمنهم في التردد، وكان عليهم أن يذهبوا وهم بوضع أفضل، معتبرا أن التحفظات التي أعلنتها الحكومة قبل المشاركة في جنيف، مجرد تراجع تدريجي، وقال ولكنه مجرد ذريعة للإعتراض سيعودوا بعده للمشاركة، كما اعتبر أن اتهام تقدم هو محاولة لاسترضاء أطراف سياسية وعسكرية كبيرة.

وأشار ميرغني إلى أنه في الوقت نفسه فإن تقدم أخطأت بالتوقيع مع الدعم السريع، وإثبات أنها جناح سياسي له، وعن تنحي البرهان قال إنه مجرد نوع من الاستهلاك الإعلامي، مضيفا أنه ليس هناك اتجاه لتنحٍ جاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى