هنا أم درمان.. تحرير المستمعين من قبضة التمرد
د. طارق البحر
كما هو معروف إن المستمع هو الزبون الأوحد للإذاعة في أنحاء العالم ،عليه يصبح المستمع سيد الموقف أولاً وأخيراً وقد أصبح مشاركاً ومتفاعلاً في إنتاج الفعل البرامجي.
التحية والتقدير والاحترام لحملة السلاح في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية المختلفة، فهم ليسوا حاملي سلاح فقط بل هم مستمعين مشاركين في إثراء البرمجة عبر سماعهم إلى إذاعتهم في الخنادق والسكنات العسكرية، مع أسرهم، في البيوت، وأثناء حركتهم اليومية في المواصلات العامة والخاصة فهم الزاد وجدانيا والتحرير ماديا لذا ترفع لهم القبعات.
إن تحرير الإذاعة من التمرد لم يكن تحريراً لمكان إنما تحرير لإرادة شعب مستمع وعاشق لإذاعته، فكانت ردة فعله عفوية وصادقة عبّرت عن حبه لبلده الممثل في إذاعة هنا أم درمان جمال العبارة.
الحديث عن إذاعة أم درمان يعني الحديث عن مجتمع بدأت ذائقته تتشكل منذ العام 1940 حين انطلق صوت هنا أم درمان في أنحاء السودان شين شمال وجيم جنوب شرقاً وغرباً في وحدة نغمية تحمل عبق النيل وتتنفس الصحراء مناخاً مازجة بين ماهو عربي وأفريقي فأضحى سودانوياً لغة وصوتاً.
تحرير هنا أم درمان هو فك لأسر بروفسور عبدالله الطيب وصديق أحمد حمدون و دراسات للقرآن الكريم، المبارك إبراهيم وعوض بابكر والعالم شمو، والسمع بمزااااااااج مع الجبنة وحقيبة الفن، وهي فك لأسر دراما راديو أم درمان، لمحمد طاهر ولبروفسور صلاح الفاضل ولمعتصم فضل ولحمدنا الله عبدالقادر ولعبد الناصر الطائف ولدكتور الفحل ولمحمود يس ولخطاب حسن أحمد ولكمال عبادي والقائمة تطول في حب الدراما وممثليها عوض صديق، الشايقي، حاكم سلمان، قرني، والرشيد أحمد عيسي والملك مكي سناده وتحية زروق وبلقيس عوض وسامية بت العرب وتماضر ونادية أحمد بابكر وفايزة عمسيب وتتواصل الأجيال.
أما الغناء فهذا شئ عجيب، شعراً ولحناً وصوتاً؛ كرومة عاشق الألحان والعبادي مخزن الأشعار والجميع في الصفحة الأولى، وردي ومحمد الأمين زيدان وعمر الشاعر وبرعي وعبد العزيز محمد داؤود والفلاتية وأحمد زاهر وإبراهيم عوض وعبد الرحمن الريح و”حي العرب والدنيا طرب” وهذا كله حب وجمال في حسان أم درمان .. هنا أم درمان جمال العبارة.
فك أسر هنا أم درمان من الخونة والمتمردين هندسياً تعني صالح الحاج، البشير حسن، حسن طه، الجميل محمد عثمان إبراهيم وإبنه د. إبراهيم حافظ أرشفة هنا أمدرمان، فضل عوض وأبو الفضل وأب أحمد غلندر، أسامة جمعة، عباس محمود وعثمان محمد عمر وعمر عوض، إيمان محمد الحسن وكل الجمال في قسم الفنيين.
فك أسر امدرمان يعني جمال الأصوات كمال محمد الطيب، علم الدين حامد، عمر الجزلي عبدالرحمن أحمد أولاد عبد الكريم الحسن ومحمد وعمر والأصغر أبو بكر، وبنات المغربي ليلي سنية سهام والصغري هيام، شادية خليفة وليلى عوض، نجاة كبيدة، سعاد أبوعاقلة، محاسن سيف الدين، عمر محي الدين، ولمياء متوكل، والكثير الكثير من الجمال في هنا أم درمان جمال العبارة .
فك أسر هنا أم درمان تعني جلسة الشاي الصباحية مع الزين وحجة آمنة وبخيت أحمد إبراهيم وعشميق وحلو الكلام مع الود والإحترام.
فك أسر هنا أم درمان تعني السياسة والأخبار عمر عبد المنعم، نجم الدين، محمد عكاشة، مزمل سليمان حمد والدروس الحسنية المغربية أدب وسياسة وأخبار، أحمد حمد النيل وعشميق في الأخبار عماد الدين مأمون.
فك أسر هنا أم درمان يعني عودة الحياة إلى الإدارات المساعدة الإدارة والمال الخدمات الكهرباء الطاقة والتبريد العمال العلاقات العامة الاستثمار وكل من يساهم في إنتاج العملية البرامجية.
فك أسر إذاعة أم درمان يعني العودة والحياة لأقسام الإذاعة من ثقافة ومنوعات دراما وموسيقى وبرامج وثائقية حجز وتنسيق متابعه الإدارة الهندسية فنيين ومهندسين.
هكذا كانت وستظل هنا أم درمان تعمل علي إسعاد وترفيه وتثقيف المستمع السوداني داخلياً وخارجياً فهو الزاد والزبون الأول وهذا يعني المجتمع السوداني.
بعد التحرير كنا نتوقع تشكيل لجان للتقويم والتدبر إلى إذاعة بكرة ، حتي تصبح في مصافات الإذاعات العالمية فهي سناُ بلغت من العمر عتياً إلا أنها مازالت في ريعان الشباب وفي مواكبة مع المستمع المتجدد فكراً ومعرفة.
ونختم بالقول أنه لابد من النظر بجدية إلى مكتبة الإذاعة من حيث التبريد والتكييف ومخاطبة المنظمات العالمية للمساهمة في ترميم هذا التراث وفضح أكاذيب التمرد، ولابد من عمل لجنة هندسية للمراجعة.
كلنا نحلم بقيام منصه إعلامية تعبر عن أشواق السودانيين ثقافياً اجتماعياً اقتصادياً وتطلعهم إلى ثورة علمية ثقافية ذات خصائص سودانية ونرجو أن يكون في المحنة التي مرت بها هنا أم درمان منحة لتحقيق هذا الحلم .. وبكرة أحلى.