وفي إذاعة وادي النيل شيء من حتى الحلول

الطيب قسم السيد
إذاعة وادي النيل هي واحدة من المبادرات الإعلامية التى فطن لها منذ وقت مبكر، المهنيون من رواد العمل الإذاعي في البلدين الشقيقين السودان ومصر.
ولقد سرني والله ما اطلعت عليه من اتجاه لدى وزارة الثقافة والإعلام والإدارة العامة للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، السودانية، لإحياء دور هذه الإذاعة الثنائية التكاملية المشتركة.. فعمدت إلى كتابة هذا المقال لعل نشره يفيد صانع ومتخذ القرار في هذا الأمر الحيوي المهم.
كانت فكرة انشاء إذاعة وادي النيل بين مصر والسودان، التى انظلق بثها في يناير من العام، 1984م. لتعمل كخدمة ثنائية تكاملية مشتركة، بين البلدين الشقيقين تقوم رسالتها على مبدأ تعزيز التعاون الثنائي بينهما، في جميع المجالات – اقتصادية وثقافية واجتماعية – وتعمل علي تشجيع المبادرات المدنية والحكومية المعززة للأنشطة المشتركة في المجالات كافة، والبعد بالمحتوي الذي تقدمه عن كل مايفرق بين الشعب الواحد الذي يقطن دولتين، وتكريس كل مايقرب بين فئاته وشرائحه في كل المجالات.
هذا ما نص عليه برتكول إنشائها الموقع عليه من قبل القيادة الإعلامية في البلدين في احتفال كبير شهده رئيسا البلدين وقتها، محمد حسني مبارك، وجعفر محمد نميري.
وظلت هذه الإذاعة تطلع بدورها هذا عبر برمجة ثنائية مشتركة على نسق فريد جديد على أنماط الإذاعة المعروفة في العالم موجهة متخصصة مستقلة أو حكومية.
وهو الأمر الذي يؤكده كونها الإذاعة الوحيدة التي تنتج برامجها شراكة بين دولتين، وتدار عبر إدارة مشتركة .. مدير عام بالقاهرة وآخر مناوب بالخرطوم. وتقتسم حصة البرامج فيها مناصفة بين الطرفين.
لقد ظلت هذه الإذاعة تحظى باستماع واسع على امتداد البلدين حتى مطلع تسعينات القرن الماضي، لكن دائرة التقاطها،، تراجعت، بسبب اندلاع حرب الخليج حيث عمدت السلطات في مصر لتحويل الموجات القوية التي كانت تبث عليها برامج إذاعة وادي النيل لتعمل في خدمة إذاعة صوت العرب، فتراجع بذلك مستوى التقاط الإذاعة في مناطق كان يرتبط سكانها في مصر والسودان ببرامجها الهادفة الشائقة المتنوعة التي كانت تحظى بمشاركات رفيعة من المبدعين والمثقفين والمختصين في كلا البلدين في مجالات متعددة.. وتحتوي مكتبتها حتى الآن على تسجيلات نادرة لمطربين سودانيين غير متوفرة في مكتبة الإذاعة الأم (هنا أم درمان.).
ولقد ظللنا في كل لقاء يجمع مديري الإذاعة في القاهرة والخرطوم، ندعو المسؤولين في البلدين بإلحاح لمعالجة العقبات الفنية والهندسية التي تواجه هذه الإذاعة العريقة وكان آخر محضر رفع لجهات الاختصاص العليا في ديسمبر من العام 2019م حينما زارنا بالخرطوم الأستاذ على سلمى، المدير العام لإذاعة وادي النيل بالقاهرة، وقد سلم المحضر الخاص بتلك الاجتماعات لوزيري الإعلام في البلدين وسلمت نسخة منه للاستاذ عبد النبي صادق المستشار الإعلامي بسفارة جمهورية مصر الشقيقة بالخرطوم وقتها، وأخرى للأستاذ إبراهيم محمد ابراهيم البزعي المدير العام للهيئة العامة الإذاعة والتلفزيون.
وأختم بالقول إن دراسة علمية أجراها كاتب هذه السطور قبل سنوات لنيل درجة الماجستير في الدراسات الاستراتيجية في بحث بعنوان (الإذاعات الإقليمية ودورها في تعزيز العلاقات بين الدول) وكانت دراسة الحالة – إذاعة وادي النيل بين مصر والسودان- أوصت الدراسة تلك، بضرورة الإهتمام بهذه التجربة الإذاعية الفريدة، وتذليل ما يواجهها من عقبات فنية وهندسية ولوجستية ومالية؛ والسعي حثيثاً لتعزيز دورها في خدمة الدولتين والشعبين الشقيقين، بالتفكير جديا في أن تصبح مؤسسة سودانية مصرية مشتركة للراديو والتلفزيون. والدراسة هذه مودعة نسختها الأصلية بمكتبة جامعة كرري، والمكتبتين الورقية والالكترونية بالأكاديمية العسكرية العليا، وسلمت منها نسخة لسفير السودان الأسبق لدى مصر الأستاذ عبد المحمود عبد الحليم. وأحتفظ بنسخ منها في مكتبتي الخاصة بمنزلي بالحلفاية، إن لم تكن طالتها كما طالته يد عناصر الجنجويد،الذين عاثوا ومن عاونهم بمحتويات منزلنا ماراق لهم من عبث ونهب وتخريب وبعثرة وتدمير.
وعلى الله قصد السبيل.