رأي

ونفس وما سواها .. السلام النفسي وتقبل الذات

دكتورة نعمات الزبير

السلام النفسي يعني الحصول على راحة البال و الهدوء النفسي والتخلص من الفوضى النفسية، وتحرير النفس من كل الأفكار والمشاعر النفسية التي تأصلت في اللاوعي أو النفس البشرية. ويرتبط السلام النفسي في تقبل الذات بكل ما فيها من مميزات وعيوب ونقاط ضعف وقوة.

وقد حدد علماء النفس عدة طرق لكيفية الوصول الى السلام النفسي، تبدأ بكيفية  تعاملك معها فلا تجلدها ولكن تسعى لتقويمها، فمن أخطر الأمور هي جلد الذات وتأنيب النفس والضمير، والتي قد تصل إلى الحد المرضي، وبدلاً من لوم الذات وتعنيفها أو ما يُعرف بجلدها، فقط عليك أن تتعهد بعدم العودة إلى الأخطاء مرة أخرى.

أحد الأشياء التي قد تبعث على عدم الرضا هو نشدان الكمال ، ولأن مفهوم الكمال الإنساني أمر غير حقيقي وغير موجود ، يصبح من المهم أن يحاول المرء التخلص منه، وفي نفس الوقت عليه أن يعمل  أشياء كتيرة مفيدة أفضل من السعي وراء الكمال والاحساس بعدم الرضا.

يحتاج المرء أن يصحح أخطاءه مع الآخرين، ليكون في حالة رضا وتوازن نفسيين وأن يكون سبّاقاً بالاعتذار وتصحيح الخطأ مع  الاشخاص الذين تعاملت معهم بصوره غير مرضية، وذلك  لتخفيف الشعور بالذنب، ويجمع علماء النفس أن الاعتذار عن الخطأ هو دليل قوة وليس ضعفاً.

ومما يعزز الطاقة الإيجابية والراحة النفسية التأمل في ملكوت الله والعبادة ، وعلى المرء أن يخصص لنفسه تمارين للاستمتاع بالحياة فدع قلبك وعقلك يتحرران من ضغوط الحياة والتفكير المستمر حيث تساعد الصلاة كعبادة   الرياضة المنزلية على صفاء الذهن والشعور بالانشراح والتخلص من الطاقة السلبية.

كما ينبغي الإنتباه إلى أن تكون دائماً متواضعاً مع بقية الخلق، فلا تمارس الأستاذية مع الآخرين، ذلك أن القيام بالحكم على الآخرين وانتقاصهم أو التفكير في شؤون حياتهم (وهذا ليس دورك في الحياة) يجعلك تنسى ذاتك وتنشغل بالآخرين وبالتالي تفقد تواصلك بنفسك.
ويوصي علماء النفس باستصحاب ثقافة الامتنان .. عليك أن تكون ممتناً حتي للامور الصغيرة في الحياة، وأن تترك الأمور السلبية جانباً، فأنها تتلاشى مع كل الأمور الإيجابية في حياتك، كما لا ينبغي أن تكون مهتماً بأراء الاخرين، دون تمييز، لأن ذلك يؤثر على سلامك النفسي وخاصة الآراء السلبية و المحبطة منها، ولا ينبغي أن يصرفك ذلك عن السعي دائما لتحقيق أهدافك.

إن السلام النفسي غاية ووسيلة، ومن الأمور المهمة التي تمنح الصفاء والسلام النفسي أن يضع المرء الاشياء في حجمها الطبيعي وأن لا يبالغ في أهميتها ويتفادى النقاش والصدام مع أناس لا طائل من الدخول معهم في جدل لا يفيد أو محاولة تغيير الآخرين وتصرفاتهم، وتقبل أن البعض غير قابل للتغيير حتى لا يكون جهدك معه إهداراً للوقت والطاقة ، ولا تقلق وتوتر نفسك مع اشياء لايمكنك السيطرة عليها.

وأخيراً فإن الايمان بالنصيب والقدر يمنحنا الإحساس بالرضا وعدم النظر إلى ما في أيدي الآخرين مما قد يولد عواطف مزعزعة للسلام النفسي مثل الحسد والسعي وراء المظاهر لإبهار الناس.. فالسلام النفسي نعمة كبيرة ومع ذلك يمكن تحقيقه ب لفتات بسيطة وجهد في مقدور الإنسان إن يفعله.

ونختم بالحديث عن التسامح مع الآخرين، ذلك أن التسامح يعني أن تسامح نفسك أولا حتى تستطيع تقدير ذاتك واحترامها للوصول إلى الرضى والسعادة ، ومسامحتك للاخرين تساعدك على التخلص من المشاعر السلبية تجاه الاشخاص الذين قاموا بإيذائك فالتسامح يمنحك الشعور بالصفاء والرضا  ويساعدك في نسيان الأذى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى