رأي

و قائع و مجريات الحرب الماثلة و صدق نبوءة نظريتي الإستعمار الإستيطاني و الفوضي الخلاقة في السودان

دكتور عبد الرحمن السلمابي

 

لعل من وقائع مجريات الحرب الماثلة في السودان أننا لم نستفد كثيراً من علاقات السودان الدولية لكسبها…

و ذلك ربما لوجود مشكلة كبيرة جداً لدينا خصوصاً في شرح و توضيح أبعاد واستمرار الحرب الماثلة باعتبارها حرب استعمار استيطاني لعربان شتات الصحراء الأفريقية و تنفيذاً لسياسة الفوضى الخلاقة لإقامة دولة (ما) لتستوعبهم ..

و لعلها مشكلة سياسية وإعلامية و دبلوماسية وعسكرية و قانونية مركبة الفشل … فوفق إتفاقيتي جدة في 11 و 20 مايو 2023م أي في حدود غضون شهر من بداية حرب تمرد قوات الدعم السريع كان الإعتقاد الدولي السائد لتعريف و تبيان وتفسير الحرب محدود ومحصور باعتبارها حرب بين جنرالين أحدهما جنرال شرعي حاكم و الآخر جنرال إنقلابي غامر بإزاحة الأول من السلطة… بمعنى نزاع سياسي عسكري داخلي حول السلطة و لعل ذلك شكل الصورة الذهنية السائدة لها..

وفق ذلك الإعتقاد تبلورت إتفاقيتا جدة في 11 و 20 مايو 2023م و التي كانت مبسطة جداً و عبارة عن مجرد رجاءات دولية من السعودية و الولايات المتحدة الأمريكية تدعوان فيها قوات الدعم السريع المتمردة إلى خروجهم من المقار الحكومية و الخدمية و المساكن القليلة المحتلة بواسطتهم في تلك الفترة… حيث لم تكن حتى للإتفاقيتين آلية عسكرية فاعلة للتدخل لضمان تحقيق متطلباتها ..

و لكن وقائع رفض القوات المتمردة الإمتثال و الإلتزام بما و عدت به، بل وتمادت وتمددت بعده في احتلال جميع المرافق و المقار الحكومية و جميع مساكن المواطنين خصوصاً في ولاية الخرطوم عاصمة البلاد و التي يقطنها قرابة ال 8 مليون مواطن ،،، و كذلك لاحقا في بقية ولايات دارفور الأربع و ولاية الجزيرة و بعض من أجزاء ولايات كردفان و النيل الأبيض و سنار ،،، ثم عملت بصورة مخططة و ممنهجة على تشريد سكانها وتهجيرهم القسري منها و نهبهم و إزلالهم و قتلهم و إغتصاب البعض من نسائهم و تعمد حرمانهم من الخدمات الضرورية للحياة مثل المياة و الكهرباء وإرهابهم و تعذيبهم…

و بإختصار قامت القوات المتمردة بارتكاب الكثير من أنواع الجرائم ضد الإنسانية المحرمة و المعاقب عليها دوليا…

في تلك الأيام الأولى بعد إفشال أو فشل تنفيذ الإلتزام ببنود إتفاقيتي جدة كان يستوجب على القادة ممن في سلطة الأمر الواقع و في سدة الحكم السعي الجاد نحو تغيير المفهوم الدولي السائد بإعتبارها حرب بين جنرالين وخصوصاً بعد إعادة وصفها و إدراك حقيقتها في مقال منشور *(بالإستعمار الإستيطاني)* من الكاتب و المفكر السياسي د. عبدالرحمن الغالي القيادي في حزب الأمة القومي … و التي قد تزامن معها أيضا ما كتبه و نشره الخبير القانوني و وزير الخارجية الأسبق الدكتور الدرديري محمد أحمد في نفس المنحنى بإعتبار ما يحدث هو إحتلال للسودان من عربان الشتات الأفريقي بغرض إقامة دولة تخصهم فيها…

و لعل ما حدث و يحدث الآن من احتلال لأجزاء كثيرة من أراضي دولة السودان كاملة السيادة الدولية لها لا يقل كثيراً عن احتلال دولة فلسطين كما كان في السابق بغرض إقامة دولة لتوطين و تجميع اليهود فيها … و لعله نفس السيناريو المكرر من شواهد و وقائع الأحداث الماثلة…

لذلك يستوجب تغيير الخط السياسي و الإعلامي و الدبلوماسي و القانوني في تبيان حقيقة ذلك الواقع الحربي المرير و من ثم يتم استبدال الصورة الذهنية لدول العالم حيال أمر تلك الحرب حيث لم تكن كما تم وصفها بحرب سياسية داخلية بين جنرالين …

و هذا حتما قد يُحدث فرقاً كبيراً في التعامل الدولي ويكسب تعاطفهم و وقوفهم بصورة أكثر إيجابية مع جانب شرعية القوات المسلحة لحماية كامل كيان الدولة السودانية و مواطنيها الأبرياء ،،، كما يساعد في قلب موازين القوة لصالحهم … ويبين كذلك فرية التسويق السياسي الخارجي المخادع لها من العملاء أو المخدوعين بإعتبارها أفعال و أعمال حرب عسكرية بغرض جلب واستعادة الديمقراطية للسودان و إستبعاد الإسلاميين و الفلول من محاولة إستعادة السلطة ..

و لنا أن نستنكر جميعاً

كيف تكون تلك الحرب مع شواهد قبح وقائعها من أجل المواطن و تحقيق الديمقراطية له ؟؟؟

حيث لا يمكن أن توجد ديمقراطية تستجلب بالقوة عبر قتل و إنتهاك كافة حقوق الإنسان السوداني الدولية في توفير الحياة الآمنة والمستقرة و حقه في الكسب والمعيشة.

كما لا توجد ديمقراطية في الملابس الداخلية للنساء و في تجنيد الأطفال و قتلهم و قتل الأسرى و المواطنين الأبرياء …

و لعل كل ذلك موثق بالصور و الفيديوهات المبثوثة و علينا إعادة إبرازها لتبيان حقيقة “نظرية” الإستعمار الإستيطاني لعربان شتات الصحراء الماثل تنفيذا لنظرية الفوضى الخلاقة التي قد يكون من أكبر المستفيدين منها هى دولة فرنسا…

فهذه ليست مجرد حرب داخلية بين جنرالين كما يُسوق لها دولياً … و الواحب علينا سرعة التحرك سياسياً وإعلامياً و دبلوماسياُ وقانونياً لتغيير مجرياتها و كسب التعاطف الدولي من شعوب العالم و تفعيل إتفاقيات التعاون العسكري المشترك مع دول الجوار و الدول الأخرى للمساعدة في دحر حرب الإستعمار الماثل ..

و الله المعين و المستعان…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى