رأي

أتيت، مرة أخرى ياربي، ب”شنطة” جديدة!

مريم عز الدين

دائما ما أتصورني أمام ربي… كالمسافر “المليان غبار”، بعباءة وطرحة مغبرة واقفة أمام باب خشبي كبيييييير… ضئيلة… فقيرة… والباب مغلق!

دائما ما أنتظر الإذن من جهة لا أعلمها… جهة تسمح لي أن ألمس هذا الباب… ما تجرأت ولا حتى في خيالي أن أمسك بهذا الباب ولا أن أحاول فتحه! الباب ضخم ثقيل… يحجبني عن نور ربي! يحجبني عن صوت دعائي… هذا الباب كالحرس الذي يحول بيني وبين من خلقني… بيني وبين من بيده أمري!

كلما رأيت هذا الباب علمت أن طلبي مرفوض ودعائي مؤجل، ولن تمنحني أي جهة الإذن الذي أنتظره…

وهذا الباب مًن صنعه؟ أنا… مَن الذي لم يتجرأ ويفتح الباب؟ أنا…مَن أغلق الباب؟…أنا…مَن ينتظر؟ أنا….هل هنالك إذن؟ لا…هل هنالك جهة تمنح أمثالي أذونات..؟ لا…هل هنالك حرس بيني وبين الباب؟ لا… حرس بيني وبين ربي؟ لا… هل ربي وراء الباب؟ لا…

كل هذه الصورة، كل هذا التصور أنا مَن صنعته! أنا التي تصورت الدعاء أمر شاق، برغم حبي للدعاء وللمناجاة لكن هذه الصورة تثقلني… تجعل الدعاء وكأنه طلب من جهة حكومية…الله يا مريم ليس حكومة!! لا يحرسه حارس، ولا يجلس على عرش وراء الباب الخشبي العملاق!… الله يا مريم لا يحضر… لا يذهب ويأتي… الله لا ينتظر!

دائماً ما تساءلت لماذا آية الكرسي هي أعظم آية؟!..علمت الآن وأنا أكتب هذه المقالة. لأنها الآية التي تؤسس تصورك عن الله، وتؤسس تصورك عن وقوفك بين يديه، وتبني لديك تصوراً من وحي الوحي…من كلام رب العزة والشأن…هو يخبرك مَن هو…هي الآية التي تمحو عنك كل ما يتشكل ويتكون في عالم وجدانك وخيالك من وحي الوهم!…هي الآية التي تمحو المسافات…وتأتي بك أمام ربك…كأنك تمتطي البُراق!

ربٌ له حق عليك… ولك عليه حق! ما كانت أبداً علاقة أحادية…إنما هي في أرقى حالاتها عبودية. “عباااادة”.

“الشنطة” هي من “بواقي” أوهامي…هي التي سأعتبرها مرحلة “مرحلية”…هي بقايا ضلال…هي التي سأحملها إليه…وأفرغ محتواها بين يديه…وسأقرأ آية الكرسي حتى أصبح بين يديه كأنني أراه ويراني لا يحول بيننا شيء! لا باب ولا “شنطة” يا رب العزة…في طريقي إليك جاهلة أنك الطريق…أحبك يا لطيف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى