تقارير

إعادة هيكلة قطاع النفط والكهرباء .. بين القبول والرفض

المحقق – نازك شمام

تدفع الأحداث السياسية الجارية بالبلاد بعض القطاعات الاقتصادية إلى إحداث تغييرات هيكلية تتناسق مع الوضع الحالي لا سيما في ظل السيولة الامنية التي يعيشها السودان بسبب الحرب التي أجزاء واسعة مم البلاد، والتي طال تأثيرها جميع المناحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

ولم يبعد قطاع النفط والكهرباء كثيراً من هذه التأثيرات الأمر الذي جعل من إعادة هيكلة القطاع أمراً ضرورياً وملحاً وفق رؤية القائمين على أمره.

أمس الأول أجاز مجلس الوزراء الاتحادي مشروع هيكلة قطاعي الطاقة والكهرباء وتضمن المشروع تقسيم البترول إلى ثلاثة قطاعات وتكوين شركة واحدة لكهرباء السودان بدلاً عن خمس شركات.

وقال وزير الطاقة والنفط د.محي الدين نعيم، في جلسة مجلس الوزراء (الخميس) تم تقسيم قطاع البترول الى قطاعات رئيسية تشمل قطاع سيادي يطلع بصنع السياسات واللوائح والإجراءات وذلك بتكوين مجلس شؤون النفط برئاسة رئيس مجلس السيادة، بينما تقوم الوزارة بربط سياسات الدولة بسياسات الوزارة والقطاع الخاص ، بجانب المؤسسة التي تعني بالإشراف والرقابة وشركة سودابت للعمل التجاري.

وأضاف إن مجلس الوزراء أمن على مقترح الوزارة بتحويل شركات الكهرباء إلى شركة كهرباء السودان وإنشاء إدارات عامة تختص بالتوليد الحراري والتوليد المائي والطاقات المتجددة والنقل والمشروعات فضلاً عن إنشاء إدارات مساعدة للإمداد والمالية والموارد البشرية والإدارية لجلب قطع الغيار للكهرباء وترشيدها.

وأكد الوزير ان الهدف من الهيكلة بالنسبة للقطاعين هو تمكين الجهاز الرقابي من الإشراف التام على القطاع بصورة فعالة وناجزة وتوحيد السياسات والمعايير وجودتها.

وجدد حرص وزارته على تقديم الخدمة للشعب السوداني بإعادة النظر في المورد البشري بعد انفصال الجنوب، متوقعاً دخول استثمارات أجنبية كبيرة، مشيراً في هذا الخصوص إلى ترتيبات زيارته لدولة الصين و التي يتوقع أن تقود إلى دخول استثمارات كبيرة.

وقد حاول موقع “المحقق” الإخباري الوقوف على مختلف وجهات النظر و ردود الأفعال حول هذه القرارات، وتباينت الآراء بشأنها، فوزير الدولة الأسبق بوزارة النفط، د. إسحاق جماع أوضح أن البلاد تمر حالياً بظروف حرب وغزو مفاجئ ، وأشار جماع في حديثه مع “المحقق” إلى أن مؤسسات الطاقة قد تأثرت بهذا الوضع مثل المؤسسات الأخرى للدولة وأربكت الدولاب الطبيعي لماكينة الحكومة ابتداء من المقرات الرئيسية بالعاصمة إلى مقرات أخرى أكبرها بورتسودان وبعض المواقع الأخرى.

وأكد على تأثيراً كبيراً أصاب رأس المال البشري الذي كان تدير هذه المؤسسات مما جعلها تعمل بطاقات وإمكانيات متدنية.

وقال جماع إن “ما يحدث في قطاع الطاقة نسمية ترتيبات الحد الأدنى للتشغيل وليست الهيكلة بمعناه الواسع “.

واكد على أهمية أن تسعى الوزارة في هذا الاتجاه بقدر الفواصل بين الواجبات السيادية والسياسات على مستوى رئاسة الوزارة وجهاز رقابي على أن تعمل مؤسسة النفط في الأشراف على المستويات الأخرى التشغيلية من شركات وإدارات متخصصة.

وشدد على أهمية الفصل بين إدارة مؤسسة النفط ورئاسة الوزارة من وزير ووكيل
وأوضح ان الخطة الأصلية للهيكل ينبغي أن تكون بعد زوال الظروف الاستثنائية و الاستعانة ببيوت خبرة متخصصة لوضع التصور الفني المتكامل واستخدامه في التنفيذ الفعلي على أرض الواقع بعد إضافة أي تعديلات مثل النصوص القانونية أو الضرورات البيئية والاجتماعية.

بينما يرى خبير في مجال الطاقة – فضل حجب هويته – أن هيكلة قطاع الطاقة والكهرباء قد تمت من قبل بجهد كبير من أجل تحويل الهيئة القومية للكهرباء إلى شركات. وانتقد في حديثه مع موقع “المحقق” الإخباري أن تأتي خطوة الهيكلة في ظل حالة الحرب التي تعيشها البلاد الآن وطالب بتأجليها إلى أجل غير مسمى،
وشدد على أهمية إعطاء فرصة للهيكلة الأولي للاستفادة من ايجابياتها لأن هنالك طاقة وجهداً بُذلا ويجب ان تتم الاستفادة من ذلك على حد تعبيره.

وأشار الخبير إلى أن الهيكلة السابقة جعلت كل شركة لها مسؤلياتها المحددة دون أي فوضى مبينا أن الظروف الحرجة الحالية جعلت العاملين يبذلون جهدا مقدراً ومنهم مًن استشهد أثناء عمله.ولفت إلى أن مثل هذا القرار يقتل حماس العامل وهمته لأداء واجبه في مثل هذا الظرف.

ونبه إلى أن العاملين غير مستقرين ومن غير المنطقي أن تتم هيكلة القطاع في ظل هذه الحرب لاسيما وأن الهيكلة تحتاج الي جهد كبير .
واستبعد ان تكون هنالك صعوبة لادارة هذا القطاع بواسطة الحكومة خاصة وأن مكونات القطاع لكل شركة محددة وتسهل إدارته ومتابعته.

من جانبه يرى الخبير الاقتصادي ، د. محمد الناير أن القرار الخاص بهيكلة قطاع النفط والكهرباء ، قرار جيد يجب تنفيذه بصورة دقيقة لأن ظروف الحرب الحالية جعلت عدداً كبيراً من العاملين بالقطاع منقسمين مابين قلة تستطيع مزاولة العمل وآخرين جعلت الحرب أقامتهم بعيدة في الولايات الآمنة بما يجعل من الصعوبة بمكان ان يزاولوا العمل، وأكد الناير في حديثه مع “المحقق” اهمية حصر عدد العاملين.

واشار إلى تأييده لوجود شركة واحدة تتولى كل عمليات قطاع الكهرباء من انتاج وتوزيع والإمداد والانتشار بالاضافة إلى التفاصيل المالية ويكون لديها ادارات عامة متخصصة، ولفت ان هذا هو الخيار الأمثل للشركات التي تتعارض مهامها واختصاصاتها مع بعضها البعض.

وقال الناير ” إذا تمت الهيكلة بصورة صحيحة وسليمة وأصبح الهيكل يتناسب من حيث العدد حيث تتناسب القوى العاملة مع التشغيل فان ذلك سيعود بمردود إيجابي على القطاع من حيث الانتاج والتشغيل” ، وأضاف “إن إعادة الهيكلة ستساهم بشكل كبير في ترشيد الإنفاق العام وتحسين الخدمة”

ودعا الناير إلى تغيير منهجية أن يتولى رئيس مجلس السيادة لمجالس الشؤون التنفيذية كما جاء في تكوين مجلس لشؤون النفط برئاسة رئيس مجلس السيادة واقترح أن يكون على رأس المجلس شخصية متمكنة في مجال النفط واعتبر أن ذلك سيفيد القطاع بشكل كبير مبيناً ان الدولة ستستطيع ان تساند في جميع مستوياتها القرارات الصحيحة التي تخرج من جهة مختصة وتجاز من مجلس الوزراء.

وشدد على اهمية تغيير هذه العقلية في المرحلة القادمة بان يكون الوزير على رئاسة مجلس ادارة الشركات وان يتغير المفهوم بتعيين شخصيات لديها خبرات متراكمة في المجال وتكون لديها قدرة بوضع السياسات المناسبة وأن تجد طريقها للإجازة والتنفيذ دون ضرورة وجود اعلى سلطة في الدولة لرئاسة هذا المجلس.

ونوه ان قطاع النفط والبترول يساعد بشكل كبير في ازالة الأعباء من على كاهل الحكومة من خلال ترك أمر استيراد المواد البترولية من خلال شركات تتبع للحكومة بحيث تساهم في انخفاض اسعار المواد البترولية بالبلاد والتي تعد حالياً الأعلى على مستوى العالم لافتا ان ذلك من شأنه ان يؤثر على اسعار السلع والخدمات تاثيراً ايجابياً لا سيما على القطاعات الزراعية والصناعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى