اقتصاد ما بعد الحرب: أهمية تطبيق نظام الجودة الشاملة ومعايير الأيزو 9000 لتسويق الصادرات السودانية
بروف فكري كباشي الأمين
تضع المواصفات القياسية العالمية الأسس للتطابق العالمي، حيث يجب على الشركات التي تتوقع المنافسة في الأسواق العالمية أن تتوافق أعمالها ومنتجاتها مع المواصفات القياسية السائدة.
وقد ظهرت على المستوى العالمي مقاييس لقياس الجودة أطلق عليها سلسلة مواصفات الأيزو 9000، تتضمن هذه السلسلة التأكيد على العمليات الرسمية، ومتطلبات العمل لتوجيه وإرشاد العمال، كما يمكن الاعتماد عليها للحكم على مدى التزام الشركات بالمواصفات المطلوبة إلى جانب الاهتمام الكبير في نمط الإدارة الحديثة.
وقد شهد العالم تطور المواصفات العالمية بما يضمن تحقيق أعلى درجات المطابقة للمواصفات المطلوبة للزبون، الأمر الذي وحد المواصفات الوطنية في دول العالم كافة للخروج بمواصفة عالمية موحدة ذات شهادة لضمان الجودة أطلق عليها سلسلة المعايير الدولية ISO 9000 فهذه المواصفات أصبحت شرطاً مهماً وأساسياً في عمليات التبادل التجاري الدولي وضرورة من ضرورات إبرام العقود التجارية بين المنظمات في كافة دول العالم.
(1) تعريف ونشأة الأيزو 9000:
((الايزو 9000 عبارة عن سلسلة من المواصفات المكتوبة أصدرتها المنظمة العالمية للمواصفات عام 1987م. تحدد هذه المواصفات وتصف العناصر الرئيسية المطلوب توفرها في نظام إدارة الجودة الذي يتعين أن تصممه وتتبناه إدارة المنظمة للتأكد من أن منتجاتها (سلع أو خدمات) تتوافق مع – أو تفوق – حاجات أو رغبات أو توقعات العملاء)).
وتتشكل كلمة أيزو ISO من الحروف الثلاثة الأولى للكلمات International Standardization Organization ، وترجمتها المنظمة الدولية للتقييس وهي منظمة تستهدف رفع المستويات القياسية ووضع المعايير والأسس والاختبارات والشهادات المتعلقة بها من أجل تشجيع تجارة السلع والخدمات على المستوى العالمي وتضم هذه المنظمة ممثلين من معظم دول العالم.
وعندما تكون هناك مواصفات قياسية لعملية ما يتوقع أن العملية ستنتج وحدات مثيلة أو غير مختلفة للمنتج، وهي ما يطلق عليها منتج الأيزو أو وحدات الأيزو، والأمر الهام هو أن الأيزو تعتمد على نظام الجودة كما هو مطبق فعلا وليس كما هو مكتوب.
(2) نشأة الأيزو 9000 :
اشتقت المواصفات القياسية الدولية الأيزو 9000 من المواصفات القياسية العسكرية والمواصفات القياسية لحلف الناتو والمواصفات القياسية البريطانية Bs5750 التي أصدرها المعهد البريطاني للمواصفات القياسية عام 1979م.
ولضرورة إصدار مواصفات قياسية دولية لنظم الجودة اجتمعت لجنة في المنظمة الدولية للتوحيد القياسي وتم اختيار مواصفات لتكون أساسا لوضع المواصفات القياسية الدولية الأيزو 9000 التي صدرت عام 1987م.
نجد أن صدور المواصفات القياسية الدولية الأيزو 9000 لتوحيد ما يجب أن يكون عليه نظام الجودة بحيث تكون هناك منظمات دولية تتولى مراجعة نظم الجودة في الشركات. وفي حالة تطابقها مع متطلبات مواصفات سلسلة الأيزو 9000 تمنحها شهادة بذلك، وهذه الشهادة تؤكد الجودة وتعتبر إعلاناً صريحاً لها.
(3) أسباب تطبيق نظام للجودة يتفق مع معايير الأيزو: منها ما يلي:
أ. السبب الرئيسي يرجع إلى أنه مطلب أساسي للتعامل مع السوق الأوربية المشتركة.
ب. تزايد توقعات المستهلكين بوجود هذا النظام، فنتيجة لتزايد عدد المنظمات التي تم تسجيلها تزايد متطلباتهم بضرورة تسجيل كلا من الموردين ومقاولات التعاقد من الباطن.
ج. أصبح مطلب ضروري لكثير من المنظمات لضمان تزايد حصتها السوقية.
د. وجود بعض المزايا الداخلية يمكن الحصول عليها نتيجة لتطوير وتطبيق نظم جودة موثقة تفوق الضغوط الخارجية.
(4) علاقة إدارة الجودة الشاملة بالمواصفات القياسية الدولية الايزو 9000:
(إدارة الجودة الشاملة مدخل إلى تطوير شامل مستمر يشمل كافة مراحل الأداء، ويشكل مسؤولية تضامنية للإدارة العليا والإدارات والأقسام وفرق العمل والأفراد سعياً لإشباع حاجات وتوقعات العميل. وبالنسبة للأيزو 9000 فهي مواصفة محددة لها معنى موحد متفق عليه بأية لغة ومن أي منظور، وهذا ما يسهل تقييم مدى التوافق معها على مستوى عالمي).
وتعد سلسلة المواصفات الدولية ISO9000 مجموعة من المواصفات التي تؤدي إلى تثبيت المتطلبات الخاصة بأنظمة إدارة الجودة في المنظمات وهي جواز سفر عالمي يسهل التبادل التجاري بين دول العالم وإدارة تسويقية لمنتوجاتها، واستخدامه يدل على التزام المنظمة وإدارتها بالجودة والتحسين للسلعة، فضلا عن كونه الوسيلة الفعالة لتحقيق زيادة في الأرباح وتقليل الأخطاء.
لذلك تعد سلسلة المعايير الدولية الخطوة الأولى لتحقيق إدارة الجودة الشاملة. إذ أن اتباع المنظمة سلسلة المعايير الأولية كنظام للجودة سيحقق أهداف الجودة الشاملة باعتبارها حالة مثالية تسعى المنظمات الصناعية إلى تحقيقها.
فالمنظمات التي ترغب في تحقيق إدارة الجودة الشاملة بالاستناد إلى متطلبات ISO يتوجب عليها الاعتماد منذ البداية على متطلبات ISO ومحاولة تطويع متطلبات النظام ليخدم متطلبات إدارة الجودة الشاملة بالتوجه نحو التحسين المستمر لجودة السلعة وتطوير عمليات الإنتاج والتصنيع، و يقدم نظام إدارة ISO9000 إطارا وآلية لتقديم تغييرات حول أسس مخطط لها من خلال التدقيق الداخلي وبرامج الإجراء التقويمي.
وبذلك تبرز حاجة لتعريف تحسين الجودة وأدوات و أساليب لتقييمها وقياسها عن طريق تعريف منظم لسياسة تحسين الجودة واختيار الطرق الملائمة لتحديد مدى التحسين فعندئذ سيطور ISO9000 ضمن إطار الجودة الشاملة ولذلك ينبغي للجهات المعنية بالأمر في السودان البدء منذ اليوم قبل الغد في تطبيق مفاهيم الجودة الشاملة والسعي الدؤوب في الحصول على الأيزو 9000 لكل المنتجات السودانية التي يستهدف بها الأسواق الدولية بدل أن تصدر إلى دول أخرى بقيم بخسة ليعاد تعبئتها وتصديرها إلى الأسواق العالمية بأضعافها مما يؤدي إلى إهدار الثروات والموارد النقدية من العملات الصعبة في وقت يعاني فبه الشعب السوداني من الجوع والفقر والمسغبة.