رأي

الألغام الدبلوماسية والمشروعية الدستورية

د. حسن عيسى الطالب

بعد أن انبلج على شعب السودان فجر الانتصارات الممهورة بالدماء الطاهرة والأشلاء المستبسلة، والتضحيات الجسام، تنادت في هذه الأثناء بعض الأصوات النشاز، التي ظلت خافتة أيام المحنة، بقصد ثنيّ الجيش الذي يقف وراءه كل شعبه وبكافة توجهاته، فأضحى لا يخشى في تحرير بلاده لومة لائم، بل لا يهاب الموت ليعيش بكرامة وعز، مدافعاً عن عرضه ومناجزا عن تاريخه وقيّمه وإرثه.

ولقد تقرر للجميع اليوم أن الشعب السوداني قد تخطى حواجز الخوف والترهيب، واملاءات الترغيب والغدر الكذوب، ولن يسمح بعد اليوم لأي من كان بالتدخل السافر في تحديد مصيره أو قراراته السيادية، أو أن يقترح له خارطة تحدد كيف يعيش في وطنه، أو ما النظام الذي يختاره لحكمه، بعد أن تُرك مشردا ومقتولا ومنهوبا، وأضحى بعض بنيه المتحيزين من أتون الجرم الواقع مدحورا ومدفوعا على حدود بعض الدول، التي طمعوا في أن يهنأوا فيها بمقام المستجير. فأضحى جلهم مرفوضا ومركولا بالأيدي والأقدام من دخول عدة دول، فلا يُقبل به حتى لاجئا مجيرا.

وطوال عامين من المأساة ظل البعض يتفرج على سوء القدر الذي أصاب السودان، وعظم البلاء والمأساة التي نصبت له.

على الفريق أول البرهان، بوصفه رئيس مجلس السيادة ورئيس الدولة، العكوف المسؤول والصارم على تطهير ما تبقى من جيوب العمالة والإرتزاق، وتنظيف كل شبر تبقى من البلاد من أرجاس العمالة وسوءات الأرتزاق، والسعي الحثيث لتشكيل حكومة مهام، وبأعجل ما يتيسر، لإعادة النازحين واللاجئين لمواطنهم، والبدء في مشاريع الإعمار والبناء، مسنودا بالدول الشقيقة التي وقفت مع أهل السودان في ساعة العسرة، كالمملكة السعودية وقطر والكويت ومصر وإريتريا، وكل من قدم سبته لأهل السودان الذين يلزمهم مكافأته في الأحد القابل.

فالانتقال للمشروعية ضرورة دستورية وواقعية حتمية، وتتم عبر المشورة الشعبية، التي تنداح عبر بسط التشاور العريض على مستوى القواعد، لتحقيق أعلى مستويات الرضى العام، وتمهيدا للإعداد للإنتخابات العامة الحرة النزيهة.

فأي إنحراف عن الأهداف السامية التي قررها الشعب السوداني، والإنجرار وراء المخططات المفخخة، الممزوجة بالأماني الكذوب، والغرر المغلف، والتدليس الماكر عبر ما يسمى بالمجتمع الدولي، ونشر الألغام الدبلوماسية التي ينصبها الأعداء باحتراف ماكر، القصد الأساسي منها هو تعويق النصر الماثل اليوم والتخذيل، ومن ينحدر في وهادها، يمثل سلوكه دون شك خيانة للشعب السوداني، ولتاريخه ومجاهداته العظمى، وهو بيع بخس لدماء الشهداء. ولن يقود التمالي مع اطروحات الأجانب الغادرة إلا لتمرير وإعادة إنتاج أجندة داعمي الميليشيا بطرق أخرى، فهذه أساليبهم المعتادة والمكرورة.

هذه هي الدروس المستفادة ومنذ عامين، وعلى كافة مسارح الحرب المفروضة. وهي نتاج العبر والعظات المسطورة في أسفار وتواريخ الحروب، وملاحم التحرير منذ المئين، وهي ذات العبر المسرودة في أدبيات التآمر سواء على مستوى الإقليم أو في العالم من حولنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى