ثقافية

الذاكرة السودانية: هل من طريق إلى عصر تدوين جديد؟

محمد الشيخ حسين

على مرفأ الذاكرة السودانية نتذكر اللحظة المعينة التي يجب علينا أن نتذكرها، رغم علمنا أن لكل شيء وعاء في الذاكرة. وللذاكرة صحو مهما عتقها الزمن بالنسيان، ويظل الخيال مرفأ طمأنينة حين يرتبط بواقع أشياء تمر علينا كل صباح وكل مساء ولا نلتفت إليها وإلى وجودها وتأثيرها في حياتنا. فقط نتذكرها حين نفقدها. وهنالك أشخاص أيضا لا نعلم مدى تأثيرهم على حياتنا إلا عندما يرحلون عنا. حينها ندرك ما قيمة الأشياء والأشخاص.

وللذاكرة نصيب كبير في تحديد مجريات حياتنا، فالذاكرة تدلنا على مكان عملنا كل صباح. وعلى أسماء الأشخاص حولنا. وعلى ما يجب وما لا يجب. وللأرض والشجر ولصوت محمد وردي ذاكرة حتى الإنسان يملك ذاكرة، ولكنه يرفض أن يتذكر أنه مخلوق من تراب، فيتكبر، ويصرخ، ويبطش، ويظلم، ويتعالى على كل شيء، وهذا هو الإنسان الذي يملك ذاكرة ولا يملكها.

أما الذين يحسنون عملية استرجاع الذاكرة هم الأجدر على قراءة المستقبل. ولعل هذا القول ينطبق على مسعى متواضع لتأسيس عصر تدوين جديد للأحداث في السودان.

عصر التدوين الذي ننشده يقوم على مزج تجارب الماضي وأفكار الحاضر من أجل خلق مجموعة من البدائل والإمكانات الفكرية أمام تطور الإنسان والمجتمع ماديا وفكريا.

ولعل أهم ما تؤكده الذاكرة السودانية في نظرتنا إلى عصر التدوين هذا، هو قوة المعرفة، فالمعلومات قد أصبحت موردا تنمويا يفوق في أهميته الموارد الاقتصادية، بل إن الثروة نفسها أوشكت أن تكون بمنزلة معلومات ونبضات وإشارات تظهر على شاشات المؤسسات الاقتصادية، كما أن العلم قد أصبح ثقافة المستقبل في حين اقتربت الثقافة من أن تصبح هي علم المستقبل الشامل الذي يطوي في عباءته فروعاً معرفية متعددة.

وبعد فإن الذاكرة السودانية رؤى لكل متطلع للمستقبل ولكل الذين يؤمنون بالتغيير، وهو ليس تغييرا عشوائيا، ولكنه يقوم على إعمال الذهن واستشراف المستقبل.

الذين تشرق عليهم الشمس عمدا قد يمتد بهم الانتظار ليصبح بطول العمر. وعندئذ ينتظرون ما لا يأتيهم أبدا ويقضون الوقت منغمسين في استطرادات قد يكون غدا مختلفا من يدري؟

إن الكتابة عن الأشخاص والأحداث والأفكار قد تكسبك بعض المهارات والاهتمامات وتجعل ولعك بالتدوين في اتساع دائم.

وأنا ـ مثلا ـ كنت أكتب في الصحافة ربما لأنني أريد الانتشار على مساحة واسعة، وأريد أن أقيس معالم اهتماماتي ومدى الاكتساح الذي سأحققه. بدأت أنقب وأبحث وأحاور في عدد من الموضوعات منذ ديسمبر 1984. ولست أدري إن كنت أريد أن أعثر على وطن خلف (كواليس) الذاكرة ربما فقدته هنا، رغم أنني مازلت أبحث عن رائحة ترابه. القضية أننا في أحيان كثيرة نلتقي بمنفى للذاكرة، لنعقد معه صفقه رابحة، ولكننا نكتشف في نهاية النفق أعاصيره وحممه البركانية.

لم يكن في نيتي مطلقا الكتابة عن هذه الذاكرة، لكنها تلبستني بالرغم مني. وبدأت أدنو من ذاكرتي الأولى في الكتابة عل تلك الحمم النائمة تستفيق من براكين التدوين في مكامن الذاكرة.

بدأ شيء ما بداخلي يقترب من عصر جديد للتدوين في حياتنا ترك بصماته على ذاكرتي. وقررت أن استعيد ذلك الظل الخافت في أنفاسي.

وقبل أن أعلن أنني أعيش حالة العشق والشرود لطيف الذاكرة صدمني أن الحراك السياسي والاجتماعي في السودان يتغذى بالمشافهة وكثرة (طق الحنك)، ويختلف الناس باختلاف أصول النقاش المفتوح في كل الاتجاهات ويتصارعون وفق مفردات وتوقيتات مرتبطة بالصراعات نفسها.

وخريطة الحراك هذه صارت مألوفة على غرابتها ويصدقها الناس لأنها حقيقتهم المتاحة.

إذن الذاكرة السودانية تبحث عن حكايات وإفادات مدونة عن الحياة بين القسوة والتسامح، بين حضورها النخبوي وتشييئها لدى العوام.

ولا مجال هنا للإحاطة بنماذج التدوين السابقة، لكن الذاكرة السودانية تشهد إجمالا على أن التدوين الجديد لا يجب ما قبله، إنما يثير أسئلة وقضايا ربما تتحول مع الزمن إلى شيء من التداخل، فلا تدوين نقي في واقع معقد، إن صحت العبارة.

وخريف بلادنا السياسي لا يعد بشتاء يحرك فيجدد، ولا بربيع يحتفي بالتنوع. خريف بطيء الخطى يتواءم مع الأخبار الرسمية وأحاديث الزعماء ومطالب المتمردين وشيخوخة الشبان وغياب الطفولة.

على أن أهم الملاحظات خلال الفترات الزمنية التي تغطيها الذاكرة، تزايد الاهتمام بالتراثيات وظهور الاهتمام الكثيف بالدين في وسائل الإعلام، حيث لم يقتصر تأثيرهما على الشـــأن الفكري والسياسي، وإنما أيضا على نوع اللغة التي تحمل أفكارنا وتعبر عن أغراضنا.

ما نشهده اختفاء لغة معقدة الصياغة، أخذت عنفوانها السياسي من سطوة اليسار في ستينيات القرن الماضي من لغة تزدحم بالجمل الطويلة التي يضيع القارئ في إحالة الضمائر إلى الكلمات.

المفارقة أن تلك اللغة اختفت لتحل لغة القرون الوسطى محل لغة العصر بجملها القصيرة التي تكسب النص حيوية وحركة وتجعل المعاني حاضرة نابضة. هل هذه الحيوية ناتجة من أن العودة للتراث تعني العودة للأصل الثقافي؟

هل نحن في زمن تضللنا فيه الكلمات، فيما كانت الكلمات تقودنا إلى المعاني ببساطة أو تحملنا بمودة على بساط الريح؟.

ربما يزيد المشهد تعقيدا النعرات الطائفية التي بدت تطفو على السطح في كثير من البلدان العربية والتي يروج لها البعض تحينا لكسب مصلحة ما هنا أو أخرى هناك أو وعد بهذه المصلحة في المستقبل.

غير أن مشكلات السودان في اتساع ولا أحد يشغل باله بمجرد محاولة التفكير في الحل أيا كان هذا التفكير فلا نرى إلا تخريفات من هنا وأخرى من هناك أدت إلى كوارث اقتصادية وسياسية واجتماعية نعرفها جميعا واكتوينا بنيرانها.

لم تتحسن الأوضاع ولا الأحداث كثيرا خلال الأعوام التي تغطيها الذاكرة، بل زادت تعقيدا وخوفا على مستقبل لا نستطيع تخيل ملامحه، إلا عبر تدوين الأمنيات في توصيات أوراق (ورش العمل).

وعودة للذاكرة السودانية، فإن ترسم الإمام المهدي خطى النبي (ص) فكانت مدينة أم درمان. يستمد أهمية كبيرة في تاريخ المدن وتكوينها الاجتماعي.

والشاهد هنا أن تاريخ أم درمان نموذج مصغر لتاريخ السودان وأهل أم درمان يعبِّرون بدرجة غير قليلة عن الهوية السودانية وعن الكثير من ملامح الشخصية السودانية.

ولعل مشروعية الدعوة لتـأسيس مناهج ورؤى لعصر تدوين جديد، تكمن في أن الموضوع يسعى إلى لفت الأنظار إلى أهمية تاريخ المدن ولاسيما أم درمان لمكانتها التاريخية والثقافية فضلاً عن كونه يطرح قضية ما زالت تحتاج للكثير من الآراء والبحوث.

وبنفس الدرجة من الأهمية قد يكون من المفيد أن ننبه لموضوع دارفور بوابة السودان الغربية، فكل السطور القليلة التي كتبت عنها ربما عكست وقتها نذر الخطر المحيطة بدار فور قبل أكثر من عدة سنوات من تفاقم الأزمة. وعلى ذلك قس بقية القضايا التي يحتويها تاريخنا المعاصر.

على أن ذروة سنام عصر التدوين الجديد هذا تبدو واضحة في الآفاق الفكرية، حيث لا تزال كل نقاط الحوار المثارة حية تسعى بين ظهرانينا بكل عنفوانها وسطوعها ومأزقها.

ظهور المفكر

في الآفاق الفكرية بدا لي أن ظهور المفكر والأكاديمي أو أستاذ الأجيال في مجتمع ما ظاهرة اجتماعية تتأتي بفعل توافر ظروف موضوعية ومناخ ملائم. وهذه ما قدم علم اجتماع المعرفة بعضا من مفاتيح فهمها. ولعل تأمل هذه الظاهرة ومقارنتها بحالة الجدب التي صرنا نعاني منها في العقود الأخيرة قد يفيد في فهم جوانب من مشكلات التعليم والثقافة في السودان.

وليس غريبا أن يهتم أستاذ الأجيال البروفيسور محمد عمر بشير بمشكلات الوعي القومي (الحركة الوطنية) ثم مشكلة الجنوب وأخيرا التعليم. وتلك هي قضايا السودان الرئيسية، التي مازالت تتصدر قائمة القضايا السودانية.

على أن المهم في عصر التدوين الجديد أن الكتابة عن بعض الشخصيات السودانية البارزة، مازالت انطباعية وقصيرة. ولم تظهر حتى الآن دراسات أكاديمية منصفة لهؤلاء الذين أسهموا في تشكيل الوعي القومي والهوية الوطنية.

وتكمن أهمية الحديث عن مفكر مثل الأستاذ جمال محمد أحمد في انعدام المسافة بين جمال المفكر وجمال الإنسان!

طرح جمال رؤيته للأزمة التي لازمت السودانيين منذ الاستقلال بدءا من انصراف المثقفين عن السياسة ثم الحكم العسكري والخلل الذي أصاب الصفات القومية منتهيا إلى تحالف الدين والعسكر.

ولا يحصر طبيعة التشويه الذي يصيب المجتمع من جراء تسلط حكم الفرد في الشأن السياسي وانتهاك الحقوق، بل إنما يتعداه إلى الجوانب النفسية والروحية إذ يصيب الصفات القومية بالخلل ويبدد التراث الروحي الذي يستمد منه الناس قواعد سلوكهم وصفاتهم.

كما تعرض جمال إلى خطر المذهبية السياسية التي اعتبرها سجونا ولفت الأنظار إلى تآكل التسامح في الساحة السودانية.

أما أهم الأفكار التي طرحها جمال في عصر التدوين الجديد، فهي مسألة تمثيل القوى الحديثة من جهة أنها واحدة من معضلات الحياة السياسية في السودان منذ ما قبل الاستقلال. فكثيرا ما كانت القوى الاجتماعية الصاعدة تسعى إلى التحرر من قبضة الأحزاب التقليدية، مما أدى إلى أن تبقى الأحزاب على حالها دون تطور من ناحية وإلى أن تبقى القوى الجديدة بمعزل عن القاعدة العريضة من ناحية أخرى.

أزمات النخبة

ظل رحم هذه البلاد ينجب المفكرين وأصحاب الرؤى دون انقطاع لكن أزمات النخبة المتفاقمة جعلت أصوات هؤلاء المفكرين تذهب إدراج الرياح وعلى الرغم من نصاعة أفكارهم وعمق رؤاهم إلا أنهم يحملون تناقضات وأزمات التحول من المجتمع التقليدي إلى ما يعرف بالمجتمع الحديث الذي ما هو إلا اندماج في الثقافة المهيمنة.

كما أنهم صناع وحملة ملامح ورموز وقيم الثقافة الغالبة. فعلى سبيل المثال عندما يتحدث مفكر في قامة البروفيسور مدثر عبد الرحيم عن الثقافة الأفريقية العربية الإسلامية التي ليست سوى توليف مثالي لا وجود له في الواقع، فإن ذلك يدلل على أن الفكر كان يروج لايدولوجية الجماعة المهيمنة في المجتمع.

وذلك ما يطرح بإلحاح السؤال عن مسؤولية النخبة في أزمة الهوية التي تعصف بالبلاد التي وصلت في وقتنا هذا إلى حالة الحرب.

الاتجاهات الانفصالية

كان واضحا لديهم أن المستقبل يتجه نحو تزايد الاتجاهات الانفصالية وإغراءات الانكفاء على الذوات المحلية لكن التفكير المثالي وغلبة الجماعة المهيمنة أسهما في الركون إلى وهم التوحد القومي.

وكان واضحا أن الغزو الثقافي وتزايد الاختلاط بالخارج سيفضي إلى تآكل القيم وأنماط السلوك لصالح أنماط واردة أهمها المزاج الاستهلاكي والتفاخري.

كل ذلك يعزز الاعتقاد بأن الأنظمة السياسية المتعاقبة منذ الاستقلال لم تنطلق من رؤية ثقافية ولا مشروع مجتمعي يستند إلى منظومة قيم بعينها.

وحتى المثقفين الذين اجتذبتهم الأنظمة السياسية المختلفة خدموا تلك الأنظمة أكثر مما خدموا أفكارهم ومشاريعهم المجتمعية.

ليس جديدا القول إن المعارف والتقنيات الغربية قد أحدثت حالة استلاب شبه كامل اختفت معه كل مظاهر النقد والانتقاء. ومن أكثر المجالات التي حدث فيها الاستلاب المجال الاقتصادي الذي تم فيه قبول النظام الرأسمالي كأنه من طبيعة الأشياء التي لا سببيل إلى مقاومتها أو الالتفاف حولها.

مشروعية التدوين

عودة لعصر التدوين المرتجى يصبح السؤال: ألم يحن الوقت بعد للحديث عن مدرسة وطنية في الاقتصاد السوداني؟

ويستمد عصر التدوين الجديد مشروعيته من أن التدوين التاريخي الحديث في بلادنا سار في ركاب الغرب منذ تبني نظم التعليم والأفكار الغربية وانقطعت الصلة تماما بتراث الكتابة التاريخية الإسلامية.

غير أن هذه القطيعة لم تكن مفاجئة، إذ كانت أغلب المدارس والتيارات قد طواها النسيان ولم تبق سوى مدرسة الحوليات طيلة قرون الحكم العثماني.

ويقتضي المقام الإشارة إلى تجاهل النقلة الكبرى التي أحدثها ابن خلدون في منهج التاريخ وفلسفته، ولم يعد ذلك التراث إلا من خلال المستشرقين في القرن التاسع عشر.

تأسيسا على هذا، ركزت الكتابات التاريخية المعاصرة في بلادنا على الأحداث والوقائع وأولت المصادر والوثائق اهتماما خاصا تقليدا للمناهج الغربية الموروثة من القرن التاسع عشر، لكنها لم تستجب إلا في أضيق نطاق للتطورات التي طرأت على كتابة التاريخ في الغرب.

إحجام الأوساط المحافظة

لعل إحجام الأوساط المحافظة سببه الإسهام الكبير للفكر الماركسي في التأسيس للعديد من التيارات الجديدة مثل التاريخ الاجتماعي وتاريخ الأفكار. وإذا كان الاطلاع على تلك التيارات والإفادة منها أمرا مهما لإثراء الوعي التاريخي لدينا، فان الأهم من ذلك هو إعادة الاتصال بتراثنا التاريخي المنسي وتطويره فالخلدونية ليست عملا فرديا لمؤرخ فذ نطالب بالتوقف عنده وتقليده واجتراره، إنما هي تـأسيس لوعي تاريخي جديد وانفتاح على فضاء معرفي رحب ينظر للاجتماع والعمران البشريين من منظور إسلامي عقلاني.

ربما يندهش البعض من أدعو وأنا الصحفي المحترف إلى عصر تدوين جديد ولتثوير الكتابة التاريخية، فذلك شأن الدوائر الأكاديمية الضيقة والمؤرخين المحترفين.

ولعل دهشتهم ستزول إذا علموا أنني ظللت منذ بداياتي في منتصف الثمانينيات مراقبا للتحولات الاجتماعية منهمكا في جمع شهادات الشخصيات المؤثرة في الساحة؟

وأيا كان الأمر، فإن هذه الدعوة ليست كتابة في التاريخ ولا بحثا أكاديميا حول قضية بعينها يلتزم حرفية البحث التاريخي ومناهجه إنما هو بمثابة دعوة لإعادة النظر في طرق التدوين وفوق كل ذلك هو مجموعة مفاتيح لمغاليق الأحداث والتحولات التي طرأت على مجتمعنا منذ تفتح الوعي الوطني.

مخاض عسير

هنالك مأزق وطني أو بالأحرى مخاض عسير لدولة (حديثة) فرض عليها الاستعمار مقومات الحداثة على حساب نظمها التقليدية وأنماط عيشها الموروث. وهنالك أشكال من التعدد والاختلاف فرض عليها التاريخ والجغرافيا أن تلتقي على حد أدنى من الوحدة. وهنالك أيضا أزمة المعرفة والنخبة الجديدة التي أفرزتها نظم التعليم والأفكار الواردة من الغرب وحول هذه المحاور الثلاثة تدور رحى هذه الفكرة إلى عصر تدوين جديد.

وقصارى الأمر أن البحث عن الدولة ما زال خبط عشواء، وكل المحاولات التي تمت كانت على حساب المجتمع وخصما من رصيده.

وفي كل مرة كانت الدولة البيروقراطية التي لم يعرفها السودان إلا في زمن الاستعمار تقضي على النسيج الاجتماعي وبأس أفراده واستقلالهم.

وفي كل مرة كانت النخبة الجديدة المتأثرة بالغرب وأفكاره ونظمه تؤكد جهلها بخصوصية تاريخ السودان وطبيعة الشخصية السودانية وتصر على السير قدما في طريق بناء نظام بيروقراطي يحتل فيه حملة المعرفة الجدد مواقع الامتياز.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى