تقارير

السودان: الأجور حرب أخرى ضد العاملين بالدولة

المحقق – نازك شمام

بنسبة 60 بالمئة تحاول وزارة المالية والتخطيط الإقتصادي أن تفي برواتب العاملين بالدولة الذين يخوضون حرباً شرسة مع الأوضاع المعيشية وانفجار معدلات التضخم في ظل الحرب والصراع المستمر خلال عشرة أشهر بالسودان.

وتحاول المالية تغطية الرواتب وسط عجز كبير في الإيرادات وتوقف شبه كامل لحركة الإنتاج.

شكاوى وتذمر في أوساط العاملين بسبب تفاوت الإلتزام بالأجور من قبل وزارة المالية، فهنالك وحدات حكومية يتم الإيفاء بمرتباتها بصورة شهرية بينما هنالك وحدات استلمت مرتب شهر يونيو الماضي خلال الأيام القليلة الماضية.

وكشفت مصادر مطلعة عن أن الوزارات السيادية والوحدات الحكومية الإتحادية استلمت مرتباتها حتى شهر يناير الماضي.
وقالت المصادر لـ(المحقق) هنالك شرائح من العاملين بالخدمة المدنية لديها أكثر من خمسة أشهر متأخرات وأن آخر مرتب تم استلامه هو عن شهر يونيو الماضي.

وأوضحت المعلمة بالمرحلة الثانوية، سامية علي أن المعلمين هم أولى الشرائح التي لم يتم الالتزام بمرتباتها، لافتة إلى وجود خمسة أشهر لم توف الدولة بمرتبات العاملين.

وأشارت إلى أن أجور المعلمين أصبحت هي المرتب الأساسي فقط مع سحب البدلات التي كانت ترفع من قيمة المرتب لمجابهة الأوضاع المعيشية.

وأكدت في حديثها مع (المحقق) على أن معظم المعلمين أصبحوا يعانون من أوضاع مأسوية في ظل الغلاء الفاحش المستشري في أنحاء البلاد على خلفية الأوضاع الراهنة.

وأبدت سامية استغرابها من التفاوت والتمييز الذي تمارسه الدولة ممثلة في وزارة المالية تجاه العاملين بالخدمة المدنية حيث إنها تفي بمرتبات بعض الوحدات وتأخر البعض.

وفي أكتوبر الماضي قال وزير المالية السوداني د. جبريل إبراهيم إنه من غير الوارد زيادة رواتب الموظفين في الوقت الحالي بينما الدولة عاجزة أصلاً عن دفع هذه الرواتب كاملة بسبب الحرب الدائرة بين الجيش ومليشيا الدعم السريع منذ منتصف أبريل.

وأضاف الوزير السوداني: “جزء كبير من موظفي القطاع العام لا يحصلون على أكثر من 60 % من أجورهم”.

وتابع: “الموظفون الآن يحصلون على 60 % من رواتبهم. نحن نسعى إلى منحهم 100 % من هذه الرواتب، ولو كان لديهم علاوات أخرى انقطعت يمكن أن نعيدها لهم في وقت قريب مع اطراد زيادة الإيرادات، لكن لم نتحدث عن زيادة مرتبات”.

ويؤكد الخبير الاقتصادي، د. محمد الناير أن الدولة لم تستطع الإيفاء بالأجور والمرتبات العاملين بالدولة بصورة منتظمة.
وأوضح أن الدولة بدأت في الدفع للوحدات الاتحادية وحاولت أن تنتظم في الوحدات المركزية والتي تتكون من الوزارات والمؤسسات والهيئات الاتحادية فقط، والتي يصل عددها إلى مئتي وحدة.

وأشار د. الناير في حديثه مع (المحقق) إلى أن المتأخرات الكبيرة تشمل الجامعات والدعم الولائي الذي ينعكس بالكامل على التعليم وعلي المؤسسات الصحية.

وكشف أن التأخر في الالتزام بالوفاء بالالتزامات الولائية أثر على التعليم والقطاع الصحي والذي انعكس بدوره على تقديم الخدمة حتى في الولايات الآمنة والمستقرة.

وقطع الناير بأن متأخرات العاملين مهما تأخرت فإنها لا تسقط، وأشار إلى أنه من المفترض أن تضم الموازنة العامة للدولة للعام 2024 هذه المتأخرات وأن يتم الإيفاء بها خلال هذا العام.

ولفت الناير الإنتباه إلى أن نسبة كبيرة من العاملين في الدولة لم تقم بعملها بالشكل المطلوب نتيجة اعتبارات منطقية ولأسباب أمنية إلا أن الدولة عليها الالتزام بهذه الأجور لجهة أنها مصدر الدخل الوحيد لهم.

وأكد على تأثير عدم مواظبة العاملين بالدولة على الدوام في الاقتصاد السوداني بصورة سالبة وتنعكس على نمو الناتج المحلي وتياطؤه وانكماشه بسبب الحرب وتراجع معدلات النمو.

بينما ورهن المحلل الاقتصادي، د. عبد الله الرمادي عودة الأمور إلى طبيعتها بشأن المرتبات أن يتم القضاء على التمرد واستتباب الأمن وأن تهدأ الأحوال في كل ربوع السودان.
وقال ل (المحقق) إن العملية الاقتصادية بكاملها لن تستقيم في ظل عدم استقامة الشأن السياسي.

وقطع بعدم وجود مؤسسات دولة في الوقت الراهن حتى تضع مقترحات بمعالجات إقتصادية، مضيفاً أن هذه المؤسسات عائبة الآن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى