تقارير

السودان يروي القصة الكاملة لكواليس “كذبة الإمارات”

بورتسودان – المحقق

لم يكن اليوم (الإثنين) يوماً عادياً بالنسبة للمجتمع الإعلامي في بورتسودان، فلأول مرة يجتمع وزيرا الخارجية والإعلام على منصة واحدة للحديث إلى الصحفيين حول شأن شغل الرأي العام وقد يكون له ما بعده، وهو الإتهام الرسمي لدولة الإمارات العربية المتحدة للجيش السوداني بقصف مقر إقامة سفيرها بحي “الراقي” في الخرطوم.

ففي إحدى قاعات فندق “كورال”، دخل عشرات الصحفيين والإعلاميين بمجرد أن خرج ممثلو السلك الدبلوماسي عقب لقائهم المغلق مع الوزيرين.

المؤتمر الصحفي
استقبل وزيرا الخارجية والإعلام السودانيين، الصحفيين لدخض ما وصفاه بالمزاعم الإماراتية بقصف القوات المسلحة لمقر سفيرها في الخرطوم.
واستهل وزير الخارجية حديثه بأن الإمارات بدأت منذ الساعات الأولى للحرب، تقديمها الغطاء السياسي والدبلوماسي للدعم السريع لتجنّب توصيف الحرب في السودان بأنها تمرد ضد الدولة وشعبها وجيشها النظامي.

وكانت الخارجية الإماراتية أصدرت بياناً في 29 سبتمبر المنصرم، اتهمت فيه القوات المسلحة السودانية بقصف مقر إقامة سفيرها في الخرطوم وزعمت إنه سبّب أضراراً جسيمة بالمبنى.

تفكيك المزاعم
وقال وزير الخارجية السوداني حسين عوض، إن العقار المعني استأجرته السفارة الإماراتية لإقامة سفيرها في الخرطوم وهو مملوك لمواطن سوداني، اغتالته ميليشيا قوات الدعم السريع المتمردة التي ترعاها الإمارات، في يوليو 2023 داخل منزله المجاور لمنزل السفير الإماراتي واستخدمت في قتله واقتحام منزله الأسلحة الثقيلة.

وإشار الوزير، إلى أنّ المبنى لم يُستخدم كمقر دبلوماسي منذ بداية الحرب في 15 أبريل 2023م، بعد أن انتقلت سفارة الإمارات مثل غيرها من البعثات الدبلوماسية إلى بورتسودان، نسبة لاستيلاء الميليشيا التي ترعاها دولة الإمارات على جميع المناطق التي تضم مقرات البعثات الدبلوماسية في الخرطوم والخرطوم بحري.

ونوّه الوزير إلى أن السفير الإماراتي لحظة اندلاع الحرب كان خارج السودان، وعاد على وجه السرعة عبر البحر إلى بورتسودان وطلب من السلطات السماح له بإلحاح شديد بالعودة إلى الخرطوم التي كانت تشهد اشتباكات عنيفة، لكن السلطات رفضت طلبه حفظاً لسلامته ولأن جميع الدبلوماسيين والموظّفين الأمميّين حزموا حقائبهم وغادروا الخرطوم واتخذ بعضهم من بورتسودان مقرات لإقامتهم كما فعلت السفارة الإماراتية نفسها.

من جهته، فكّك وزير الإعلام جراهام عبد القادر، من خلال عرضٍ مصور، صورةً أرفقتها الإمارات في شكواها للأمم المتحدة لتعزيز زعمها بتعرّض المبنى لقصف الطيران، وقال إن الصورة ليست من مقر إقامة السفير، بل للحائط الجنوبي للمنزل المجاور الذي يمتلكه المواطن السوداني الذي اغتالته مليشيا الدعم السريع بعد اشتباكات دامية بالاسلحة الثقيلة، وهو مبنى لا علاقة له بمقر إقامة السفير، والصورة لا تشير بأن هدم الحائط تمّ نتيجة لقصف طيران أو تدوين مدفعي ولا إلى تاريخ الأضرار المزعومة.

تجديد عقد إيجار العقار
وكشف وزير الثقافة والإعلام في المؤتمر الصحفي، عن أن السفير الإماراتي اتصل بأسرة صاحب العقار المغدور في مايو 2024 للتفاوض معهم لتجديد عقد إيجار مقر السفير وأخبرهم بأن المنزل تعرّض لرايش دانات طائشة نتج عنها تهشّم في بعض قطع الزجاج وأسقف المارسيليا مع هدم جزئي في إحدى البلكونات، وطالب السفير الإماراتي وقتها، أسرة صاحب العقار بصيانة المنزل، “ما يؤكد بأن هذه الأضرار المزعومة حدثت في زمن سابق لتاريخ بيان الخارجية الإماراتية بأكثر من 150 يوماً، فلماذا أصدرت الإمارات بيانها في هذا التوقيت”؟

وقال جراهام، إن مزاعم الصور التي قدّمتها الإمارات في شكواها، تحصر الأضرار في بعض قطع الزجاج والمارسيليا وهدم في البلكونة، وهذا لا يرقي لإدعاء البيان بتعرض المنزل للقصف بالطيران، لأن من المعلوم بالضرورة، أن قصف الطيران أكثر ضرراً على المباني ولا يكتفي بتهشيم الزجاج فقط.

عرض الأدلة المصورة
واستعرض الوزيران في المؤتمر الصحفي الذي عُقد بفندق كورال، صوراً عالية الدقة منذ الأيام الأولى لبدء الحرب وأخرى حديثة التقطتها الأقمار الاصطناعية لمقر السفير الإماراتي في الخرطوم، أحدثها اُلتقطت بتاريخ 30 سبتمبر 2024، تكشف عن أن المقر سليم ولم يتعرض لقصف طيران، وأن الأضرار الخفيفة غالباً ما تكون ناتجة بسبب الإهتزازات الإرتدادية للأسلحلة الثقيلة التي تستخدمها المليشيا في محيط المقر لقصف مقار القوات المسلحة.

وكشفت صورة حديثة بتاريخ 30-9-2024، عن أن منزل السفير الإماراتي بالخرطوم، هو الوحيد داخل مناطق سيطرة المليشيا الذي لم يتعرض للسرقة أو النهب أوالتخريب، ولا تزال حديقته خضراء وتجد العناية كما أظهرت صورة ملتقطة في فصل الصيف مارس 2024.
وفي 23 أبريل 2023 رصدت الأقمار الاصطناعية، مركبة قتالية أمام منزل السفير، قبل أن تتزايد عدد المركبات القتالية حول منزل السفير في 27 يونيو 2023، بجانب عودة كل السيارات التابعة للسفارة إلى داخل مقر السفير.

صمت إماراتي إزاء الاعتداء على مقار البعثات الأخرى
وقال وزير الخارجية حسين عوض، إن الحكومة السودانية قدمت لمجلس الأمن الدولي تقريراً مفصلاً بجميع الاعتداءات على مقار البعثات الدبلوماسية بما فيها مقر البعثة الإماراتية في حي العمارات، قبل أكثر من سنة، ومع ذلك لم تسجل الخارجية الإماراتية أية إدانة للمليشيا في ذلك الوقت.

وقال الوزير، إنّ الصور الفوتوغرافية التي قدمتها الإمارات في شكواها للأمم المتحدة عن ما أسمتها قصف مبنى مقر السفير، عبارة عن صور فوتوغرافية من داخل المبنى الذي يقع داخل حي الراقي الذي تسيطر عليه مليشيا الدعم السريع، وتظهر تهشماً في بعض زجاج المبنى، وهي حالة عامة في غالب البيوت والمقار الموجودة في ولاية الخرطوم بسبب الإهتزازات الارتدادية الناتجة عن استخدام مليشيا الدعم السريع للأسلحة الثقيلة والمدافع في مناطق سيطرتها. وأضاف “من المؤكد، أن أحد عناصر الدعم السريع المتمردة، هو الذي التقط صُور مقر بيت السفير الإماراتي لأنه لا يوجد أي كادر دبلوماسي إماراتي داخل المبنى”.

حماية المقار الدبلوماسية
وقال الوزير، إن الحكومة السودانية ترفض وتكذّب الإدعاء الإماراتي بشكل قاطع، وتؤكد التزامها بالحفاظ على حُرمة المباني الدبلوماسية، وفقًا لما نصّ عليه القانون الدولي والمواثيق القانونية المتفق عليها دولياً، وتؤكد إنه لم يتم استهداف العقار المذكور، ولم يتعرض المبنى لأي شكل من أشكال القصف من قِبل القوات المسلحة السودانية.
وفسر الوزير الادعاء الإماراتي بأنه محاولة لصرف الأنظار عن الفضائح التي بدأت تتكشف لدى الرأي العام الدولي والمنظمات الدولية وبعض البرلمانات الغربية والتي تؤكد تورط الإمارات في دعم مليشيا الدعم السريع التي ظلت ترتكب الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان وترتكب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية من قتل على الهوية وإبادة جماعية واغتصاب ودفن الناس أحياء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى