تقارير

“المحقق” تقف على كواليس إجتماعات الفاعلين الدوليين في جيبوتي: تضارب الرؤى حول كيفية وقف إطلاق النار ومجهودات للتنسيق بين المبادرات

القاهرة – المحقق – صباح موسى

تزامنا مع دعوة الخارجية الأميركية الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع لاستئناف المفاوضات من أجل وقف إطلاق النار منتصف أغسطس الجاري بسويسرا، شهدت جيبوتي قبل أيام إجتماعين متتالين من قوى دولية وإقليمية ووسطاء دوليين لتنسيق الجهود لطي صفحة الحرب بالسودان بعد نحو 16 شهرا منذ اندلاعها.

اجتماعات الفاعلين

واستمرارا للجهود الدولية والإقليمية لوقف الحرب في السودان، عقدت في الرابع والعشرين من يوليو الماضي في جيبوتي اجتماعات الفاعلين الدوليين والإقليميين لتعزيز تنسيق مبادرات وجهود السلام في السودان، وعلى مدى يومين، انعقد اجتماع ثان في الخامس والعشرين والسادس والعشرين من يوليو، للشركاء الإقليميين والدوليين للتخطيط حول تعزيز جهود إحلال السلام في السودان.

تعزيز وتنسيق

واختتم إجتماع الوسطاء المخططين للسلام في السودان، الذي عقد على مدار يومين، باعتماد بيان يجدد التزام المجتمع الدولي بدعم السودان خلال هذه الفترة الحرجة، ودعا “إعلان جيبوتي” إلى وقف فوري للأعمال العدائية، مما يؤدي إلى وقف إطلاق نار مستدام، وعملية سياسية شاملة، كما أكد الحاجة إلى استجابة إنسانية شاملة، وحماية المدنيين، ودعم النازحين ومجتمعات اللاجئين، كما اختتم الاجتماع التشاوري الثاني في جيبوتي حول تعزيز تنسيق مبادرات وجهود السلام في السودان، الذي التأم ليوم واحد، بإعلان الترحيب بالمبادرة الأميركية لرعاية مفاوضات بين طرفي القتال، وحذر المشاركون من تداعيات الأوضاع الإنسانية والأمنية المعقدة في هذا البلد.

تضارب كبير

وتأتي هذه الاجتماعات، وسط حراك إقليمي ودولي مكثف في الفترة الأخيرة، وكأن الجميع قد وصل إلى ضرورة وقف إطلاق النار في السودان بعد قرابة 16 شهرا من الدمار والخراب بالبلاد، وتخرج هذه الاجتماعات في الغالب ببيانات تطالب بالوقف الفوري للأعمال العدائية وحماية المدنيين ودعم اللاجئين والنازحين، في وقت تشهد فيه كواليس هذه الاجتماعات، تضاربا كبيرا حول كيفية تحقيق ذلك، مايعكس أننا مازلنا أمام تقاطع كبير للأجندات في السودان، وكان اجتماع جيبوتي الأكثر حضورا من الشركاء والمنظمات الإقليمية والدولية، دليلا على أن الأزمة في السودان، مازالت تحتاج إلى جهود مكثفة لتحقيق وقف اطلاق النار بشكل حقيقي وفعلي، أو ربما حتى تكون بعيدة عن تحقيق هذا الهدف المنشود.

كواليس جيبوتي

وللوقوف على كواليس ماجرى في جيبوتي، علمت “المحقق” أن الإجتماع الأول كان بمبادرة من جامعة الدول العربية، وحضره 11 طرف، هم المنظمات الدولية الأساسية، ممثلة في الجامعة العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة الايقاد ورئاسة الإتحاد الأفريقي، بالاضافة إلى ست دول، هم مصر صاحبة مبادرة دول جوار السودان، وراعية جهود لم الفرقاء السياسين والمدنيين، والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، الوسطاء في منبر جدة، علاوة على ثلاث دول أخرى ممثلين في البحرين كرئيس للجامعة العربية، وموريتانيا رئيس الاتحاد الأفريقي وجيبوتي رئيس الإيقاد، كل هؤلاء اجتمعوا في جيبوتي تحت مبادرة الجامعة العربية والتي تدعو لتعزيز وتنسيق المبادرات في السودان، ويرى الأمين العام للجامعة أحمد أبوالغيط أن الجهود في السودان مبعثرة، ولا يوجد أي تنسيق حقيقي، وقبل شهر قام بدعوة هذه الأطراف للإجتماع لبحث هذا التنسيق، ليأتي السؤال لماذا دعوة هذه الأطراف، ولماذا لم تدع دول أخرى، وجاءت الإجابة أن الدعوة كانت للدول الداعمة للسلام في السودان في هذا التوقيت، ولكل من وضع مبادرة على الأرض، وأنه تم دعوة الايقاد رغم الحديث الكثيف حولها، إلا أنها صاحبة مبادرة، وكذلك الإتحاد الأوروبي الذي يشارك في تقديم الدعم والمنح المساعدات الإنسانية.

إجتماع الخلوة

أما الإجتماع الثاني والذي عقد على مدار يومين، والذي أطلق عليه إجتماع “الخلوة” لتوحيد جهود الوساطة، حضره قرابة 30 دولة، منها دول كبرى في مجلس الأمن على رأسها أمريكا وبريطانيا وروسيا والصين وفرنسا واليابان، ومن دول جوار السودان ماعدا أثيوبيا وأريتريا، وأيضا الجزائر وموزمبيق وتركيا وقطر والإمارات، إضافة إلى 11 دولة الأساسين في الإجتماع الأول، برئاسة الجامعة العربية والأمم المتحدة وجيبوتي، واجتمع كل هؤلاء لبحث أسباب الأزمة على مستوى سفراء ووزاء، لمحاولة توحيد الرؤى لمزيد من التناغم في فهم تناول الأزمة، وكان اجتماعا جيدا من حيث التواصل المباشر، لكن اجتماع هذا العدد الكبير لأول مرة للحديث عن أزمة السودان، كان صعبا ومعقدا للوصول إلى حديث حقيقي حول الأزمة، بيد أنه كان نوعا من التوافق على أن وقف إطلاق النار يحتاج أن يكون الشرط الرئيس للحوار السياسي، وكذلك تعلق بالمساعدات الإنسانية وضمان وصولها إلى جميع الأطراف، وأن ذلك يحتاج إلى إتفاق لوقف العدائيات وحماية قوافل المساعدات.

تباين الرؤى

الملاحظ في هذا الإجتماع أن الشيطان يكمن في تفاصيل الرؤى المشاركة، وأن هناك تباين كبير في وجهات النظر حول وسائل وقف إطلاق النار وتوصيل المساعدات الإنسانية، وبدا أن كل طرف يضرب برؤيته رؤية أطراف أخرى مشاركة، ومن الذي يسيطر في قرار مجلس الأمن الأخير الذي طلب من ممثله رمطان العمامرة باجراء مشاورات بين الجيش والدعم والسريع في جنيف مؤخرا لبحث الأزمة الإنسانية، كما ظهر الإتحاد الأفريقي الذي يصر دائما على أنه يملك كل تفاصيل الملف، ولكنه في الأخير لم يسفر عن شئ ملموس في الأزمة، وانتهى هذا الإجتماع بالاتفاق على عقد اجتماع ثالث في العاصمة الموريتانية نواكشوط في غضون شهر لمزيد من النقاش حول تنسيق الجهود والتناغم بين الرؤى، مع الأخذ في الاعتبار هل ستنعقد مفاوضات وقف إطلاق النار في الرابع عشر من الشهر الجاري في جنيف أم لا، لمزيد من التنسيق المشترك.

خلاصة الإجتماع

خلاصة هذا الاجتماع أن الدول المهتمة بالسودان مازالت تضرب في بعضها، وأن الجهات التي تدعو إلى تناغم وتنسيق هذه الجهود لحل الأزمة، ليس أمامها سوى الصبر على تقاطع هذه الأجندات، لأنها هي المتضرر الفعلي مما يجري في السودان، ويبقى السؤال هل سيسهم كل هذا الحراك الدولي الكبير في حل الأزمة السودانية بما يرضي تطلعات الشعب السوداني وأصحاب المصلحة الحقيقيون، أم أن السودان سيتفرق دمه بين الموائد الإقليمية والدولية من أجل تحقيق مصالحها وليس مصلحة هذا البلد المكلوم؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى