انتبهوا أيها السادة من الأراجيف

د. إسماعيل ساتي
كثر على وسائط الإعلام الأحاديث التي تثبط الناس، لا سيما في غياب المعلومة التي تقاعس الرسميون في دولتنا عن الإخبار بها، إذ يخرج علينا مَن يطلقون على أنفسهم صفة (محلل) أو (خبير في شأن ما) بأحاديث ليست مبنية على المعلومة الصحيحة أو أن المعلومة منقوصة مما يسبب الإرجاف. فما هو الإرجاف؟
يقول المولى عز وجل:
(لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا)
الإرجاف لغةً هو الاهتزاز أو الاضطراب. والرجفة تحدث في الأساس، أي في الأصول، وإلا فلا أثر يُذكر لها.
فمن هم المرجفون؟ هل هم المنافقين؟ هل هم من في قلوبهم مرض؟ وهل كل المرجفين من المنافقين أو ممن في قلوبهم مرض؟
نقول إن المرجف قد يكون منافقاً وقد لا يكون، وإلا فلماذا جاءت الآيات القرآنية مفصلة لفئات ثلاث؟ إن من المنافقين من لا يُرجف وإن ممن في قلوبهم مرض من لا يُرجف، مما يعني أن هناك مرجفين من المؤمنين وممن نحسبهم أقرب الناس لعقيدتنا. ذلك أن فينا مَن يرخي أذنه لهم وينقل عنهم دون أن يتوقف أو يتروى.
وفينا من يسمعون وينقلون عنهم. يقول المولى عز وجل: (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ).
وإذا وقعت المخاوف، كثرت الأراجيف.
يقوم الطغاة في العالم باستخدام وسائلهم المختلفة في تخويف الناس من أجل إثارة الأراجيف. وإثارة المخاوف مطلوبة لدى الطغاة عندما ينتشر الفرح بين الناس الذين قد تنشأ لديهم بوادر أمل جديد. هذا الأمل هو ما ترتعد منه فرائص الطغاة فيلجأون إلى الإرجاف لتحطيم معنوياتهم حتى لا ينتهي فرح الناس لما يخشونه من نتائج.
المسألة أن من يدعمون الدعم السريع برغم جرائمهم التي شهد عليها العالم معروفون بالاسم منذ بداية الحرب، ولأن عوراتهم انكشفت للناس، يسعى الطغاة جاهدين من أجل إحداث الإرجاف في بلادنا عبر وسائلهم المختلفة بواسطة مجموعات يشبهوننا ولا يشبهون أهل العورات المكشوف عنها. هذه الأراجيف هي ما ينبغي التحذير منها، لأنها قد تحدث مني ومنك دون وعي وبنية طيبة بالتركيز على الخبر السالب دون غيره برغم أن الأحداث لا تزال غير محسومة، وبرغم أن الخبر الموجب هو الغالب.
ونتابع كثيراً من المحلللين ممن ينقلون الأخبار المثبطة بهدف إثبات قدراتهم على التحليل أو لأنهم يسعون بحسن نية للتنبيه على مخاطر تجري على الأرض ظناً منهم أن أصحاب المسؤولية غافلون عنها. إلا أن هؤلاء المحللين إنما هم يتغافلون عن قول الله سبحانه وتعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ). فرد الخبر غير الناضج أو غير الموثوق به مقدم على غيره حتى وإن كان الخيار الآخر أن لا نذيع به!
ونختم بالقول أن الآيات القرآنية جاءت تحذر من المرجفين وتهددهم بأقصى العقوبة (لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا)، والإغراء كما يقول بعض المفسرين هو من (الغراء) وهي المادة اللاصقة، وكأني بالآية تدعو إلى إلصاق التهمة والعقوبة بهم وطردهم من المدينة.
قد يقوم أحدنا بهذا النوع من الإرجاف ليس بسوء نية بل بسبب خوفه على الوطن من أفاعيل أهل الباطل، فانتبهوا ايها السادة!