انعكاسات القرار المحتمل بإغلاق مضيق هرمز على السودان و رهانات المليشيا الإرهابية

مهند عوض
أوردت وكالة الأناضول اليوم (الأحد) أن البرلمان الإيراني قد أوصى رسميًا بإغلاق مضيق هرمز ردًا على التصعيد العسكري في المنطقة، ورفع التوصية إلى المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني لاتخاذ القرار النهائي.
هذا التحول الدراماتيكي لا يمثل تهديدًا جغرافيًا محصورًا بالخليج فقط، بل يحمل تداعيات واسعة تتجاوز الاقتصاد والطاقة، لتطال موازين القوى والتحالفات السياسية والعسكرية في الإقليم، وتنعكس بشكل مباشر على السودان الذي يخوض حربًا حاسمة بين الدولة ممثلة في قواتها المسلحة، ومليشيا الدعم السريع الإرهابية.
مع التلويح الجاد بإغلاق المضيق، تدخل المنطقة مرحلة توتر هي الأخطر منذ سنوات، ما يدفع الدول الفاعلة لإعادة ترتيب أولوياتها الاستراتيجية والأمنية. ومع تضاعف المخاطر المحيطة بموانئ النفط وطرق التجارة، يصبح دعم مليشيات خارج الحدود ترفًا سياسيًا لا يمكن تبريره ولا تحمّله، وهو ما ينعكس مباشرة على مليشيا الدعم السريع، التي كانت تعتمد في بقائها على التمويل الخارجي والإمداد عبر شبكات معقدة تمتد من غرب السودان إلى ليبيا، ومن البحر الأحمر إلى عواصم بعيدة.
في هذا السياق، يجد الجيش السوداني نفسه أمام لحظة مواتية تُشبه الانقضاض من أعلى، بعد أن أنهى بنجاح معاركه الكبرى في العاصمة ومناطق الوسط، وانتقل بكل كفاءة لحسم ما تبقى من جيوب الدعم السريع الإرهابية في ولايات دارفور وكردفان.
وتيرة الانتصارات التي تحققها القوات المسلحة السودانية تزداد يومًا بعد يوم، وسط انهيارات متسارعة في صفوف المليشيا، وهروب قادتها، وتراجع إمكاناتهم القتالية، نتيجة الاختناق المالي واللوجستي.
تمجيد هذه الانتصارات لا ينبع من الحماسة الخطابية، بل من قراءة ميدانية لواقع العمليات العسكرية التي تقودها وحدات الجيش النظامي، بإسناد من القوات النظامية الأخرى، والمستنفرين، حيث تظهر الخرائط العسكرية حجم التقدم والسيطرة والضغط المُحكم على فلول التمرد، الذين باتوا محاصرين في رقع جغرافية محدودة، مفتقدين للإسناد والغطاء والدعم.
وليس الدعم السريع وحده من يترنح تحت وطأة هذا التحول، بل تسير معه في ذات المصير الحواضن السياسية التي شكلت غطاءً ناعمًا له، مثل “قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي”، وتحالف “صمود” وبعض منصات النشطاء الذين ناهضوا الدولة صراحة أو مواربة. هذه الجهات بدأت تفقد البوصلة، وتُظهر اضطرابًا خطابيًا واضحًا، بعدما شعرت أنها لم تعد أولوية لدى من كان يرعاها أو يتبناها، في ظل تحولات إقليمية وانكفاء القوى الداعمة نحو مصالحها الأمنية المباشرة.
وتزداد العزلة السياسية لتلك الحواضن بانكشاف الواجهة القانونية. فقد صدرت مذكرات توقيف رسمية من النيابة العامة السودانية بحق عدد من الشخصيات المرتبطة بهذه الحواضن، وعلى رأسهم: عبد الله حمدوك، ياسر عرمان، خالد عمر يوسف، صديق الصادق المهدي، شوقي عبد العظيم وآخرون. وقد شملت التهم الموجهة إليهم: التحريض على الحرب ضد الدولة، التآمر على النظام الدستوري، التخابر، وتقديم الدعم السياسي والإعلامي لمليشيا الدعم السريع الإرهابية.
في حال فقدان هذه الكيانات لغطائها المالي والإعلامي، فإنها ستدخل في حالة حرب باردة منهكة، ما يُمهّد الطريق لتفكيكها سياسيًا واقتلاعها قانونيًا، عبر تنفيذ أوامر القبض بحق رموزها، لا سيما إذا اكتملت السيطرة على المناطق التي يحتمون بها، وتلاشت قدرتهم على التحرك بحرية أو المناورة الخطابية داخل المشهد الوطني.
إن اللحظة التي يوشك فيها مضيق هرمز على الإغلاق، هي ذاتها اللحظة التي بدأت فيها أنفاس المشروع التمردي في السودان تتقطع. ومع تقلص الدعم وتضييق الخناق على خطوط الإمداد، يجد الجيش السوداني نفسه في موقع القائد المنتصر، لا فقط عسكريًا، بل وطنيًا وأخلاقيًا، وهو يقترب من إنهاء فصل مؤلم في تاريخ السودان الحديث، يُعيد من خلاله للدولة اعتبارها، وللمؤسسة العسكرية هيبتها، وللشعب حقه في وطن آمن موحّد.