تحرير القصر الجمهورى و مبانى الوزارات .. عودة الروح إلى جسد الدولة و الأمة السودانية

الحلقة(1)
لواء شرطة دكتور
نجم الدين عبد الرحيم
لم يكن من السهل على الشرفاء من السودانيين أن ينتظروا لمدة عامين كاملين لعودة رمز دولتهم و رمز سيادتهم إلى حضن الدولة و إلى قلوبهم الصابرة المكلومة .. إحتلت مليشيا الأوباش و المرتزقة و الغزاة الأجانب القصر بعد أن خانت أمانة التكليف وغدرت برفقاء السلاح، عامين كاملين ، من أواخر رمضان ،1444 هجرية إلى أواخر رمضان من هذا العام 1446 وقد سلب إحتلال المليشيا الغازية للقصر الجمهورى لمدة عامين من قلوب السودانيين رمزاً لسيادة دولة يعشقونها و يعشقون ترابها حتى الثمالة ، و لكنه لم يستطع أن ينزعها من قلوبهم.
بإحتلالها للقصر الرئاسي حاولت المليشيا محو تاريخ وطني تزينه الكثير من المواقف الوطنية و البطولية بدأت من نزع رأس المستعمر فى القرن التاسع عشر إلى دحر و هزيمة كل محاولات الغزو و الارتزاق على مدى عقود من التاريخ فى القرنين العشرين و الواحد و العشرين .. السودانيون لم يعرفوا فى تاريخهم رمزاً للسيادة غير القصر الجمهورى الذى يمثل قبلة الإحتفال بعيد الإستقلال سنوياً فى اليوم الأول من الشهر الأول من كل عام.
ما زاد الامر أسى و حزناِ لدى السودانيين خلال العامين الماضيين هو العداء الصريح للمليشيا لدولة 56 و التى يمثل القصر الجمهوري رمز سيادتها حيث تم رفع علم السودان عند الاستقلال من الحكم الإنجليزي فى العام 56 على سارية القصر الجمهورى على يد الزعيم اسماعيل الأزهري أول رئيس لدولة 56 دولة السيادة الوطنية بعد الاستقلال . القصر الجمهورى هو رمز العزة فى وجدان كل سودانى شريف.
ليست عودة القصر الجمهوري إلى حضن الوطن يوم أمس 21 مارس هي وحدها الحدث المهم للدولة و للشعب السودانى ، و لكن أيضاً يمثل تحرير و استعادة مباني وزارات الحكم الاتحادي و الداخلية و المالية و الصحة و الزراعة و التجارة و شؤون مجلس الوزراء فى نفس اليوم أهمية قصوى لحكومة الفترة الانتقالية حيث ظلت هذه الوزارات تباشر عملها من خلال مباني مؤقتة توزعت فى عدد من الولايات ، هذه المباني أشبه بأقسام الطوارئ في المستشفيات التى تقوم بإجراءات إنقاذ حياة المرضى الذين يصابون بأمراض طارئة و خطيرة ، مبانٍ ضيقة لا تسع العدد الضخم من الإدارات العامة و الأقسام و الأفرع التى توجد فى الهيكل التنظيمى لكل وزارة، مبانٍ تحتوي فقط على أثاثات مكتبية (ترابيز و كراسى و دواليب) لإدارة أعمال الوزارات و لكنها تفتقر لكل متطلبات تسيير العمل الإداري و الفني التي كانت متوفرة لهذه الوزارات في مقراتها الرئيسية من شبكات الإتصال و الشبكات الرقمية و شبكات الانترنت المطلوبة للعمل الإداري و الفني بالوزارة و ظل يربط العمل فى كل ولايات السودان و الإدارات المختلفة و يجمعه فى قالب واحد هو مركز البيانات الرئيسي في رئاسات الوزارات بالخرطوم ، وتفتقر مباني الوزارات المؤقتة إلى الملفات و السجلات الورقية المؤرشفة للعاملين بالوزارة و كذلك مكاتبات و سجلات و ملفات العمل الإداري و الفني ، وقد افتقد الوزراء و مدراء الوزارات و الإدارات للمرجعية لإتخاذ القرارات لعدم وجود ملفات الأوامر الصادرة مسبقا” ، الآن سيعود الوزراء إلى وزاراتهم بمشيئة الله و سيبذلون ما يمكن من جهد لإصلاح ما خربته المليشيا و إستعادة البيانات الضخمة و المعلومات الإدارية و الفنية المخزنة بأجهزة الحاسوب مما يعنى عودة الروح إلى جسد هذه الوزارات و الإنتقال من حالة الطوارئ إلى حالة التعافي.
و نقول فى الختام إن تحرير القصر الجمهوري هو تحرير ل إكسير الحياة فى جسد الدولة و فى جسد الأمة السودانية أمة 56.
كذلك نقول أن تحرير القصر الجمهوري و مباني الوزارات يمثل نزع أنبوب الأكسجين من المليشيا المتمردة و بداية النهاية لتشييعها إلى مثواها الأخير بمشيئة الرحمن .