تقارير

تشاد تشارك في دعم الحرب على السودان شرقاً وتشتكي تخاذل جيرانها عن نصرتها غرباً

المحقق – عثمان صديق

تقدمت السلطات السودانية بإيداع شكوى رسمية أمام اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، ونشرت وكالة السودان للأنباء (الأثنين) خبراُ أمس نقلاً عن وزير العدل أن اللجنة الأفريقية قبلت الشكوى المقدمة من الحكومة السودانية ضد دولة تشاد.

وتتهم حكومة السودان دولة تشاد بتورطها في دعم مليشيا الدعم السريع المتمردة في حربها على السودان ، وفقاً لما جاء في الشكوى التي قال الوزير أنهم تقدنوا بها في الأول من نوفمبر الجاري.

وأبان الوزير أن اللجنة أكدت حرصها على الحفاظ على كامل الحقوق المنصوص عليها في الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، مشيراً إلى أن للسودان ما يكفي من أدلة مادية وبينات قوية تؤكد تورط تشاد في دعم الملشيا بإيصال السلاح لها والمسيرات والعتاد عبر مطاراتها خاصة مطار أم جرس من مطار الشارقة بالإمارات وصولاً إلى دارفور.

وقال الوزير إن جهات دولية عديدة ومنظمات أجنبية أكدت تورط تشاد في دعم التمرد وأن هناك الكثير من الوثائق والمستندات التي تشكل أدلة كافية للمضي في مقاضاة تشاد دوليا.

و اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب هي هيئة شبه قضائية توفر السبيل أمام ضحايا إنتهاكات حقوق الإنسان في أفريقيا لرفع قضايا ودعاوي ضد الدول المسؤولة عن إنتهاكات حقوق الإنسان، ويمكن تقديم الشكاوي لها بموجب الميثاق الأفريقي، ودولة تشاد موقعة على هذا الميثاق الذي استند عليه السودان.

قوة المهام المشتركة
وجاء هذا الإعلان في الوقت الذي صرح فيه رئيس تشاد محمد إديس ديبي أن بلاده ستنسحب من قوة المهام المشتركة المتعددة الجنسيات التابعة للجنة حوض بحيرة تشاد، والتي تضم حوالي 11000 جندي، بسبب غياب ما يسميه الجهود المنسقة بين قوات الدول الأعضاء في مكافحة إرهاب بوكو حرام بشكل مشترك. وجاء في بيان بثه التلفزيون الرسمي التشادي (الأثنين) أن ديبي مندهش من البطء الذي تبديه قوة المهام الإقليمية في التعامل مع هجمات بوكو حرام على الجنود التساديين. وسمح الاتحاد الأفريقي لها بالعمل في فبراير 2015.
وتقول القوة إنها تتلقى دعماً فنياً منتظماً من الأمم المتحدة لحماية المدنيين المتضررين من الإرهاب في حوض بحيرة تشاد.

وقالت حكومة تشاد إنها أبلغت قوة المهام بعد الهجوم الأسبوع الماضي على قواتها على جزيرة باكارام، بالقرب من الحدود مع نيجيريا وبالتالي فهي غير راضية عن عدم حصول قواتها على مساعدة فورية من الكاميرون وبنين والنيجر ونيجيريا والتي لم ترد حتى الآن على تهديدات ديبي الإبن بسحب قواته من قوة المهام التي تم إنشاؤها في أبريل 2012 من قبل الكاميرون وتشاد والنيجر وبنين ونيجيريا لمحاربة بوكو حرام بشكل مشترك وإعادة السلام إلى المناطق المتضررة من الإرهاب في حوض بحيرة تشاد الذي تتقاسمه الدول الخمس، وذلك على نسق القوات المشتركة السودانية التشادية التي أُنشئت في العام 2010م.

ضحايا مدنيون
صدر البيان بشأن انسحاب قوات تشاد بعد أن اتهم صيادون وميليشيات محلية في نيجيريا، العملية التشادية ضد بوكوحرام والتي يقودها الرئيس محمد ديبي بقتل عشرات الصيادين، وأفادوا بأن قنابل أسقطتها طائرة مقاتلة تابعة للجيش التشادي على جزيرة تيلما، قتلت العديد من الصيادين. حيث أكد رئيس جمعية صيادي بورنو “أبو بكر جاماندي” مقتل العديد من الصيادين الذين لقوا حتفهم خلال غارة جوية شنها الجيش التشادي.

وقد أظهرت صور جوية نشرتها الرئاسة التشادية، زوارق الكانو وهي تُقصَف بالقنابل، وأشخاص يقفزون في الماء هربا من الانفجار، فضلا عن النيران المشتعلة في الغابات، وتشير الإحداثيات المعروضة إلى وقوع هذه التفجيرات على الحدود بين تشاد ونيجيريا في يوم الأربعاء 30 أكتوبر.

تحديات داخلية
ويرى المراقبون أن هذه الأحداث الأخيرة تشير إلى التحديات الداخلية التي تواجهها الحكومة التشادية من تقلبات أمنية وسياسية، ويمكن قراءة هذه التحركات الأخيرة في إطار مكافحة الجماعات المتفلتة والجهاديين – كما تسميهم – الذين ينشطون على الشريط الحدودي ، فقد شهدت الأيام الاخيرة من شهر أكتوبر المنصرم سعي كل من بانغي وأنجمينا لتوحيد جهودهما لضمان أمن الأشخاص والممتلكات على الشريط الحدودي بينهما والذي يبلغ طوله 1200 كيلومتر.

وقد نسب موقع ” أ- بانغي” أن رئيس رئيس النيجر استقبل مؤخراً وفداً تشادياً رفيعاً برئاسة وزير الخارجية بصفته المبعوث الخاص للرئيس التشادي حاملاً رسالة لتعزيز التعاون الثنائي بين الدولتين خدمة للمصالح المشتركة في حفظ الأمن والاستقرار.

صحوة متأخرة
هذه الصحوة المتأخرة من قبل تشاد بشأن أهمية التعاون لتأمين الشريط الحدودي ما زالت قاصرة وعوراء، فرغم ظاهرها كمساهمة إيجابية في تحقيق الأمن والاستقرار لتشاد وجيرانها، إلا أنها تبرز تساؤلاً مشروعاً لماذا تغفل تشاد تأمين حدودها ولم تقم بقفلها حتى تمنع تدفق السلاح والمرتزقة عبر أراضيها وأجوائها وهي تعلم أنها أصبحت الشريان الرئيسي الذي يغذي مليشيا الدعم السريع التمردة في حربها ضد السودان، دولة ومواطناً ؟

دولة تشاد، تعلم أكثر من غيرها، أن مليشيا الدعم السريع تمت إدانتها من قبل كثير من الدول والمنظمات والوكالات الاقليمية والدولية بعد أن تبين للمجتمع الدولي من خلال النشاط الدبلوماسي والصحافة الاستقصائية ذات السمعة العالمية وهي تفضح جرائم مليشيا آل دقلو ضد الإنسان والإنسانية.

وحتى الآن لم تتخذ تشاد قراراً بقفل حدودها مع السودان حتى لا ينفذ من خلالها الشر والدمار لجارتها شرقاً، ألم يسمعوا بحكمة أبو الأسود الدؤلي المنظومة:
لا تَنهَ عن خلقٍ وتأتي مثله … عارٌ عليك إذا فعلت عظيم
إبدأ بنفسك وانهها عن غيّها… فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى