أخبارسياسية

تعقيدات المشهد الأمني في شرق أفريقيا

نيروبي: خاص – المحقق

 

تعتبر مجموعة شرق أفريقيا  من المنظمات الإقليمية المؤثرة في المنطقة، تضم ثماني دول في منطقة البحيرات العظمى وهي : بوروندي وكينيا و رواندا وجنوب السودان  وتنزانيا وأوغندا وجمهورية الكونغو، والصومال، ويقع مقر الأمانة العامة للمجموعة في مدينة أروشا – بتنزانيا.

تعد المجموعة من أسرع التكتلات الإقتصادية الإقليمية نمواً في العالم، حيث يقدر إجمالي الناتج المحلي بما يتجاوز 300 مليار دولار سنوياُ، مع نمو كان يعادل 6.2٪ سنوياً، رغم الأزمات الدولية الحالية، وتعتبر المجموعة كذلك من بين التجمعات الأسرع نمواً سكانياً في العالم، والتي تضمّ كثافة سكانية تقترب من نحو 400 مليون نسمة.

في العام 2020م وقبل انضمام جمهورية الكنغو الديمقراطية والصومال شهدت الكتلة استقراراً كبيراً رغم التحديات المتمثلة في جائحة كوفيد19 وتأثيرات التغيير المناخي، وأضيفت إليها مؤخراً تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.

ما إن ظهرت هذه الكتلة كقوة إقتصادية وسياسية مؤثرة إلا وتكالبت عليها أيادٍ خفية حاولت العبث بوحدتها وهددت بتمزيقها، ويتمثل ذلك في تجدد أزمة جمهورية بوروندي التي أغلقت حدودها مع جارتها رواندا، وذلك بعد تنفيذ جماعة معارضة لعملية إرهابية اتهمت فيها بوروندي جارتها بدعم هذا التمرد.

في الأثناء رفضت جمهورية الكنغو مشاركة رواندا بقوات لحفظ السلام على أراضيها واتهمتها هي الأخرى بدعم حركات التمرد، فأصبحت علاقات رواندا متوترة مع كل من بوروندي والكنغو.

في الأثناء قدمت تنزانيا عرضاً تجارياً لأوغندا بشأن استيراد النفط عبر ميناء دار السلام، وبامتيازات تفضيلية عن ميناء مومباسا الكيني، وأكدت مصادر صحفية عن وصول فريق فني من كمبالا إلى دار السلام للتفاوض بشأن التفاصيل الدقيقة للعرض الذي قدمته الدكتورة سامية صولحو حسن رئيسة جمهورية تنزانيا إلى نظيرها الأوغندي يوويري موسفيني الذي قال إن بلاده وصلت إلى طريق مسدود في التفاهم مع كينيا ولذلك اختارت ميناء دار السلام كطريق بديل لواردات النفط.

ويرى مراقبون للشأن الأفريقي أن المصالح الاقتصادية أصبحت مهددة على حساب التعاون الإقليمي، وأن ذلك يتضح من الدور الإماراتي في اشعال هذا التنافس، والذي درجت دولة الإمارات العربية على ممارسته، فجعلت لميناء دار السلام تفضيلات أكثر منها في ميناء مومباسا، رغم سيطرتها على الميناءين بالإضافة إلى صعوبة النقل إلى كمبالا عبر الطرق البرية، وهو ما سبق وأن قامت به في ميناء جيبوتي، الأمر الذي ينذر بتصاعد التوتر بين تنزانيا وكينيا من جهة وكينيا وأوغندا من جهة أخرى اقتصادياً وسياسياً.

تنزانيا بما تملك من موارد تعتبر من أكثر دول شرق أفريقيا أمناً واستقراراً، إلا أن ما رشح مؤخراً من معلومات بشأن اجتماع الرئيسة سامية صلوحو مع قيادة الجيش يؤكد أن تنزانيا تواجه تهديداً أمنياً كبيراً، كشفه الجنرال جاكوب مكوندا – قائد قوات الدفاع التنزاني، ويتمثل التهديد في وجود شبكات إرهابية تعمل على تجنيد الأطفال والشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و25 عاماً وضمهم إلى الجماعات المتمردة في موزمبيق وجمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال، وأوضح الجنرال أن قواته قامت بعمليات أمنية في المناطق التي تواجه تهديدات إرهابية، مثل روفوما ومتوارا.

بدا واضحاً من سياق التنوير الأمني لقائد الجيش التنزاني أن تنزانيا تولى أهمية متعاظمة لتطورات التمرد الإسلامي الجهادي في شمال موزمبيق بحكم تأثرها المباشر بتداعياته عبر حدودها الجنوبية مع موزمبيق، فاستراتيجياً تخشى تنزانيا بشدة من انتقال عدوى التمرد والاضطرابات إليها باعتبارها من الدول الأفريقية القلائل التي ظلت تتمتع باستقرار سيأسى واجتماعي متفرد.

بات المشهد الأمني في منطقة شرق افريقيا أكثر تعقيداً، ومع تزايد حجم التحديات اجتمع قادة أجهزة الأمن والاستخبارات بالمنطقة في مومباسا الكينية، وعلى مدار ثلاثة أيام خلال الفترة من 27 إلى 31 يناير2024م ناقش مديرو أجهزة الاستخبارات سبل تعزيز التعاون والتضافر، ومعالجة التحديات المشتركة، مؤكدين أن الهدف من الإجتماع هو تعميق التعاون وتعزيزه وتوسيع التنسيق بين أجهزة الاستخبارات المعنية في معالجة التهديدات المشتركة وتسخير الفرص المتاحة لمراجعة الفجوات والاتجاهات في المسائل الأمنية بدءاً من المساحات التقليدية إلى المنصات الرقمية، والتي جعلت الجرائم أكثر تعقيداُ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى