رأي

جنيف.. البطة العرجاء

حسين التهامي

الحكومة الأمريكية اعتدت متكأ بمدينة جنيف في سويسرا لحليفاتها فى المنطقة وآتت كل واحدة منهن سكيناً وقالت للسودان أخرج عليهن ولما رأينه أكبرنه ولم يقطعن أيديهن بل قطعن أوصاله فهو التقسيم إذا !!

سقت هذه المقدمة الموحية من القرآن الكريم فى سورة يوسف الآية ٣١:(﴿ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ۖ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ).

أي حرب تنتهي إلى مفاوضات تفضي إلى سلام أو على الأقل وقف الأعمال العسكرية. لكن جنيف ذات السمعة السيئة في استضافة المفاوضات بين الدول أو الأطراف المتصارعة لن تكون استثناء هذه المرة، فالغرض منها هو الوصول إلى تفاهمات تفضي إلى إبقاء الوضع على ماهو عليه. ولذلك كان ملاحظاً تسارع وتيرة الانتشار الجغرافي وتمدد قوات مليشيا الجنجويد فى مساحات واسعة خاصة خلال الأشهر الأخيرة من عمر الحرب. وبعيداً عن تفاصيل أخرى كثيرة، على أهميتها، فإن الانتقال إلى جنيف يشير بوضوح إلى ضعف دور حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية الإقليميين فى احتواء حالة الحرب فى السودان إلى درجة تدخلها مباشرة فى الدعوة إلى المفاوضات.

بتاريخ 24-7-2024 نقلت وكالات الأنباء : (قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن اليوم الثلاثاء، إن الولايات المتحدة دعت طرفي الحرب في السودان، وهما الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع “شبه العسكرية”، للمشاركة في محادثات لوقف إطلاق النار بوساطة أميركية تبدأ في 14 أغسطس/ آب المقبل في سويسرا.وأضاف، في بيان، أن الإتحاد الأفريقي ومصر والإمارات والأمم المتحدة سيشاركون في المحادثات بصفة مراقب. وقال بلينكن إن السعودية ستشارك في استضافة المناقشات. وأضاف أن “حجم الموت والمعاناة والدمار في السودان مدمر. يجب أن ينتهي هذا الصراع العبثي”، داعياً القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لحضور المحادثات والتعامل معها تعاملاً بناءً.) انتهى

 

الخطوة جاءت متأخرة جداً ليس لطرفي النزاع – وهذة عبارة مفخخة وماكرة إلى أقصى درجة – بل للإدارة الأمريكية نفسها بمن فيها وزير الخارجية والمبعوث الامريكي الخاص بالسودان والتي ستتغير بالكامل بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى شهر نوفمبر المقبل. وهناك تعبير فى السياسة الغربية والأمريكية على وجه الخصوص لتوصيف قرارات أو توجهات اللحظات الأخيرة بأنها مثل البطة العرجاء Lame Duck فالبطة العرجاء يسهل اصطيادها، ودعوة وزارة الخارجية الأمريكية جاءت هشة ومهتزة. الإرض اولاً ومن بعدها المفاوضات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى