تقاريرسياسية

خبراء مصريون لـ”المحقق”: تعيين رئيس وزراء مدني خطوة مهمة وتوجه إيجابي

القاهرة – المحقق – صباح موسى

جاء القرار بتعيين رئيس وزراء مدني في السودان، بعد فترة طويلة من الانتظار، في خطوة رآها البعض مهمة في هذا التوقيت الدقيق الذي تمر به بالبلاد، ونظر إليها آخرون من زاوية شخص رئيس الوزراء الجديد، والذي اتفق واختلف حوله الكثيرون.

متطلبات المرحلة

الخطوة جاءت بعد تعيين السفير دفع الله الحاج علي وزيراً لشؤون مجلس الوزراء وتكليفه بتسيير مهام رئيس الوزراء، وقبل أن يستلم مهامه، تم تغيير القرار بتعيين الدكتور كامل إدريس رئيساً للوزراء بصلاحيات كاملة، ويبدو أن السبب يعود إلى ضرورة وجود رئيس وزراء بصلاحيات كاملة ليخاطب متطلبات المرحلة.

مرحلة جديدة

وتلى قرار تعيين رئيس وزراء، قرارات أخرى بتعيين أعضاء جدد في مجلس السيادة، وأيضاء إنهاء تكليف أعضاء مجلس السيادة على الوزرات، مايعزز أن البلاد تستشرف مرحلة جديدة، ربما تأخر فيها صاحب القرار في إطلاقها، إلا أنها تحمل في طياتها رسائل كثيرة داخلية وخارجية، وأنها يمكن أن تساهم في مجابهة تحديات داخلية بالسودان تهم المواطن بالدرجة الأولى، خصوصاً مع العودة الكبيرة للسودانيين إلى بلادهم، بعد تحرير الجيش لمدن وولايات كثيرة، مايستوجب توفير الخدمات للناس، وهذا تحد ليس بالسهل ويحتاج إلى حكومة ذات كفاءة عالية، وأيضا هي خطوة تخاطب متطلبات المجتمع الدولي والإقليمي والتواصل معه، وحتى تساعد في رفع تعليق عضوية السودان من الاتحاد الأفريقي، ولاشك أن رفع هذا التعليق خطوة مهمة ينبغي العمل على تحقيقها حتى يغلق السودان الباب أمام أي تشكيك بأن حكومته غير شرعية، وربما تكون هذه أولوية قصوى أمام رئيس الوزراء الجديد وحكومته، وينبغي أن تتبعها خطوات جادة في التواصل مع المجتمع الدولي والاقليمي لمحاصرة الأزمة في السودان سياسيا ودبلوماسيا، في وقت يتفرغ فيه الجيش لمواصلة انتصاراته على أرض الميدان.

وكما أن قرار تعيين رئيس وزراء مدني في السودان مهم للداخل السوداني، فإن القرار أيضا مهم لخارج البلاد، وله انعكاسات على الدول المجاورة والإقليم، ولأن مصر أكثر الدول قرباً من السودان ويهمها سلامته واستقراره ووحدته… حاولنا استطلاع عدد من الخبراء المصريين في الشأن السوداني حول هذا القرار.

خطوة مهة

مساعد وزير الخارجية ومسؤول ملف السودان بالخارجية المصرية السابق السفير حسام عيسى، أكد أن تعيين رئيس وزراء مدني في السودان خطوة مهمة في إطار استكمال الأجهزة الإنتقالية، وملأ الفراغ برئيس وزراء له صلاحيات تنفيذية. وقال عيسى لـ “المحقق” إنها خطوة جاءت في وقتها، خاصة مع إعادة الإعمار وعودة النازحين واللاجئين إلى أماكنهم في الولايات التي حررها الجيش، مضيفا أن رئيس الوزراء الجديد شخص تكنوقراط مشهود له بالانفتاح على العالم، وينتظر أن يكون له دور في إعادة الإعمار والذي يحتاج لجهد كبير في المرحلة المقبلة.

رفع المعاناة

ورأى عيسى، سفير مصر السابق بالخرطوم، أن هذا التعيين رسالة من القوات المسلحة السودانية للعالم بأنها لا ترغب في السلطة وأنها ماضية من أجل إعادة تسلميها، مشيرا إلى الخلافات بين القوى السياسية والمدنية والتي تحول دون تعيين رئيس وزراء بتوافق سياسي، وقال إن الظروف التي يعيشها السودان الآن أمنيا واقتصاديا واجتماعيا فرضت التعيين بهذه الطريقة، معتبرا أنه رئيس وزراء مؤقت يخاطب متطلبات المرحلة وأنه يمكن أن يتم بعدها استئناف المرحلة الإنتقالية، متسائلا كيف يمكن الوصول إلى توافق بين القوى المختلفة في السودان، وقال إن هذا الموضوع مازال يجد صعوبة منذ ما قبل الحرب وحتى الآن، مضيفا أن هذا التوافق يبدو أنه يستحيل في الظرف الحالي مع وجود بعض الأطراف التي تسعى لتشكيل حكومة موازية، كما تساءل هل نترك هذا المنصب المهم ويستمر هذا الفراغ لحين اتفاق القوى السياسية والمدنية، وقال إن هذا ليس الحل، وإن تعيين رئيس وزراء جديد مهم من أجل القيام بمسؤولياته مع عودة المواطنين وضرورة توفير الحياة والخدمات لهم، مضيفا مع استمرار انتصارات الجيش وانتشاره في مدن جديدة، لابد من الاستعداد لهذه الفترة، لافتا إلى أنها خطوة جيدة من أجل دعم جهود الحكومة في رفع المعاناة عن كاهل المواطن السوداني الذي عانى كثيرا.

مواجهة التحديات

ورأى السفير المصري السابق أنه ينبغي الإجماع على هذه الخطوة والتعامل معها لمواجهة التحديات التي تواجه المواطن السوداني في الأمن والإعمار والتداعيات الإجتماعية التي حدثت جراء الحرب، معربا عن اعتقاده بأن رفع تعليق عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي لن تكون مباشرة بعد هذا القرار، وقال لكن مصر موقفها واضح برفع هذا التجميد، وإنها تسعى بمجهودات واتصالات كبيرة من أجل تحقيق ذلك.

ملأ الفراغ

كما رأى نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير صلاح حليمة أنها خطوة لملء فراغ يتعلق بشؤون الدولة داخليا وخارجيا. وقال حليمه لـ “المحقق” إن السودان ليس لديه حكومة فاعلة منذ سنوات، مضيفا أن وجود حكومة فاعلة لإدارة هذه المرحلة يمكن أن يحرك أمور كثيرة، وخصوصا في إطار الحوار السياسي، داعيا إلى وجود مسار سياسي يشكل هذه الحكومة، مشيراً إلى أنه من الضروري أن يجلس السودانيون ويتوافقوا على تشكيل حكومة كفاءات مؤقتة دون محاصصات حزبية، لافتا إلى ضرورة وجود توافق لإختيار رئيس الوزراء، وقال إن هذا التوافق ينبغي ألا تدعى له أي مجموعات سياسية لها ارتباطات عسكرية مثل قوى تأسيس التي تمثل حاضنة سياسية للدعم السريع، وكذلك أي قوى سياسية تمثل حاضنة سياسية للجيش قد تكون من الإسلاميين.

لا بأس بها

واعتبر السفير حليمة أن هذه الخطوة ايجابية بنسبة لا بأس بها، وقال إن وجود حكومة برئيس وزراء يتحرك داخلياً وخارجياً توجه إيجابي يمكن العمل عليه وإصلاحه بشكل أكبر بتوافق بين القوى السودانية، موضحاً أن هناك مرونة في موقف الإتحاد الأفريقي تجاه السودان ظهر في القمة العربية ببغداد، وقال إن مثل هذا التوجه سيتوقف على الدعم الذي يمكن أن تقدمه الدول الأفريقية، وإنه سيكون مرتبطا بدول جوار السودان، مرجحا أن يكون هناك نوع من المرونة والاستجابة في رفع تعليق عضوية السودان في الإتحاد الأفريقي.

غير معقول

في المقابل رأى نائب رئيس تحرير صحيفة الأسبوع المصرية خالد محمد علي أنه ليس من المعقول أن تفشل القيادة في السودان في اختيار شخصية قادرة على المساهمة في حل أزمات البلاد السياسية والإقتصادية. وقال علي لـ “المحقق” لايعقل أن تكون نفس الأسماء هي التي يتم تكرارها مع كل حديث عن تشكيل حكومة، مضيفا سبق وأن اكتوى السودان بنار عبد الله حمدوك الذي تم الترويج له باعتباره المنقذ لكل أزمات السودان، وأن له علاقات دولية ستكون جسراً لمد السودان بالأموال والاستثمارات، وتابع أن حمدوك أثبت عكس ذلك تماما، وكان جسرا للتدخل الدولي، وسببا في أزمات عانى وسيعاني منها السودان في المستقبل.

الضغوط الدولية

ودعا الخبير المصري في الشأن السوداني الحكام في السودان أن يخرجوا من مظلة الضغوط الدولية، وأن يكون اختيارهم لمصلحة السودان أولا وأخيرا، وقال إن شراء رضى المجتمع الدولي والإقليمي للخروج المؤقت من أزمة حصار دبلوماسي ليس له أي منفعة للسودان، معربا عن أمله في أن يكون مخطئا في رأيه في هذا التعيين وأن يأتي رئيس الوزراء الجديد بجديد لم يكن معروفاً عنه.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى