تقارير

ردود فعل متباينة حول ارسال قوات مصرية إلى مقديشيو

القاهرة – المحقق – صباح موسى

تناولت وسائل الإعلام المختلفة على مدى اليومين الماضيين خبر إرسال مصر لقوات عسكرية إلى مقديشيو، تأكيداً منها على حفظ  الأمن والاستقرار بالصومال والمنطقة، بينما اعتبرت أثيوبيا هذه الخطوة مهدداً للأمن والاستقرار بالإقليم محذرة من التداعيات المترتية عليها، ومنذ هذا الاعلان وأديس أبابا تعتبره رسالة موجهة إليها من القاهرة، ولم تخف انزعاجها.

ترحيب صومالي

من جانبه ثمن على عبدي أواري السفير الصومالي بالقاهرة، بدء وصول المعدات والوفود العسكرية المصرية إلى مقديشو، تمهيدا لمشاركة مصر في قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال (AUSSOM)، والتي من المقرر أن تحل محل بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية الحالية في الصومال (ATMIS) بحلول يناير 2025، مشيداً بهذه الخطوة الهامة والتي تعد أولى الخطوات العملية لتنفيذ مخرجات القمة المصرية الصومالية التي عقدت بالقاهرة مؤخراً بين الرئيسين السيسي وشيخ محمود، والتي شهدت توقيع مذكرة تفاهم  دفاعية مشتركة بين مصر والصومال.

دعم الصومال

كما استقبل رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي اليوم (السبت) بالقاهرة رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري، وأوضح مدبولي أن هذه الزيارة تأتي لمتابعة تنفيذ ما تم التوافق عليه خلال لقاء الرئيسين السيسي وشيخ محمود، خلال زيارته لمصر في 14 أغسطس الجاري، مؤكداً دعم مصر الكامل للصومال، وحرص الدولة المصرية على دعم وحدة الصومال، وقال إن تحقيق وحدة الصومال ودعمها في هذه المرحلة يُعد أحد أهم أولويات الدولة المصرية، وهو ما ينعكس في الزيارات الرسمية رفيعة المستوى بين الجانبين على مدار الفترة الماضية.

تحذير أثيوبي

في المقابل حذرت الخارجية الإثيوبية من دخول منطقة القرن الأفريقي إلى حالة عدم الاستقرار، جراء ما اعتبرته تجاهل مخاوفها بشأن انتقال بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة  بالصومال، وقال بيان صادر عن مكتب المتحدث الرسمي باسم الخارجية الإثيوبية السفير، نبيو تاديلي أن بلاده تعرب عن قلقها إزاء انتقال بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال إلى بعثة جديدة لدعم السلام، وهو ما يشكل مخاطر على المنطقة، وأضاف أنه في حين يستعد الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لهذا الانتقال، تدخل المنطقة قوات جديدة إلى الصومال دون أن تؤخذ الدعوات المتكررة من جانب إثيوبيا وغيرها من الدول المساهمة بقوات على محمل الجد، مضيفاً لا يمكن لإثيوبيا أن تقف مكتوفة الأيدي بينما تتخذ جهات فاعلة أخرى – دون أن تسمها – تدابير لزعزعة استقرار المنطقة، وتابع: إثيوبيا تراقب  التطورات في المنطقة التي قد تهدد أمنها القومي، وتدعو  جميع المسؤولين عن إعداد وتفويض مهمة دعم السلام الجديدة بالصومال أن يأخذوا في الإعتبار المخاوف المشروعة لدول المنطقة والدول المساهمة بقوات، مشيرة إلى من وصفتهم بالقوى التي تحاول تأجيج التوتر لتحقيق أهدافها القصيرة الأجل  أن تتحمل العواقب التي ستنزلق إليها المنطقة.

أهداف وتداعيات

تأتي الخطوة المصرية بعد عرض كل من مصر وجيبوتي إرسال قوات خاصة من جيشيهما لحفظ السلام في الصومال تعويضاً لانسحاب بعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام، إذ من المقرر أن تنسحب البعثة الانتقالية في الصومال (ATMIS) بحلول يناير  2025، بينما حركت إثيوبيا قوات عسكرية إضافية إلى إقليم أوغادين الصومالي حسب مصادر رسمية إثيوبية، رداً على التحرك العسكري المصري، وأثار الحديث الصومالي عن بدء وصول معدات ووفود عسكرية مصرية إلى مقديشو، التساؤلات عن أهداف وتداعيات الحضور العسكري المصري المتوقع في الصومال، والذي عده خبراء تحدثوا لـ “المحقق” في ضوء بروتوكول تعاون دفاعي بين البلدين، واعتبروه عدم تدخل ضد طرف آخر، في حين اعتبره آخرون تمهيداً لمساعدة بعض الحركات الإثيوبية المسلحة المعارضة.

تاريخية واستراتيجية

من جانبه أوضح السفير صلاح حليمه نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية أن العلاقات المصرية الصومالية تاريخية ومتنوعة وبها العديد من الروابط. وقال حليمه لـ “المحقق” إن الصومال بحكم موقعها الاستراتيجي على مدخل البحر الأحمر وخليج عدن تدخل في نطاق الأمن القومي المصري والعربي، وكذلك الدول المتشاطئة للبحر الأحمر، مشيراً إلى عضوية الصومال في الجامعة العربية والإتحاد الأفريقي، مضيفا أن الصومال تواجه أنشطة إرهابية منذ فترة طويلة، وأن حركة الشباب المجاهدين تمارس عمليات إرهابية بها حتى الآن، لافتا إلى أن مصر من الدول التي تشارك في محاربة الإرهاب في القارة الأفريقية ودول الجوار، وإلى أن الدور المصري في هذا الإطار يأتي دعماً للصومال، وقال إن هناك اتفاقية للدفاع العربي المشترك، وكذلك اتفاقية للأمن والتنمية في الدول المتشاطئة للبحر الأحمر، مشيراً إلى دور مصر في مجالات الثقافة والتعليم في الصومال حاليا ومستقبلا وإلى إنشاء خط مباشر للطيران بينهما وفرع لبنك مصر وفتح السفارة المصرية بمقديشيو، مؤكدا أن كل هذه الأمور تجعل العلاقة بين البلدين ذات خصوصية واستراتيجية وأن ما يحدث هو في إطار دعم العلاقات، وقال إن هناك إتفاقية للدفاع المشترك بين البلدين، وأن هناك أوضاعاً استوجبت هذا التعاون، مشيرا إلى مذكرة التفاهم بين أثيوبيا وأرض الصومال، وإلى الإدانة الدولية لهذه الخطوة التي أتت بقرار أحادي من أثيوبيا، وقال إن هذه المذكرة تتحدث عن قاعدة في أرض سيادية وكأنها جزء من الأراضي الأثيوبية، مؤكدا أن هذا تهديد لأمن الصومال والبحر الأحمر.

تخالف القوانين

وبحسب حليمه فإن أثيوبيا تخالف القوانين الدولية وتهدد الصومال، مضيفا أن مصر كان لها موقف في هذا الأمر، استجابة للرئيس الصومالي، وإن هذا الموقف مكفول في القانون الدولي، متهما أثيوبيا بأنها هي التي تزعزع أمن واستقرار المنطقة وليست مصر، وقال إن إثيوبيا خرجت بمخالفة وعملت إتفاقية غير معترف بها دوليا، وأنها تهدد الدولة الصومالية، وتابع أن أديس أبابا التي تتهم الآخرين ينبغي أن توجه الإتهام لنفسها، مؤكدا أن أثيوبيا هي التي تهدد أمن واستقرار المنطقة بقراراتها الأحادية كما حدث في سد النهضة، وقال إن مصر موقفها سليم ويتسق مع المواثيق الدولية، وإنه لايوجد أي تداعي سلبي لأنها تحافظ على أمن دولة والمصالح المشتركة بينهما، مبينا أن مصر أرسلت قوات للصومال طبقا لإتفاق التعاون بين البلدين، متسائلا ماهو التهديد الذي سيقع على إثيوبيا والصومال هي التي طلبت ذلك.

تشكيل ضغط

من جهته أوضح الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الأثيوبي أنور إبراهيم أن هنالك ترقب في هذه اللحظة بصورة كبيرة جداً للتحركات المصرية في الصومال. وقال إبراهيم لـ”المحقق” إن الجميع في إثيوبيا يرى أن هذه التحركات ليست من أجل مصلحة الصومال أو في المشاركة في السلام، مضيفا أنها تحركات لتشكيل ضغط على الحكومة الاثيوبية، مشيرا إلى أن تغطية وسائل الإعلام الإثيوبية لهذا الحدث جاءت بصورة كبيرة، وقال إن الجميع يتوقع أن هذه التحركات من أجل تشكيل ضغوط ومراقبة الحدود الإثيوبية الطويلة، إضافة إلى ذلك هناك توقعات بأن هذه التحركات المصرية لدعم بعض الجماعات المسلحة في الداخل الإثيوبي، مرجحا أن الدور المصري لن يقف على الإنتشار داخل الصومال فقط، بل ربما إلى اختراق الحدود الإثيوبية والتواصل مع بعض الحركات المسلحة التي تتحرك ضد النظام الإثيوبي بصورة كبيرة، وقال أن هذه التداعيات ربما تؤدي إلى التصعيد في ملف العلاقات الإثيوبية المصرية، وكذلك العلاقات الإثيوبية الصومالية، مضيفا ربما نشهد حالة من الهجوم والشد الإعلامي المتزايد أكثر مما كان عليه في ملف سد النهضة سابقا، خاصة وأن القوات الإثيوبية كان لها دور كبير في الصومال، متوقعا رد فعل أثيوبي في الأيام القليلة القادمة بما يخص التعامل مع الملف الصومالي، وقال إن إثيوبيا قالت أنها لن تقف مكتوفة الأيدي، ونتوقع أن يكون هنالك تحركات وتواصل وتحالفات إضافية للتصدي للتحركات المصرية، معتبرا أن التدخل المصري في الصومال ليس في مصلحتها.

خطوة متوقعة

بدوره رأى رامي زهدي نائب رئيس مركز العرب للأبحاث والدراسات أن إرسال قوات مصرية إلى الصومال كانت خطوة متوقعة، وأن مؤشراتها ظهرت في زيارة الرئيس الصومالي للقاهرة الأولى في شهر يناير الماضي، مشيرا إلى حديث السيسي في هذا اللقاء بأن مصر سوف تتخذ كل مايمكن من إجراءات لحفظ أمن وسيادة واستقلال ووحدة وسيادة أراضي الصومال في مواجهة التحديات الخارجية من تهديد جيران وجماعات إرهابية. وقال زهدي لـ “المحقق” إن الوجود المصري في الصومال كان له تمهيد منذ هذا اللقاء، موضحا أن مصر شاركت في قوات حفظ سلام سواء في الصومال أو في دول أخرى، وكان لها دور في مشكلات أخرى في الصومال وحروب داخلية بها، موضحا أنه منذ سقوط نظام الرئيس سياد بري في عام 1991، مصر بذلت الكثير من الجهود بكافة المساعدات للصومال التي كانت تعاني من ظروف سياسية ومواجهة جماعات إرهابية مازالت موجودة حتى الآن، معتبرا أن دلالة ارسال قوات مصرية إلى الصومال هو استكمال لدور مصري في الصومال والمنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى