رأي
كفى تلاعبًا بمصير الشعوب: السودان لن يخضع لأجندات البنك الدولي المسمومة

د. عبد العزيز الزبير باشا
مرة أخرى، يعود البنك الدولي ليُسقِط قناعه المزيّف ويدّعي الحرص على “الشعب السوداني” ، بينما لا يخفي في تقريره الأخير الصادر في يونيو 2025 – بعنوان “العواقب الاقتصادية والاجتماعية للنزاع: رسم طريق للتعافي” – نواياه الحقيقية في فرض وصاية اقتصادية وسياسية على السودان، والتدخل السافر في قراراته السيادية، بحجّة الدعم الفني والإصلاحات الهيكلية….
لكن هذه المرة، لن تمرّ مخططاتكم. فالشعب السوداني قد استيقظ. و الحكومة الشرعية بقيادة المجلس السيادي الانتقالي ، وبدعم شعبي واسع ، تدرك تمامًا أبعاد هذه الهجمة الناعمة التي تقودونها باسم الاقتصاد…
تقرير البنك الدولي:
لغة أرقام مفرغة تُخفي أجندة استعمارية
ما يسميه البنك الدولي “خارطة طريق للتعافي” ليس إلا وصفة جاهزة لتجريد السودان من سيادته الاقتصادية ، ودفعه مجددًا إلى أكذوبة دوامة التبعية المطلقة للغرب، عبر أدوات السيطرة المعروفة: الديون، خفض الدعم، تعويم العملة، وتفكيك القطاع العام لصالح حفنة من المستثمرين الدوليين المرتبطين بالمؤسسات المانحة…
ولنتساءل هنا:
مَن المسؤول عن حالة إنهيار السودان الاقتصادي إن لم يكن الحصار المالي والسياسي الذي فُرض على البلاد منذ رفضها الانصياع للمخططات الإقليمية والدولية؟
أين كان البنك الدولي حين بدأ تمويل الميليشيات المتمردة بالنيابة عن جهات خارجية؟
وأين هو من دعم السودان في معركته من أجل البقاء، في وجه غزو صريح ومخطط لتغيير التركيبة السكانية والسيطرة على القرار الوطني ؟
هكذا يتآمرون باسم “الإصلاحات”
يدعو البنك الدولي إلى:_
• خفض الدعم العشوائي:
أي ترك الفقراء فريسة للجوع وانعدام الكهرباء والماء والدواء..
• توحيد سعر الصرف:
أي تعويم الجنيه مجددًا وجعل السودان خاضعًا لتقلبات السوق السوداء والمؤسسات الأجنبية…
• تقليص دور الاقتصاد العسكري:
في وقت يتعرض فيه السودان لغزو ميداني مموّل من الخارج، ويحتمي شعبه بقواته المسلحة …
• توجيه الإنفاق بعيدًا عن المؤسسات الأمنية:
في خضم حالة الطوارئ القصوى التي تمر بها البلاد ..
إنها دعوات لإضعاف الدولة وتفكيك مؤسساتها الدفاعية والاقتصادية لصالح “ المجتمع الدولي ” الذي لم يحرّك ساكنًا لإنقاذ المدنيين من المجازر، لكنه الآن يهرول لفرض شروطه المالية مقابل وعود زائفة بالدعم….
لا للمبادرة المشروطة.. ولا لإعادة إنتاج الاستعمار عبر HIPC
يريدون من السودان استئناف مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون (HIPC)، وكأننا لا نعلم أن هذه المبادرة قد كانت في حالات سابقة سيفًا مُسلّطًا على رقاب الشعوب، أجهز على القطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة مقابل الحصول على “ صك غفران مالي” مشروط بالتنازل عن السيادة الاقتصادية، وفتح السوق أمام شركات النهب الدولي….
الزراعة ليست اكتشافًا.. ولكنهم يريدون السيطرة عليها
حين يتحدث البنك عن الزراعة كمفتاح للتعافي، فهو لا يعني دعم المزارع السوداني البسيط، بل يُمهّد الطريق لشركات أجنبية لشراء الأراضي بأسعار بخسة، واستغلال موارد البلاد في التصدير بدلًا من تحقيق الأمن الغذائي المحلي. لقد أُحرق مشروع الجزيرة ، ودُمرت البنية التحتية عمداً – ولم نسمع صوتاً واحدًا من مؤسسات التمويل الدولية يندد بذلك…
من أنتم لتقرروا كيف نعيد بناء بلادنا؟
إننا نرفض رفضًا قاطعًا محاولة تصوير الشعب السوداني كجماعة من الضحايا تنتظر الوصفات الجاهزة. فالسودان ليس مجرد ساحة لتجاربكم النيوليبرالية. نحن شعب صاحب إرادة ، ولنا حكومتنا الشرعية ، ومجلسنا السيادي، وقيادة تنفيذية جديدة ممثلة في رئيس مجلس الوزراء الذي جاء نتاجًا لتوافق وطني بين الشعب ومؤسساته الوطنية….
رسالتنا للبنك الدولي:
لن تمروا
لا لابتزاز الشعوب عبر التقارير الاقتصادية الملفقة…
لا لاستغلال النزاعات لإعادة إنتاج أنظمة التبعية…
لا لتهميش الإرادة الوطنية باسم الإصلاح….
السودان اليوم ليس كما كان.
نحن موحدون خلف جيشنا، خلف مقاومتنا، خلف قيادتنا، خلف فخامة الرئيس …
سننهض لا بفضلكم، بل رغمًا عنكم…
التاريخ لن يرحم،
وذاكرة الشعوب أطول من أرشيف تقاريركم.
والسيادة خط أحمر ، لن نساوم عليه، ولن نسمح لكم أن تجعلوه “بندًا إصلاحيًا” في وثائقكم….