رأي

ماذا تريد أمريكا من السودان؟

حسين التهامي

فى مقال للكاتب والباحث في الشأن الأفريقي الكس دى وال Alex De Waal نشر بتاريخ 21/4/2023 أشار إلى الغياب الواضح لأي أوراق أو أدوات ضغط للولايات المتحدة الأمريكية في التعامل مع السودان.

وجاء عنوان المقال : “السودان يمزق نفسه وواشنطون فقدت المقدرة على المساعدة”. وأجدني متفقاً معه تماماً. وبسبب من تقديم الإدارات الأمريكية المختلفة لوقتها وجهدها وأموالها لقضايا ونزاعات أخرى فى العالم وترك أمر السودان إلى وكلائها أو قل حلفائها الإقليميين، بالإضافة – وهذا الأهم – فإن دور وتأثير السودان نفسه فى محيطه الجغرافي والإقليمي تراجع لدرجة التلاشي نتيجة تدهور واعتلال منظومة الدولة بوتيرة متسارعة نحو الفشل، وما خبر الصومال ببعيد أو اليمن أو ليبيا على سبيل المثال. وذلك على أهمية السودان الجيوسياسة باعتباره بوابةً أفريقيا الأمامية إذ تربطه حدود جغرافية مع 7 دول بالغة الأهمية والحيوية كما أنه بوابة خلفية للمنطقة العربية باعتبار الدين واللغة والتاريخ .

ومنذ سقوط نظام الرئيس الراحل جعفر نميري فى أبريل 1985م الذى اقتلعته ثورة شعبية أثناء زيارة خارجية له إلى الولايات المتحدة الأمريكية، تراجع الدور الأمريكي فى السودان إلا من اهتمام هنا وهناك، واعتمدت الإدارات الأمريكية المختلفة على طريقة ومنهج العصا والجزرة. وكما تحكى القصة فان رجلاً يتكسب من نقل المتاع والبضاعة عن طريق عربة خشبية يجرها بغل أو حصان توصل إلى طريقة براجماتية أو عملية – الذَّرائعية أو فلسفة الذرائع أو البراغماتية أو البرجماتية أو العَمَلانِيَّة أو المذهب العملي بالإنجليزية Pragmatism هو تقليد فلسفي بدأ في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي عام 1870م . غالبًا ما تُنسب أصولها الى تشارلز ساندرز بيرس ووليام جيمس وجون ديوى .وصفها بيرس في وقت لاحق في مقولته البراغماتية:(فكر في التأثيرات العملية للأدوات من خلال تصورك. ثم، فإن تصورك لهذه التأثيرات هو كل تصورك لتلك الأدوات). تعتبر البراغماتية الكلمات والفكر كأدوات للتنبؤ وحل المشكلات ، وترفض فكرة أن وظيفة الفكر هي وصف الواقع أو تمثيله أو عكسه. يؤكد البراغماتيون أن معظم الموضوعات الفلسفية – مثل طبيعة المعرفة اللغة، المفاهيم والمعنى أو المعتقد يُنظر إليها على أفضل وجه من حيث استخداماتها العملية ونجاحاتها – فتأمل الربط بين المعرفة الفلسفية وتطبيقاتها فى الفكر السياسي – وعودة من الاستطراد على طوله ، فقد قام صاحب البغل بتعليق جزرة ضخمة تتدلى أمام الحصان أو البغل ليندفع إلى الأمام محاولاً التهامها وهيهات وإذا ما توقف أو نال منه الإعياء فإن عصا صاحبه تلاحقه من الخلف ليتحرك مسرعاً.

بعد وصول الإسلام السياسى إلى سدة الحكم في السودان 1989م تدهورت العلاقات السودانية الأمريكية إلى درجة العداء الصريح خاصة وان الخرطوم رفعت شعارات : أمريكا روسيا قد دنا عذابها. والنكتة المشهورة أن السفير الروسي وقد ترجم له هتاف المتظاهرين الغاضبين، تساءل بعفوية : الاثنان فى نفس الوقت؟

ومن بعد فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات اقتصادية فى اكتوبر 1997م على السودان. ووقع انفراج فى العلاقات بين البلدين فى مايو 2000م من بوابة التنسيق الاستخباراتي في ملف مكافحة الإرهاب وبعد سقوط نظام البشير 2019م رفعت الولايات المتحدة الأمريكية تلك العقوبات جزئياً.

فماذا تريد الولايات المتحدة الأمريكية من السودان؟

فى حقيبة أي مسؤول أمريكي يتعامل مع السودان ملفات أساسية لا تتغير سواء كانت تلك الإدارة ديمقراطية أو جمهورية وهى :

1/ حقوق الإنسان والحريات الدينية.

2/ الديموقراطية وحق الانتخاب.

3/ مكافحة الإرهاب.

أما مطلوبات السودان فهي فى تقديري انعدام الثقة بل الشك العميق فى نوايا الولايات المتحدة الأمريكية نحو السودان . وبغير بناء قدر من الثقة أولاً فستظل علاقات السودان والولايات المتحدة الأمريكية تتأرجح بين الجزرة والعصا. تغيب الأولى أحياناً وتكون الأخرى حاضرة معظم الوقت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى