مطلوبات إعادة التعمير

دكتور هيثم محمد فتحي
حرب 15 أبريل التدميرية التي اندلعت في بلادنا السودان ، كانت كلفتها باهظة ، أكبر خسائرها وأغلاها كانت الخسائر بالأرواح، الدماء، الجرحى، المصابين والمعوّقين، فضلاً عن تدمير الممتلكات العامة والخاصة، وذاكرة الأمة السودانية من تراث وطني وثقافي وفلكلور سوداني كبير وعريق وآثار تاريخية غالية علي بلادنا ، كذلك المباني السكنية، والمؤسسات التعليمية والأراضي الزراعية.
الآن وبعد تحرير البلاد، وما تبقي إلا الأجزاء الصغيرة وجيوب محدودة، ومع عودة حوالي 500 ألف مواطن إلى ديارهم بعد تحرير ديارهم بدأت الحكومة جادة مع جهد شعبي كبير في إعادة الإعمار لذلك هناك خطوات يجيب أخذها في الحسبان قبل البدء في اعادة بناء الوطن الجريح أولها قبل أي أجراء هي إعادة بناء الدولة نفسها ، دولة القانون والمؤسسات، دولة العدل والعدالة، دولة مكافحة الفساد ، دولة محاربة التهريب والتهرب.
ومن عوامل ضمان النجاح للحالة السودانية في إعادة الإعمار تجنب مركزيّة الجهة التنفيذية لإعادة الإعمار، ومراعاة أولوية حاجات المجتمعات المحليّة، ودعم المشاريع الناشئة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ، والاستثمار في الابتكارات الشبابية المفيدة التي ظهرت زمن الحرب وقلصت كثير من الاجراءات وبعضها حل كثير من المعوقات ، كذلك معالجة تداعيات الحرب على البيئة وعلى الصحة ، وأهم شيء، مراعاة الأبعاد السياسية لتدفق الأموال في مرحلة إعادة الإعمار، وانعكاساتها على توزيع الثروة، والطبقية، وتجنب أن تصير تلك الأموال أداة لتقوية نزعات مناطقية علي ان تكون إعادة تأهيل وبناء البنية التحتية أولاً، لأنها الأساس الأول في بناء اقتصاد قوي وقادر على تسريع التعافي والاستقرار.
والاعتماد على الكفاءات الوطنية السودانية ، والسير في سلم الأولويات، ومحاربة الهدر والفساد الإداري والمحسوبيات، والاعتماد على حوكمة المشاريع، والبدء بمشاريع الخدمات الاساسية التي يحتاجها المجتمع ، وزيادة الرواتب للموظفين إلى حد الكفاية المناسب مع تكاليف المعيشة يساعد جداً في الحد من ظاهرة الفساد الإداري والمالي.
تتضمن أولويات إعادة الإعمار الحكومية عادة إعادة بناء البنية التحتية، واستعادة الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه، وتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة مثل الغذاء والمأوى والرعاية الطبية.إعادة بناء المساكن والمدارس والمستشفيات، فضلاً عن تنفيذ برامج التنمية الاقتصادية للمساعدة في تحفيز خلق فرص العمل والنمو الاقتصادي. قد تختلف هذه الأولويات تبعاً للظروف المحددة وشدة تأثير الحرب على المنطقة المتضررة. وضع سياسات واضحة وتشجيع الاستثمار الوطني في هذه الفترة تحديدا للاستفادة من موارد القطاع الخاص رغم تأثرها بالحرب وفقدان كثير جدا من موارده ، هنالك فرص كبيرة متاحة في السودان لإعادة الاعمار وإعادة النشاط الاقتصادي بالتالي اذا توفرت رؤية وتسهيلات للقطاع الخاص الوطني يمكن يساهم في كثير جدا ويكون مدخلا للقطاع الأجنبي ويمكن أن تكون هنالك شراكات بنظام البوت.
لذلك من المهم عقد مؤتمر وطني حول مرحلة إعادة الإعمار، لتحديد الأولويات والمنهجية والآليات ومصادر التمويل يهدف إلى تحديد أولويات إعادة الإعمار. والاتفاق على منهجية المرحلة والشركاء المتوقعين . إضافة إلى تحديد مصادر التمويل المقبولة ، والترويج للاستثمار في شكل فعال.
من خلال تطوير حزمة تشريعية، لتغطية الجوانب القانونية لمشاريع إعادة الإعمار، وهنا نقترح أن قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص لتطوير وبناء المنشأت والمرافق العامة الــ PPP Public private partnership .
وإحداث بنية تنظيمية مناسبة تتصف بالكفاءة والقدرة علىي العمل من خلال هيئة وطنية قومية لإعادة الإعمار، تضم ممثلي البنوك السودانية وخبراء ومختصين من القطاعين العام والخاص،
وتأسيس صندوق خاص بإعادة الإعمار مع تحديد مشروعات بعينها ذات العائد والاثر السريع سواءا كان في توفير الاحتياجات الاساسية او توفير العملات الاجنبية او في دعمها للميزانية العامة للدولة ، خاصة في قطاع المعادن اي ان تكون هنالك أولويات مع إصلاح القوانين وضبط سعر الصرف واصلاح الميزانية.