معارك كسر العظم و حملة الهندي الكاسحة

عادل عبد الرحمن عمر
تدبير محكم ، و عقل استخباراتي معتق، و مال وفير لا مقطوع و لا ممنوع بل مسكوب بمزاج و مع سبق الإصرار، صُممت حملة إعلامية متقنة للغاية ضد المؤسسة العسكرية السودانية برمتها و ذلك بإلقاء التهم و الشائعات و الخيال الدرامي لتجريدها من قوميتها و ألصاقها بفئة حزبية محددة أو تحديداً بالإسلاميين ، و في روايات أخرى بالفلول مع أن تلك المؤسسة انحازت للجماهير الهادرة الغاضبة في أبريل 2019 وأطاحت بالنظام المصنف إسلامياً.
ثم قامت الحرب على الدولة السودانية و ظَهْر القوات المسلحة عارٍ و مكشوف ، إلا أن سلوك القوى المتمردة التي استلفت طرائق و أساليب لا تشبه واقعنا السوداني، من انتهاك للحرمات بالاغتصاب و سرقة أموال الناس بالباطل و تجاوز كل الخطوط الحمراء لدين أو قانون أو عرف اجتماعي يحمي المدنيين من أطفال و نساء و شيوخ جعل من الشعب أن يلتفوا مرة واحدة حول الجيش الذي يَزُود عنه بالمُهج و الارواح ، فاستبانت الرؤية بوضوح تام من تلك الضبابية و التلفيقات الممجوجة التي ألصقتها جهات و قوى داخلية بعينها مدفوعة من الخارج لتجرد الشعب من سلاحه الفتاك.
و بعد مرور وقت مقدر من الحرب و تدمير كل البنى التحتية للدولة في الخرطوم خاصة أصيب الجهاز الإعلامي من إذاعة و تلفزيون و وكالة أنباء و صُحف ، بالشلل الكامل ،مما ترك فراغا واسعا و مناخا جيدا لنماء تلك الشائعات من غير خط دفاع أول للمناعة و الوقاية. و بعد أن أُستردت الدولة عافيتها بانتقال العاصمة لبورتسودان بُذلت مجهودات خرافية لدوران الماكينة لتقارب طبيعتها العادية السابقة رغم كل الحواجز و العقبات الكؤود ، وغاب الإعلام بدرجة كبيرة مما أحدث ثغرة واسعة في هذا المجال الحيوي رغم مجهودات أهل الإعلام في السودان لتغطية ذلك الفراغ العريض و بذل عدد من الإعلاميين و الصحفيين محاولات شتى لتغطية تلك الثغرات، لكن مع الحرب القائمة و الضغط الكبير على موارد الدولة و انهاكها ظلت هذه الفجوة تتسع و تتسع.
بدأ ظهور مبادرات الإعلاميين خارج السودان مبكّرا مع بدايات الأزمة السودانية و ذلك بالكتابة الراتبة و الاستضافات في القنوات الفضائية العربية المشهورة و تولوا الدفاع عن الدولة السودانية و مؤسساتها العريقة و اتضح هذا الدور جليّا مع الحرب و تمرد الدعم السريع على الجيش.
تلك المحاولات باهتمام الإعلام الخارجي بالقضية السودانية غطت مساحات و فجوات تركها الإعلام الداخلي لأسباب مُدرَكة و أخرى غير مَدرَكة و ربما معلومة بالضرورة للمختصين في هذا الشأن.
استشعر عدد مُقدر من الإعلاميين و الصحفيين في الخارج ( في دول اللجوء) هذه الأزمة، فاستنّ الصديق العزيز الأستاذ جمال عنقرة سنة حسنة له أجرها في سجل معركة الكرامة بقيادته وفداً من الصحفيين إلى بورسودان و اللقاء بقيادة البلاد، هذا فتح فتحاً مبيناً بتدفق المعلومات و الأخبار من مصادرها الحقيقية، لكن أيضا عانى هذا الوفد من مشكلة البدايات ومتاعب السير في طريق غير سالك.
المهم، أصبح الطريق سالكاً فبادر الزملاء في الدوحة وعلى رأسهم الدكتور مزمل أبو القاسم والاستاذ عادل الباز والأستاذ ضياء الدين بلال، بقيادة وفد في مهمة مشابهة، و قد أحدث الوفد حراكا جيداً في المشهد الإعلامي الراكد خاصة وأنه تم تطعيمه بصحفيين غير سودانيين.
وجاء دور الزميل الهندي عز الدين حيث وجد الطريق ممهدا و أضاف إليه إضافات حيوية و مهمة للغاية، حيث مزج الوفد الصحفي الذاهب هذه المرة إلى بورسودان بصحفيين مصريين من الوزن الثقيل بالإضافة إلى السودانيين، هذه الفكرة الرائعة التي أدخلت الصحافة المصرية ممثلة برئيس تحرير صحيفة الأخبار دكتور أسامة السعيد في صلب القضية السودانية و بهذا حدث انتشار واسع للمعلومة الصحيحة عن السودان بامتداد ماكينة الإعلام المصري في الساحة الإقليمية و الدولية معا.
ربما لا يرتاح البعض للأستاذ الهندي لطريقته الواثقة في الحديث لأن بعض السودانيين يرى تلك الطريقة تعالياً و ربما تكره ثلة قوى الحرية و التغيير و مَن شايعهم الهندي عز الدين، و لكن من المؤكد ومما لا يدع مجالاً للشك أن الأستاذ الهندي عز الدين صحفي محترف و له في هذا المضمار أسهم عديدة واضحة للعيان و لا تخطئها إلا عين حاسدة أو نفس مريضة.
و جاء بعد ذلك العزيز الزميل الأستاذ الصادق الرزيقي بثقله الصحفي الكبير، ثم من بعد ذلك ثقله القَبلي بعد تمرد حميدتي ، ليوضح حقيقة ماثلة للعيان أن اتهام القبيلة في حد ذاته مرفوض دينا و عرفا، و كل يُؤخذ بناصيته، و كما جاء في الكتاب (كل آتيه يوم القيامة فردا).
في هذه المعركة الإعلامية و مع العلّة الظاهرة في أداء الإعلام المحلي ساهم إعلاميو الخارج بنصيب عظيم في سد الفجوات و الثغرات الهائلة في الإعلام السوداني ،و هم كُثر يعرفهم الناس و الرأي العام و سيذكرهم التاريخ بأحرف من نور لاسهامهم العميق و الشجاع في إظهار الحقيقة و فضح التمرد و المؤامرة الخارجية و الداخلية على السودان .
لقد وجّه الزملاء الذين ذهبوا لمهمة التوعية و السعي وراء الحقيقة والتزود بالمعلومة الصحيحة من مصادرها المباشرة، ضربة قوية لأعداء السودان الذين تبين لهم أن المهمة الوطنية التاريخية التي قام بها هؤلاء الصحفيين شكلت أكبر العقبات التي تواجه مخططهم في تدمير السودان ، فالكلمة الحقة أمضى في أحيان كثيرة من السلاح.