رأي

مفاكرات وطنية دون تدليس أو تقديس مع رئيس الوزراء (3-5)

حتمية تغيير منهج التفكير

دكتور عبد الرحمن السلمابي

نمط القيادة التشاركية والتشاورية من الواجب أن يتمتع بها كل باحث دراسات عليا فوق الجامعية… و لعل تلك الصفات متوفرة لدى د. كامل إدريس من خلال ما كتبه من كتب، و للأسف لم نطلع عليها كاملة بعد.. و لعل المنهجية العلمية المعتمد عليها مبنية على وصف المشكلات و تحتاج إلى دعوات للمختصين و العلماء للمدارسة حول أنجع الحلول لتلك المشكلات التنموية سواء إقتصاديا أو بشرية أو خلافهما ..
و غالبا ما يعتمد على المدارسة مع العلماء و الخبراء من الأكاديميين في الجامعات … وهذا الديدن، ربما النظري، هو أقرب للمدارس الفكرية البريطانية و الأوروبية .. بينما المنهج أو المذهب العلمي الأمريكي الذي يمكن بوصفه بالبراغماتية (أو العملي) و هذا مبني على وصف المشكلة و إقتراح الحلول و المدارسة حول الحلول و تعديلها أو تجويدها أو تحسينها … و لعل أشهرها ما يعرف بدراسة الحالة للمشكلة و حلولها التي تصدرها جامعة هارفارد الأمريكية الشهيرة و أخذت بها تقريبا كل الجامعات الأمريكية، كمنهجية علمية (Harvard case studies )…

فمثلاً استعانت شركة سوني (Sony) اليابانية بخبراء أمريكان لإخراجها من حافة الإفلاس و بزوغها مجددا في عالم التكنلوجيا … و الإفلاس ناتج عن بوار بضاعتها من الكاميرات و آلات و أجهزة مسجلات و راديو و أشرطة الفيديو و غيرها خصوصا بعد ظهور أجهزة الموبايلات أو الهواتف النقالة و التي تطورت و صارت بها كاميرات و آلات تصوير الفيديوهات و بأسعار زهيدة جداً… فريق الخبراء الأمريكي ذهب مباشرة إلى مدارسة الحلول و عن الكيفية المثلي للإستفادة من المصانع و الآلآت و التكنلوجيا الموجودة في الشركة اليابانية العملاقة تلك … تمخضت الحلول إلى تحويرها الى صناعة البلي إستاشون (Playstations) و شرائط الألعاب المصاحبة و تطورت أيضا إلى إنتاج شرائط و أفلام الخيال العلمي و التي دخلت بها الشركة مجالات الإنتاج السينمائي … الفكرة الأساسية لطريقة و منهج التفكير الأكاديمي و البحثي الأمريكي هى الإعتماد على نظريات الفلسفة الإستقرائية أي من الواقع للنظرية مثل خلق أو إعادة التفكير في نظريات مناسبة قد تطابق و تعالج مشاكل الواقع حتى عبر التهجين …. و هذا عكس النمط الآخر الموجود في معظم دول أوروبا و مستعمراتها و هو الفلسفة الإستنباطية أي من النظرية إلى تطبيقات الواقع و بمعنى آخر فرض النظرية على الواقع … و قد يبدو أن هذا هو موطئ الخلل في ممارستنا السياسية … فمثلا الإصرار على تطبيق منهج ديمقراطية وستمنستر البرلمانية البريطانية لثلاث مرات رغم ثبوت عدم موافقتها لواقعنا بحيث لم يتمكن أى من الأحزاب الكبيرة بعد الإستقلال عام 1956م من الحصول على نسبة 51% المطلوبة لتكوين حكومة قوية و غير إئتلافية و كذلك لتكوين معارضة قوية أيضا … فتلك النظرية لا توافق الواقع السوداني من حيث الخارطة الإنتخابية للأحزاب الكبيرة و ربما العديدة … وفقاً لذلك ربما كان الحل الأمثل في تبني النظام الرئاسي الأمريكي الذي عمل به نميري وفق دستور 1973م و ربما قد يكون الأمثل لو تم تطبيقة عبر الحكم الديمقراطي الثالث عام 1986م و تم إنتخاب السيد الصادق المهدي أو غيره رئيساً لجمهورية السودان و الذي له الحق المطلق في تكوين الحكومة التنفيذية الخاصة به .. و يبدو أنه مازالت الأخطاء مستمرة حتى وفق الوثيقة الدستورية المعدلة … الموضوع يبدو أن تمسكنا بنظرية ذلك النظام الديمقراطي رغم أنها لا و لم و ربما لن تصلح لواقعنا السياسي و تركيبتنا الحزبية…

لذلك يستوجب علينا أن نبني على ظلال واقعنا نظريات جديدة أو محورة أو مهجنة لتواكبه ،،، أو أن نختار النظرية التي قد تصلح أكثر لواقعنا … ونسأل الله العون للجميع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى