تقارير

مليشيا الدعم السريع.. من اللاندكروزر إلى سلاح الجوع في مواجهة المواطنين

القضارف – طلال اسماعيل – المحقق

بعيدا عن أجندة الحرب السياسية في السودان، وتأثيراتها الإجتماعية التي خلفتها بعد لجوء ونزوح الملايين من ولايات الخرطوم، الجزيرة، ولايات دارفور وكردفان وسنار، تنفذ مليشيا الدعم السريع أجندة ” نذر المجاعة” من خلال تدمير المشاريع الزراعية بالبلاد.
والأحد، اتهمت منظمات مجتمع مدني سودانية دمرت ونهبت بشكل متعمد وممنهج البنية التحتية للمشاريع الزراعية في ولاية الجزيرة، مما سيؤدي إلى توقف مشروع الجزيرة الزراعي لأول مرة منذ مائة عام.
كما شملت الاتهامات تدمير البنية التحتية لمشاريع الجزيرة والرهد وسكر الجنيد وإقطاعيات سكر سنار، وتجميع كل التراكتورات الزراعية وملحقاتها من أصحابها بالترهيب والضرب والقتل، كما استولت المليشيا على كل البذور الزراعية والسماد والمبيدات من القرى ومخازن المزارعين.
والثلاثاء، قالت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، إن الجوع دفع السودانيين لمغادرة بلدهم إلى تشاد، فيما يتواجد في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، 800 ألف شخص عالقين دون غذاء كافٍ.
وقال ممثل منظمة الصحة العالمية في السودان، شبل صهباني، في مؤتمر صحفي عقده في جنيف، إنه “أثناء قيامه بمهمة تقييمية في تشاد الأسبوع الماضي، أخبره اللاجئون اليائسون أن السبب الرئيسي وراء مغادرتهم السودان الآن هو الجوع والمجاعة”.

وأشار إلى أن اللاجئين أكدوا له أن سبب مغادرتهم السودان ليس “انعدام الأمن ونقص الوصول إلى الخدمات الأساسية، ولكن لأننا لا نملك ما نأكله هناك”.

الخارجية تتهم المليشيا
واتهمت زارة الخارجية السودانية مليشيا الدعم السريع بتدمير البنيات التحتية للمشاريع الزراعية.
وقال بيان للخارجية، الثلاثاء :” تواصل مليشيا الجنجويد الإرهابية، بإشراف رعاتها الإقليميين، مخططها الخبيث لإحداث مجاعة في البلاد، وذلك بالتعطيل المتعمد والممنهج للنشاط الزراعي في مناطق إنتاج الغذاء وترويع المزارعين، وتدمير البنيات الأساسية للقطاع الزراعي، ونهب الآليات الزراعية والتقاوي ومحصولات الموسمين الشتوي والصيفي. والهدف النهائي للمخطط هو إفراغ مناطق الإنتاج من أهلها واستبدالهم بعناصر المليشيا ومرتزقتها الأجانب.”
وتابعت :”بسبب هذه الحملة الإرهابية تعطل الإنتاج في أجزاء من مشروع الجزيرة لأول مرة منذ مائة عام، فضلاً عن تهديد الموسم الزراعي في ولايتي سنار والنيل الازرق ومشروع الرهد”.

واندلعت الحرب في منتصف أبريل من العام الماضي، بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع في العاصمة السودانية الخرطوم، قبل أن تتوسع لاحقا في ولايات تضم ملايين الأفدنة من المشاريع الزراعية في ولايات الجزيرة، سنار وكردفان ودارفور.
ووفق بيانات رسمية يوجد في السودان، ما يزيد عن 175 مليون فدان من الأراضي الصالحة للزراعة، وأكثر من 100 مليون رأس من الماشية، ومساحات من الغابات والمناطق الصالحة للرعي، بواقع 52 مليون فدان، وأكثر من 400 مليار متر مكعبٍ معدل هطول الأمطار سنوياً.
ويوجد بالسودان نوعان رئيسيان للزراعة : الزراعة المطرية ، والزراعة المروية التي تبلغ مساحتها الحالية 4.5 (مليون فدان) وتشمل مشروع الجزيرة (ومساحته 2.12 مليون فدان)، ومشروع حلفا الجديدة الزراعي (500 ألف فدان)، ومشروع السوكي الزراعي (115 ألف فدان) ثم مشروع الرهد الزراعي (300 ألف فدان) بخلاف مشاريع الري الإنسيابي ، كما في مشروع دلتا القاش الزراعي ومشروع دلتا طوكر الزراعي في شرق السودان ومساحتهما ربع مليون فدان.

والي الجزيرة يطمئن على زراعة المحاصيل
وتفقد (الأربعاء) والي ولاية الجزيرة، الطاهر ابراهيم الخير، محاصيل العروة الصيفية للعام 2024 و2025، ووقف على مستوى الانبات بمحاصيل العروة الصيفية بقسم المنسي بمكتب الكريمت.
وأشاد والي الجزيرة بمستوى الانبات وحجم الرقعة الزراعية الواسعة التي استهدفتها حكومة الولاية وإدارة المشروع لتامين المحاصيل التي تمثل حجر الأساس في بناء الامن الغذائي مشيدا بدور المزارعين في اعمار الأرض مؤكدا أن حكومته لن تدخر جهدا في انجاح محاصيل العروة الصيفية لهذا العام، وفق بيان لحكومة الجزيرة اطلع عليه المحقق.

وفي 12 أبريل الماضي، وضع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “اوتشا” ، خطة طارئة لتلافي وقوع مجاعة في السودان، تستهدف تقديم مساعدات لـ 7.6 مليون شخص خلال 6 أشهر.
وتقول الأمم المتحدة إن 25 مليون سوداني بحاجة لمساعدات إنسانية، بينهم 18 مليون شخص يعانون من الجوع الشديد ومن ضمن هؤلاء هناك قرابة 5 ملايين فرد على شفا المجاعة.

وفي 19 ابريل الماضي، أكد وزير المالية والتخطيط الاقتصادي بالسودان، جبريل إبراهيم، أن المخزون الاستراتيجي من السلع الغذائية والحبوب في السودان مطمئن، نافيا صحة ما يقال عن تعرض السودان للمجاعة.

ودعا الوزير، في الوقت ذاته، إلى البحث عن الطرق الآمنة والمسارات الفعالة لتوصيل المحصول إلى مناطق الحاجة في الولايات المختلفة، مع زيادة السعة التخزينية وتحسين البنية التحتية لضمان وصولها في الوقت المناسب.
تأثير الحرب على الزراعة
وقال وزير الزراعة والغابات أبو بكر عمر البشرى، لـ “سودان تربيون”، إن “المساحة التي مخطط زراعتها في دارفور وجنوب وغرب كردفان في الموسم الصيفي كانت 12 مليون فدان، إلا أن نسبة كبيرة لم تُزرع بسبب الحرب وعدم توفر العمالة”.

وأشار إلى أن الخطة التأشيرية لمشروع الجزيرة كانت تتضمن زراعة 350 ألف فدان قمح قبل أن تتقلص إلى 220 ألف فدان بعد دخول مليشيا الدعم السريع ولاية الجزيرة في ديسمبر الماضي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى