رأي

هل اقترب موسم البيع؟

حامد عثمان

لا مستقبل للدعم السريع في السودان ..

بهذا التصريح القاطع الذي أدلى به المبعوث الأميركي الخاص للسودان في لقائه ،(الأحد) مع سعد الكابلي، توضيح لرؤية الادارة الاميركية لسودان ما بعد الحرب – وبالمناسبة سبق أن أدلى بمضمون التصريح ذاته – ولكن الآلة الإعلامية للمليشيا استطاعت ان تقتل التصريح في مهده بإغراق الساحة بأخبار وفبركات واستخراج خلاصات تخدمها ليتولى توزيعها التيار العاطفي (المستعصم بالبلادة والغشامة وكثير من الغبن الضار).

في رأيي أن رؤية الادارة الأمريكية وقد لمح إليها في ثنايا حديثه هي ضمان وجود جيش تخضع قيادته للتوجهات الأمريكية وتضمن مصالحها ، وأبعاد أي عناصر ترى أنها مسيسة وإزالة أي عقيدة أيدلوجية متجذرة ضد القيم الأمريكية ، في مقابل أن تتولى أمر المليشيا بالدمج او التصفية أو الملاحقة بالعقوبات، ويمكن تفعيل ذلك جميعاً لهدف واحد هو تصفية وجودها في المشهد السياسي السوداني .

دور الحليف المدني للمليشيا (قحت / تقدم) بطبيعة الحال لن يعزف منفرداً عن النوتة الأمريكية بل سيكون متوحداً معها تماماً ، بمعنى أن تحالفه الحالي مع المليشيا هو تحالف تكتيكي ينتهي مجرد عودتهم للسلطة شراكة مع الجيش بضمانات ورعاية أمريكية ويمكن توسيع المشاركة لتشمل قوى وطنية – عدا المؤتمر الوطني – حاولت قحت بكل السبل إقصاءها ، ولعل ما جرى في أديس أبابا وبعدها القاهرة من مشاورات تمهيداً لذلك.

 

في الاتجاه ذاته – توحيد الجبهة المدنية – من المقرر أن تسبق مفاوضات جنيف مشاورات برعاية الاتحاد الإفريقي اكدت قحت / تقدم مشاركتها فيها بعد أن قاطعت الجولة الأولى احتجاجاً على مشاركة واجهات وشخصيات من النظام السابق ولكن يبدو أن الضغوط الأمريكية قد أسفرت على موافقتها خاصة إذا علمنا بزيارة للمبعوث الأمريكي لأديس أبابا مؤخراً وتأكيده على دعم بلاده لجهود الاتحاد الأفريقي في هذا الصدد.

في السياق ذاته جاء حديث المبعوث القاطع أمس بأن مفاوضات جنيف ستكون محصورة في المسار العسكري فقط بهدف وقف إطلاق النار وانسياب المساعدات الإنسانية بمثابة إشارة تأكيدية على حديثه بأن لا دور سياسي للدعم السريع مستقبلا فلو كان ثمة اعتراف بهذا الدور لانفتح الباب أمام حوار سياسي وهو ما ظلت المليشيا تسعى إليه.

من المهم ان يقرأ ذلك بدون النظر في أمرين : الأول سياق الانتخابات الأمريكية وبحث الحزب الديمقراطي عن نصر في أفريقيا بتحقيق اتفاق لوقف اطلاق نار، والثاني: قطع الطريق أمام نفوذ روسيا وتغلغل إيران من جديد، وبطبيعة الحال الادارة الأمريكية لديها الوسائل التي تقرأ بها المزاج العام السوداني والذي بات مستعداً لقبول دور روسي يرجح كفة الجيش لتحقيق هزيمة تعيدهم إلى بيوتهم وحياتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى