تقارير

هل تنجح الوساطة التركية في رأب الصدع بين الصومال وإثيوبيا؟

المحقق – عثمان صديق

لاقت الجهود الكبيرة التي تبذلها أنقرة لإبرام الصلح بين مقديشو وأديس أبابا الإشادة من وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي الذي أثنى يوم أمس (الخميس) على جهود تركيا في تعزيز السلام والأمن الإقليميين. وبحسب وكالة الأناضول التركية فإن الوزير اجتمع بمديري الإدارات والمستشارين الكبار في وزارة الخارجية وأطلعهم على سير محادثات أنقرة بين الصومال وإثيوبيا بوساطة تركيا. وقال فقي في الاجتماع إن “الصومال انخرط في المحادثات (مع إثيوبيا) بنوايا طيبة، بسبب العلاقات الأخوية الوثيقة مع تركيا معرباً عن تقديره للرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته هاكان فيدان على جهودهما في تعزيز السلام والأمن الإقليميين.

الرؤية الصومالية

وجدد الوزير الصومالي التأكيد أن بلاده لن تقبل أي انتهاك لوحدتها وسيادتها أو أي طموحات خارجية ذات أهداف توسعية، وأن الحكومة توافق فقط على المنافع المتبادلة مع (الجارة) إثيوبيا على أساس تجاري. وشدد على أن أي تفاهم مع إثيوبيا سيكون وفقا للقوانين والأعراف والمعاهدات الدولية، بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.

عقبات أمام الجهود التركية

وخلال مؤتمر صحفي مع نظيريه الصومالي والإثيوبي قبل أكثر من أسبوع أوضح فيدان أن الجولة الثانية من المحادثات شهدت مناقشة بعض سبل الحلول الهادفة إلى إزالة الخلافات القائمة والاتفاق على إطار عمل مقبول للجانبين.

هذه الخلافات بحسب الأناضول أشارت إليها شبكة شابيلي الإعلامية (مقديشو) بأنها كانت سبباً في انهيار المفاوضات ، فقد نشرت مقالاً أمس (الخميس) بعنوان “الصومال تتهم إثيوبيا بعرقلة محادثات أنقرة بسبب طلبها اتفاقية بحرية” وجاء في المقال تصريحات لوزير الخارجية الصومالي أحمد فقي في مؤتمر صحفي عقده مؤخراً بالعاصمة مقديشو أعرب فيه عن معارضته الشديدة لمطالبة إثيوبيا بوجود عسكري في الصومال، وعزا انهيار جولة المحادثات الأخيرة في أنقرة إلى هذا الإصرار. و انتقد فيه سعي إثيوبيا للحصول على موطئ قدم عسكري على الأراضي الصومالية ووصفه بأنه أمر غير مقبول، كما سلط الضوء على ما أسماه “المظالم التاريخية” بشأن العمليات العسكرية الإثيوبية في الصومال خلال عامي 2007 و 2008م.

ولكن يبدو أن الوساطة التركية متفائلة بالنجاح، إذ أعلن فيدان في ذات المؤتمر الصحفي مع نظيريه الصومالي والإثيوبي عن عقد جولة المحادثات الثالثة بين مقديشو وأديس أبابا في أنقرة يوم 17 سبتمبر المقبل.

قوات حفظ السلام الأفريقية

و من جهة أخرى أشارت شبكة شابيلي بأن فقي أقر بالتضحيات التي قدمتها قوات الاتحاد الأفريقي، بما في ذلك القوات الإثيوبية، في القتال ضد حركة الشباب، لكنه أكد أن هذا لا يبرر المطالبات الإقليمية أو البحرية من قبل إثيوبيا. وفيما يتعلق بمستقبل حفظ السلام في الصومال، وأوضح أن القرار بشأن البلدان التي ستساهم في بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة لدعم واستقرار الصومال (أوسوم – AUSSOM)، والتي من المقرر أن تحل محل بعثة (أتميس- ATMIS) في يناير 2025، يقع على عاتق الصومال. وأضاف: “كل دولة شاركت في بعثة “أتميس” فعلت ذلك طواعية، وينطبق نفس الشيء على بعثة “أوسوم”، مؤكداً على سيادة الصومال في هذه القرارات.

الموقف الإثيوبي

و قدم المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية في الوقت نفسه رؤى حول موقف إثيوبيا من بعثة “أوسوم”، وأشار نبيو تيدلا إلى أن القرار النهائي مازال معلقا بشأن تكوين بعثة “أوسوم”، وتفاصيلها التشغيلية ، مشيرًا إلى أن مشاركة إثيوبيا ستعتمد على مزيد من التحليل والتشاور مع الشركاء الإقليميين والدوليين. وأكد على المخاوف الأمنية لإثيوبيا في الصومال، واقترح اتباع نهج حذر تجاه المشاركة في البعثة الجديدة.

ويشير موقع المحقق الإخباري أن العلاقات بين الجارتين تدهورت منذ أن أبرمت إثيوبيا اتفاقاً مع إقليم “أرض الصومال” الانفصالي، مطلع يناير 2024، يتيح لأديس أبابا استخدام سواحل الإقليم على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية.

ورفض الصومال هذه “الصفقة” ووصفها بأنها “غير شرعية وتشكل تهديداً لحسن الجوار وانتهاكا لسيادته”، بينما قالت إثيوبيا إن الاتفاق “لن يؤثر على أي دولة”.

تطور العلاقات التركية الصومالية

في أواخر يوليو الماضي وفي إطار اتفاق بين الصومال وتركيا ، قالت أنقرة أنها سترسل سفينة استكشاف من قوات البحرية إلى المياه الصومالية من أجل الدعم في عمليات التنقيب عن النفط والغاز ضمن اتفاق للتعاون في مجال الهيدروكربونات بين البلدين.

وأصبحت تركيا حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القلية الماضية. وفي وقت سابق من هذا العام وقعت تركيا والصومال اتفاقاً للتعاون في مجالي الدفاع والاقتصاد خلال زيارة وزير الدفاع الصومالي لأنقرة.

وتبني أنقرة مدارس ومستشفيات وبنية تحتية في الصومال وتقدم منحاً دراسية للصوماليين للدراسة في تركيا.

كما افتتحت تركيا في عام 2017م أكبر قاعدة عسكرية خارجية لها في مقديشو. كما توفر تركيا التدريب للجيش والشرطة الصوماليين.

ويبدو أنه بسبب هذه العلاقة المتميزة وجدت الوساطة الترحية أذناً صاغية وترحيباً لحل المشكلة مع جارتها إثيوبيا رغم التوتر الشديد والراي العام المشحون ضد اتفاق اثوبيا مع “أرض الصومال” باعتباره مسعى لتفتيت وحدة البلاد.

وتشير متابعات موقع *المحقق* أن الانتقال من بعثة “أتميس” إلى بعثة “أوسوم”، يعد تحولاً كبير في استراتيجية الاتحاد الأفريقي في الصومال، بهدف اتباع نهج أمني أكثر استدامة وتكاملًا محليًا. ومع ذلك، لا تزال المناقشات حول تشكيل قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي ومهامها التشغيلية تشكل نقطة خلاف، مما يعكس التوترات الجيوسياسية الأوسع نطاقا في منطقة القرن الأفريقي. وإذا كتب لها النجاح فستكون حافزا لمزيد من العمل بمنظور شمولي وتكاملي لحل المشكلات الافريقية ذات الصبغة الامنية السياسية. وإذا نجحت الجهود التركية في خفض التوتر بين الجارتين فلا يستبعد أن تجد أنقرة مقعد المراقب والداعم لبعثة ال:أوسوم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى