هل يحقق ترامب في السودان ما عجز عنه بايدان وهاريس؟
المحقق – محمد عثمان آدم
مما يدهش المرء أنه حتى بريطانيا العظمي أصبحت في حيرة من أمرها حيال فوز دونالد ترامب، و ما ستكون عليه فترته الرئاسية للأعوام الأربعة القادمة، فقد أوردت هيئة الإذاعة البريطانية عن وزارة خارجية بلادها ما معناه أن فوز ترمب “قوم نفس” الخارجية طراً ، كما نقول في دارجيتنا السودانية.
ثم انطبق الأمر ذاته على الجانب الآخر من العالم إذ أوردت هيئة صوت أمريكا في استطلاع و اسع و تصفح لأجهزة الإعلام في جنوب أفريقيا عبر خلالها المحللون و المختصون عن حالة من غياب اليقين فيما سيفعل ترمب حيال أفريقيا في سنوات رئاسته، لكنهم جميعاً لم يبدوا أي حماس لاحتمال وقوع تغيير يخالف ما قام به آنفاً إبان رئاسته الاولي.
غير أن الإجماع بين أقصى الجنوب و أقصى الشمال الأوروبي كان على أن دونالد ترامب رجل براغماتي و لا يمكن التنبوء بخطوته التالية مما يمنحه قفوة لا تتوفر لمن كان مقروء الخطوات في سياسته الخارجية او الداخلية علي بلاده.
فقد خلصت صوت أمريكا في تجوالها وسط إعلام و مسؤولي القارة الأفريقية إلى أن فوز دونالد ترامب على نائبة الرئيس المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس قد سيطر على دورة الأخبار في جميع أنحاء أفريقيا يوم الأربعاء، حيث عكست التغطية القلق الذي يشعر به البعض في القارة.
وقد اتسمت التوقعات كلها بالقلق مثلما نشرت صحيفة “بيزنس داي” ضمن عمود رأي بعنوان “عودة ترامب تنذر بنهج أمريكي أكثر صرامة تجاه أفريقيا”، بينما أجرت صحيفة محلية أخرى في جنوب أفريقيا، صنداي تايمز، استطلاع رأي للقراء يسأل: “هل أنت قلق بشأن انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة؟” ، إذ يثير ترامب آراء متباينة حول القارة، بعد أن أثار غضب البعض من خلال وصف الدول الأفريقية باسم مهين في ولايته الأولى، ونظر إليه الآخرون بشكل إيجابي باعتباره زعيماً ويمكن وصفه ب “الرجل القوي”.
وقال ستيفن جروزد، المحلل السياسي في المعهد الجنوب أفريقي للشؤون الدولية، لـ لصوت أمريكا إن “ترامب لم يول اهتمامًا كبيرًا لأفريقيا في ولايته الأولى ولا يتوقع أن يتغير ذلك.”، وأصاف: “لن تكون أفريقيا أولوية لإدارة ترامب الثانية بأي مقياس، ولا أعتقد أنه يجب أن نتوقع الكثير”. “أعتقد أننا سنرى أيضًا عالمًا به الولايات المتحدة الأمريكية المختلفة تمامًا، وسيتعين على الدول الأفريقية أن تقرر كيف تتعامل مع ذلك”.
وقالت أساندا نجوشينج، المحللة المستقلة في كيب تاون، إنها تعتقد أن رئاسة ترامب ستؤثر على أفريقيا من حيث التجارة، مع احتمال انخفاض صادرات جنوب أفريقيا إلى الولايات المتحدة.
وأضافت نجوشينج إن تمويل الصحة العامة لأفريقيا قد يتأثر أيضًا في ظل الإدارة الجمهورية القادمة، وخاصة فيما يتعلق بالصحة الإنجابية.
وبالمثل، فإن أي خفض في مساهمات الولايات المتحدة في الأمم المتحدة قد يكون له آثار سلبية على القارة، كما قالت.. “كان دونالد ترامب واضحًا جدًا في أن إدارته ستكون إدارة أمريكا أولاً. وتوقعت نجوشينج “إن هذا سيكون له تداعيات على أفريقيا”.
و قد تسال البريطانيون :ماذا يعني فوز ترامب بالنسبة للمملكة المتحدة وجاء التساؤل كما تقول بي بي سي لأن فوز دونالد ترامب يعد أمراً معقداً بالنسبة للمملكة المتحدة، “بسبب عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات الرئيس المنتخب”. و أضافت بأن العالم سيظل في حالة تساؤل مرارًا وتكرارًا على مدى السنوات الأربع القادمة، “ماذا سيقول أو يفعل بعد ذلك”. وعممت الهيئة ما يشعر به كثير من وزراء الخارجية “في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في لندن”، أصبحت الخطط الافتراضية لهذا السيناريو هي الصفقة الحقيقية. إذ تم الانتهاء من التحضير لمن سيفوز . لكن التحضير قد لا يكون ذا قيمة كبيرة.
و خلصت الهيئة إلى أنه “يبدو أننا على وشك أن نشهد رحلة أخرى مليئة بالتقلبات عندما يتعلق الأمر بالعلاقات مع واشنطن: “لقد مررنا بهذا من قبل، بل إنه من الطريف أن تعتبر الخارجية البريطانية نجاحاً دبلوماسياُ كون أحد قياداتها تمكن من تناول العشاء مع ترامب و أن مسؤولاً بها تمكن من الاتصال عبر وسطاء تلفونياً و تهنئة ترمب عاجلا بالفوز “.
و تقول الهيئة في تقرير مطول أنه في الحكومة البريطانية الآن يُشار إلى نجاحين دبلوماسيين أخيرين مع فريق ترامب، أولاً، العشاء الذي تناوله رئيس الوزراء ووزير الخارجية ديفيد لامي مع الرئيس المنتخب في برج ترامب في نيويورك في سبتمبر. تقول المصادر إن ترامب أعاد ترتيب جدول أعماله لإيجاد الوقت لمقابلة ستارمر ولامي، وهو ما اعتُبر “لفتة طيبة” مع الرئيس القادم. ثانيًا، تمكن رئيس الوزراء من إجراء مكالمة مبكرة مع دونالد ترامب بعد وقت قصير من نجاته من محاولة اغتيال. و تعزى كلتا الفرصتين للتحدث إلى ترامب إلى عملية دبلوماسية رائعة في السفارة البريطانية في واشنطن – بقيادة السفيرة دام كارين بيرس.
يقول المقربون من وزير الخارجية إنه كان يبذل جهودًا كبيرة منذ أشهر – بما في ذلك قبل الانتخابات – للتعرف على دونالد ترامب ومن حوله وفهمهم.”
إلا أن الذي لا جدال حوله هو ان الجميع على قناعة بأن ترامب سينفذ ما قاله في حملاته و أن دافعه دوما سيكون كما قال في خطاب تنصيبه في يناير 2017 إن “كل قرار … سيتم اتخاذه لصالح العمال الأمريكيين والأسر الأمريكية”.
ومن هذا الباب ينبغي النظر إلى ما يمكن أن تحققه إدارة ترمب للسودان غض النظر عن القلق و عدم المقدرة في التنبوء بما سيتخذه، إذ أنه إبان رئاسته الأولى كان نصب عينيه المصلحة الاقتصادية أولا لبلاده و لرجال الأعمال والشركات الأمريكية فهل في السودان ما يغري اقتصاديا و استثماريا بما يدفعة للضغط على الأطراف التي تصر على إمداد مليشيا الدعم السريع لوقف ذلك وبالتالي وقف الحرب في السودان؟
ربما تكون الإجابة على هذا السؤال هي الإجابة على ما سيفعله ترامب على خلاف ما سعى لتحقيقه بايدن ومبعوثه توم بيريللو ولم يفلحا فيه إلى اليوم.