ثقافية

هنا أم درمان .. جمال العبارة

د. طارق البحر

 

“في زمن الحرب عليك سماع  إذاعة بلدك”
                            بروفسور التجاني الماحي

كما هو معلوم إن الإذاعة السودانية ظلت تلعب دوراً إيجابياً في حركة المجتمع، من حيث التطور الفكري والمعرفي ورفع الوعي اجتماعياً وثقافياً. ويأتي كل ذلك عبر المشافهة أي السمع بين المرسل والمستقبل، وظل المستمع السوداني شغوفاً ومعتداً بإذاعته  في مدينة أم درمان.

السؤال  هل حقيقة أننا استمعنا إلى إذاعتنا لاستقاء المعلومة وارتبطنا بها في معرفة مايدور في بلدنا في زمن الحرب ؟

بالطبع للإجابة علي هذا السؤال لابد من عمل استطلاع لمعرفة رأي المستمعين فيما قدم خلال عام من الحرب، وهذا مايجب أن تقوم به الإذاعة القومية من خلال برمجتها لمعرفة رأي المستمعين فيما قدم لهم برامجيا استناداً علي الخارطة البرامجية التي وضعت ونفذت، وأعتقد أن هذا من الأهمية بمكان.

“في زمن الحرب عليك سماع  إذاعة بلدك” ..
بحمدالله وتوفيقه تم تحرير مقر الإذاعة من دنس التمرد في يوم الثلاثاء 12 مارس، والإذاعة هي ذاكرة الأمة السماعية حافظة لتراثها الإجتماعي الثقافي المجتمعي والسياسي في قلب مدينة أم درمان مدينة العلم والثقافة ذات البعد الحضاري الآثاري الذي تجسد في إنسانها حركة وفناً يشع بالمحبة والتسامح.

فرح الكبير والصغير بعودة هنا أم درمان وكل يعبر عن مشاعره بالبكاء أو الزغاريد من حناجر النساء الجميلات جمال مدينة أم درمان.

عليه لم تعد الإذاعة السودانية تلك الوسيلة التي تنقل الأحداث، بل هي شكل من أشكال النشاط الإجتماعي الإنساني بجوانبه المادية والروحية  فهي فكر ونشاط مشترك بين الإذاعة والمستمعين بالتالي هي علاقة إنسانية لها أبعادها الروحية النفسية فهي تتحمل تقلب نفس المستمع السوداني في يومه وفقاً لمزاجه وسمعانيته التي تعني له الماضي، الحاضر والمستقبل.

ونؤكد هنا مقولة عالم النفس السوداني بروفسور التجاني الماحي رحمه الله “في زمن الحرب عليك سماع  إذاعة بلدك”.

بسماع راديو أم درمان منذ العام 1940 ظلت الإذاعة تلعب دورها الإيجابي في حركة المجتمع، موثقة لكل أحداثه شاهدة علي العصر من خلال خارطتها البرامجية التي بدأت بربع الساعة واليوم تبث أربعة وعشرين ساعة.

هذا الجهد وقف خلفه العديد والكثير من المبدعين مذيعين  وفنيين ومعدين ومخرجين ومستمعين شاركوا بفكرهم وأبدوا آراءهم في التصويب والتعديل حباً لهنا أم درمان.

هذا التطور في العملية السماعية أتى من تطور العلوم الإجتماعية والنفسية التي أعطت مفهوماً جديداً للنشاط السماعي، فالمستمع أضحى مُبرمِجاً وقائداً لعملية النشاط الإنساني، فهو ثمرة من ثمار علوم إنسانية مترابطة أدت إلى تطور المفهوم البرامجي من أحادي إلى تشاركي.

“في زمن الحرب عليك سماع إذاعة بلدك”.
أكيد إن الخارطة البرامجية لإذاعة أم درمان قبل الحرب لابد أن تختلف بعد نهاية الحرب، لما أفرزته هذه الحرب اللعينة من إفرازات وسلوكيات إجتماعية لا تشبه أهلنا المستمعين ( سرقات، نهب، إحتلال بيوت، إعتداء علي الحرمات والمال العام وجميع الخدمات من قبل حركة التمرد).

نحن في حاجة إلى إدارة الخارطة البرامجية بما يعرف بإعلام الأزمة، من وجهة نظر ثقافية تعلي من شأن قيمة الإنسان السوداني وإبراز وتأكيد علي القيم الفاضلة والنبيلة التي يتمتع بها من إرث ثقافي إنساني تليد.

بداية لابد لنا من أن نتفق أولاً على طبيعة الأزمة التي أفرزتها الحرب، هل هي سياسية أم ثقافية أم إجتماعية أم إقتصادية أم ماذا ؟
أعتقد أنها أزمة ثقافية إجتماعية لها علاقة بحركة المجتمع والإنسان اليومية ..
عليه نقترح الآتي:

١/ عمل استطلاع يشارك فيه المستمعون لإبداء آرائهم في الخارطة البرامجية وما تم بثه  من برامج في زمن الحرب ومدي أثرها علي المتلقي.

٢/ انتهاج منهج علمي يستند علي التخطيط البرامجي السليم.

٣/إشراك ذوي الإختصاص من برامجيين ومهندسين وخبراء إعلام ممن لهم دور معلوم في مجال العمل الإذاعي.

٤/ الاستفادة من علماء النفس والاجتماع بجانب الفلسفة والمختصين في علم الثقافة المجتمعية.

٥/ التفعيل والاستفادة من موقع الإذاعة عبر الإنترنت وإنشاء عدد من الاذاعات تخدم المستمع في شتى مجالات المعرفة الانسانية (أسرة وطفل، موسيقي، دراما، بنيات تحتية تشمل طرق ثروات معدنية إذاعات ثقافية خاصة بالتراث الآثار وكل مايمكن أن يخدم المستمع السوداني داخلياً وخارجيا خاصة شباب المهجر).

ختاماً أتمني أن تعي إدارة إذاعة أم درمان دورها المجتمعي الكبير بعد نهاية الحرب بحوله تعالي في التبشير بالتنمية البشرية والخدمات التي تصب في صالح المواطن السوداني.

ملحوظه:
في زمن الحرب عليك سماع إذاعة بلدك
هذه الجملة وردت في حوار خاص مع عالم النفس المصري الدكتور يحي الرخاوي علي قناة الحياة أمس تحدث فيه عن الحرب النفسية وأكد نصيحة عالم النفس السوداني بروفسور التجاني الماحي إبان حرب 1967.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى