تقارير

تباين ردود الفعل حول بيان مجلس السلم والأمن الأفريقي تجاه السودان

القاهرة – المحقق – صباح موسى

تشهد القضية السودانية حراكاً ملحوظاً على المستويين الإقليمي والدولي، وربما هذه المرة يتجه هذا الحراك لصالح الدولة السودانية، ضد التمرد الذي ارتكب من الفظائع وجرائم الحرب التي لا يمكن أن ينكرها أحد، في وقت تواصل فيه مليشيا الدعم السريع المزيد من الأكاذيب والانتهاكات، ويحاول الاتحاد الأفريقي عن طريق آلياته في مجلس السلم والأمن الأفريقي، بالإضافة إلى الإيغاد إعادة القضية إلى البيت الأفريقي، لكن هذه المرة بطريقة مختلفة.

بيان المجلس

وطلب مجلس السلم والأمن الأفريقي في بيان أصدره أمس “الإثنين”، من رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي إعادة فتح مكتب الاتصال التابع للاتحاد الإفريقي في مدينة بورتسودان، المقر الحالي للحكومة السودانية، ورحب باستعداد رئيس مجلس السيادة الانتقالي لتشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية، وشدد البيان على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية، وأدان العنف والاشتباكات والكارثة الإنسانية غير المسبوقة في دارفور، كما طالب برفع الحصار عن مدينة الفاشر بشكل عاجل وضمان وصول المساعدات الإنسانية، وحث البيان الأطراف المتحاربة على وقف إطلاق النار وتنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها في إعلان جدة فيما يتعلق بوصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين والانسحاب من المنازل والمباني المدنية.

الحكومة ترحب

الحكومة السودانية من جانبها، رحبت ببيان المجلس وما تضمنه من توجهات إيجابية ومقترحات بناءة، وعبرت  الحكومة  عبر بيان أصدرته وزارة الخارجية اليوم “الثلاثاء” عن اتفاقها مع الأولويات التي حددها بيان المجلس، خاصة التنفيذ الكامل لإعلان جدة، وإخلاء منازل المواطنين، وتيسير تقديم المساعدات الإنسانية، ومطالبته لمليشيا الدعم السريع بالرفع الفوري للحصار عن الفاشر  فضلاً عن ادانته للفظائع التي ترتكبها المليشيا ضد المدنيين، كما ثمنت الحكومة ترحيب المجلس بخارطة الطريق التي قدمها السودان لحل الأزمة، وقرار المجلس بمواصلة وترقية انخراط الاتحاد الأفريقي الإيجابي مع السودان، وإعادة فتح مكتبه ببورتسودان.

وأشادت  الحكومة بدعوة المجلس  لكل مؤسسات الإتحاد الأفريقي بمضاعفة المساعدات للسودان، و جددت الحكومة التزامها الكامل بالانخراط البناء مع الاتحاد الأفريقي، المنظمة القارية الأم، باعتباره أحد مؤسسي ورواد العمل الأفريقي المشترك والبلد الذي يمثل أفريقيا المصغرة، و عبرت  عن شكرها  لأعضاء مجلس السلم والأمن لزيارتهم للسودان في الثالث من هذا الشهرالجاري، ونتائج الزيارة التي تجسد العائد الإيجابي للتواصل المباشر والصريح بين المنظمة القارية والدول الأعضاء في إطار مبدأ الحلول الافريقية للمشاكل الإفريقية.

العودة للإيغاد

في الوقت نفسه تسلم رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رسالة خطية من الرئيس الجيبوتي، إسماعيل عمر جيله، تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعمها وترقيتها وبحث عودة السودان لمنظمة إيغاد، وذلك خلال لقائه بمبعوث الرئيس الجيبوتي ووزير الخارجية محمود علي يوسف، بحضور وزير الخارجية السوداني حسين عوض.

Oplus_0

قيد الدراسة

وكشف وزير خارجية السودان، أن اللقاء الذى جرى الاثنين، تطرق للعلاقات الثنائية بين البلدين، مبيناً أن اللقاء تناول أيضاً إمكانية عودة السودان لمنظمة الإيغاد، مضيفاً أنه قد دار نقاش طويل حول رؤية منظمة الإيغاد تجاه ما يجري من أحداث فى السودان، مبيناً أنه يجب الفصل بين علاقة السودان بجيبوتي وعلاقته بالمنظمة، وقال إن الرئيس الجيبوتي أبدى في رسالته إمكانية عودة السودان للإيغاد، مؤكداً أن دول الإيغاد قادرة على تجاوز الصعاب، وقد اتفق الجانبان على أن يخضعا المسألة للدراسة

رئاسة مصر

وكان الإتحاد الأفريقي قد جمد عضوية السودان بناءاً على توصية من مجلس السلم والأمن الأفريقي نفسه، ويأتي بيان المجلس بالأمس كرد فعل لزيارة وفده الناجحة برئاسة مصر لبورتسودان بدايات الشهر، ويبدو أن رئاسة مصر للمجلس هذا الشهر قد أعادت الأمور إلى نصابها، بالتعامل الإيجابي مع القضية السودانية، كما توقع وزير الخارجية السوداني حسين عوض في حوار سابق لـ ” المحقق” ابان الزيارة للقاهرة.

إضفاء شرعية

وتباينت ردود الفعل السودانية حول بيان المجلس، ففي الوقت الذي رحبت فيه الحكومة بالبيان، انتقدته أطراف سياسية سودانية أخرى، وقال بكري الجاك، المتحدث باسم تنسيقية القوى المدنية “تقدم” في تصريحات صحفية إن بيان مجلس السلم خرج عن الحيادية ومنح القوات المسلحة اليد العليا في أي ترتيبات سياسية، مضيفا أن هذه محاولة لتطبيع سلطة بورتسودان كسلطة لها حق التصرف المطلق على النقيض من تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان، وتابع في ظل التركيبة الحالية للمجلس ليس من المستغرب محاولة إضفاء شرعية على سلطة الأمر الواقع، وقال من المتوقع أن يتم تصوير هذه الخطوة لمساعدة الاتحاد الإفريقي لتكون له قدرة على التواصل مع طيف عريض من السودانيين لمعرفة ماذا يريدون، لكن الحقيقة أن أي وجود للاتحاد الإفريقي فى بورتسودان سيكون فقط لسماع رواية سلطة الأمر الواقع.

تغيير موقف

وفي حوار سابق لعضو مجلس السيادة الفريق إبراهيم جابر مساعد القائد العام للقوات المسلحة لـ ” المحقق” أوضح أن اتهام حميدتي مصر بالدخول في الحرب في السودان، هو ابتزاز الإقليم بالفوضى، وقال لأن هناك متغيرات وتقاطعات في المشهد الإقليمي، حميدتي ومن معه  بكل خفة عقل يريدون الاستثمار في هذه التقاطعات، والتأثير على هذه المتغيرات التي تنشط فيها مصر، سواء لجهة ابتدارها  المؤتمر المثمر لدول الجوار، أو لقطع الطريق على  مشاركتها الناجحة إلى جانب الولايات المتحدة إن كان في جنيف أو القاهرة أو بعد تسلمها رئاسة مجلس السلم والأمن الأفريقي، الذي بدأ مراجعة موقفه، مؤكدا أنه بالضرورة سيقود ذلك إلى تغيير موقف الإتحاد الأفريقي بعد أن أصبح التمرد فعليا مهددا للسلامة والأمن الأفريقي.

معطيات جديدة

من جهته أوضح رئيس تحرير صحيفة التيار عثمان ميرغني أن هناك تفاهمات قد تمت في زيارة وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي الأخيرة لبورتسودان، وقال ميرغني لـ ” المحقق” إن تحول رئاسة المجلس لمصر أيضا له أثر في ذلك، لافتا إلى أن هناك معطيات جديدة بدعوة الإيغاد لعودة السودان للمنظمة، وإلى التنسيق الدائم بين المجلس والإيغاد. وقال يبدو أن عودة السودان للإتحاد الأفريقي ترتبط بتكوين حكومة، ويبدو أن هناك استجابة من الجانب السوداني حول هذا الأمر، مضيفا باعتبار أن حل مشكلة الحرب في السودان تأتي بعد رفع تجميد عضوية السودان في الإتحاد.

نقطة بداية

وحول حديث تقدم بأن بيان المجلس يعطي الشرعية لحكومة بورتسودان. قال ميرغني إن شرعية السلطة الحالية موجودة، وإن البرهان ذهب إلى الجمعية العام للأمم المتحدة 3 مرات بعد اجراءات 25 أكتوبر، وتم التعامل معه باعتباره رئيسا للبلاد، مؤكدا أنه ليس هناك تشكيك في هذا الأمر، وقال من الحكمة أن يكون هناك تعامل طبيعي مع السودان حتى يمكن حل الأزمة، مضيفا يجب ألا تؤثر الخلافات الداخلية على وضع السودان الأفريقي والدولي، لافتا إلى أن هذا هو الطريق الأفضل لحل الأزمة، وقال لابد أن تكون هناك نقطة بداية، بوجود حكومة شرعية معترف بها، يتم التعامل معها، وتابع لكن ترك السودان في فراغ والتعامل مع ذلك يعقد المسألة أكثر، موضحا أن مصر لعبت أدوارا كبيرة خلف الكواليس لإعادة السودان على المستوى الأفريقي والدولي، وأنها عززت الوضع الشرعي للبلاد أمام المجتمع الدولي في العلاقات الثنائية والمتعددة، وقال إن مصر تملك الثقل الدولي الذي يمكنها من التأثير على تطبيع علاقات السودان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى