ملفات

الذاكرة السودانية .. تجربة تأميم الصحافة السودانية أغسطس 1970 (2 ـ 2)

محمد الشيخ حسين

تناول الجزء الأول من هذا الملف أحوال الصحافة والسياسة في السودان منذ فجر الصحافة وظهور الأحزاب. وتوقف الملف عند الظروف التي أدت إلى وصول سلطة 25 مايو 1969 الى سدة الحكم، وقصة علاقتها مع الصحافة والآراء والخلافات والإحن والضغائن في تلك العلاقة.

وفي ظلال تلك الآراء أصدر “مجلس قيادة الثورة” قراراً في 26/8/1970م بتأميم الصحف ووكالات الأنباء، ووصف القرار بأنه قد صدر حماية للثورة استناداً إلى المادة التاسعة من الأمر الجمهوري رقم (2) وليس استناداً إلى قانون تأميم الشركات أو قانون الاستيلاء.

ردود الفعل

وصف عبد الرحمن مختار صاحب ورئيس تحرير جريدة الصحافة قرار التأميم بانتهاء رحلة الأحزان له مع مايو وقال  (كان نميري في تلك الفترة تتقاذفه عواطفه الخاصة وعواصف الخلافات والمعسكرات ومراكز القوى، وبضغط مستمر من مستشاره الإعلامي،  وفي غفلة من زملائه أعضاء مجلس قيادة الثورة أعلن نممیري  تأمیم الصحف في أرخص بیان يذيعه رأس دولة محترم فقد اتهم جميع الصحفيين والصحافة السودانية منذ نشأتها بالهمالة والحقارة والتجسس وأنها كانت تقبض الثمن عن الافتتاحية والمقال والتعليق والخبر).

وأكد إسماعيل العتباني صاحب ورئيس تحرير جريدة *الرأي العام*  في لقاء تلفزيوني أن خطاب التأمیم احتوى كل التهم السابقة.

أما بشیر محمد سعید أحد ملاك صحيفة *الأيام* فقد أورد في مقابلة صحفية أجرتها معه مجلة اليمامة السعودية بقوله (لست سعيداً بتأميم الصحف).

وتتابعت  ردود الفعل، لكن سلطة مايو أوضحت في بيان أصدره فاروق عثمان حمد الله وزير الداخلية أن التأميم لم يقصد به عقوبة أصحاب الصحف وإنما إجراء اقتضته ظروف التحول الاشتراكي مع إشادة بالدور التاريخي لأصحاب الصحف والصحفيين في السودان، واعتذر عن ما جاء في خطاب نميري واصفاً له بأنه (خطأ غير مقصود).

ويعزى عبد الرحمن مختار أن عملية تضميد الجراح الذي قام به وزير الداخلية، (تم نتيجة لاتصال هاتفي أجراه معه). لكن محجوب محمد صالح رئيس المؤسسة العامة للطباعة والنشر وهي الجهة التي نفذت إجراءات التأميم وترأس محجوب لجنة التأميم قال لي إن البيان الذي أصدره وزير الداخلية قد جاء نتيجة لاتصال هاتفي له مع الرئيس نميري.

وأكد المحرران في جريدة الصحافة شیخ إدريس بركات وطلحة الشفيع أن ثمة أمراً كان يدبر للصحف وذكرا أنهما طلبا من عبد الرحمن مختار زيادة مرتبات العاملين حتى إذا ما تم التأميم أو المصادرة كانوا في وضع أحسن، ولكنه لم يستجب لطلبهما وأعتبر أن الأمر أضغاث أحلام.

ومن ناحية منطقية كان لابد من صدور مثل هذا القرار بحسبان أن حجم التغيير الذي تنشده سلطة مايو وتدعو إليه في تلك الفترة كان يتطلب مثل هذا القرار إضافة إلى أن الشعارات الثورية والاشتراكية ترفض صدور صحافة خاصة.

عملية التأميم

بدأت عملية التأميم باجتماع  بين أصحاب الصحف القومية ووزير الارشاد القومي عمر الحاج موسى في 15/9/1970م. وقد أوضح الوزير أن قرار التأميم لم يكن عقوبة عليهم وإنما هو إجراء اقتضته ظروف التحول الاشتراكي وأن الغرض الأساسي منه هو تحویل ملكية الصحف وهو لا يشمل المطابع التجارية؟

وعلى ضوء هذا الفهم استبعدت الأقسام التجارية من التأميم وأن التعويض على ضوء روح القرار وهي مساعدة أصحاب الصحف وتقديم التسهيلات لهم ودفع التعويضات في أسرع وقت ممكن.

وبهذه الروح تقرر أن يتم تقييم الماكينات التي تؤمم بقيمتها في السوق، وأن تتولى هذا التقييم لجنة مكونة من السادة:

ممثل النائب العام

المراجع العام

مدير الطباعة بالمؤسسة العامة للصحافة والنشر

المطبعة الحكومية

السيد/ محمد أحمد السلمابی

صاحب المطبعة أو ممثله.

وعهد إلى هذه اللجنة التي شكلها قرار وزير العدل بعد أن تطعم بعناصر متخصصة بتقييم المباني والأثاثات.

كما تم الاتفاق على تكوين لجنة من المؤسسة ورئيس الغرفة التجارية وأعضاء آخرين لتقييم الأضرار الناتجة عن فقدان العمل التجاري الناجح. وسار العمل في تقدير التعويضات لأصحاب الصحف المؤممة بعد ذلك الاجتماع على ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى

قامت اللجنة الأولى بتقييم الممتلكات التي آلت إلى الدولة نتيجة التأميم وقامت اللجنة الثانية في ضوء تقرير اللجنة الأولى بتقييم الأضرار الناتجة عن فقدان العمل التجاري الناجح.

وتبين للجنة الأولى أن الصحف التي لديها ممتلكات هي أربع صحف: الأيام، السودان الجديد، الصحافة، والرأي العام. وقد قصرت اللجنة مهمتها على تقييم الممتلكات من ماكينات وعقارات وأثاثات وعربات دون أن تتعرض في تقييمها لما لهذه الصحف من رصيد بالبنوك ومالها وما عليها من ديون.

وقد قيمت اللجنة الماكينات بالقيمة الدفترية مع حساب نسبة 5% استهلاك طبقاً لنظام الضرائب السوداني.

أما الأرض فقد قيمتها اللجنة بالقيمة الأساسية عند الشراء دون زيادة باعتبارها أرضاً ممنوحة بموجب شروط تشجيع الصناعة وليس لصاحبها حق التصرف فيها بالبيع أو الاستفادة منها كعقار.

وقيمت اللجنة الأثاثات والعربات بالقيمة الراهنة وقتها. وكانت تقديرات اللجنة الأولى لممتلكات الصحف الأربعة كالاتي:

تقييم أصول صحيفتي الأيام والصحافة

الأيام

89,250,592 جنيهاً

الصحافة

30,962,250 جنيهاً

وعلى ضوء هذه التقديرات قامت اللجنة الثانية بتقييم الأضرار الناتجة عن فقدان العمل التجاري الناجح. وقد أوصت لكل صاحب صحيفة لديها ممتلكات مرتب ثلاث سنوات زائداً تعويض إضافي له عما فقده من فرق بين متوسط الريح الذي كان يحققه قبل التأميم (متوسط ربع الثلاث سنوات الأخيرة)، وبين الربح المتوقع أن يحققه من استثماراته لما سيحصل عليه من تعويض عن ممتلكاته المؤممة بواقع 10% فائدة استثمار وطبقت القاعدة على الوجه التالي:

إذا كان ربح الأيام قبل التأميم كان 14 ألف جنيه سنوياً ، وأن قيمة ممتلكاتها حسب تقدير اللجنة الأولى كان 90 الف جنيهاً تقريبا.

وعلى هذا الأساس فإن فائدة الاستشمار کربح متوقع أن تحققه الأيام هو 10% من 10 ألف جنيه يساوی 4 ألف جنيه وتجرى العملية الحسابية بعد ذلك كالآتي:

متوسط الربح قبل التأميم

= 14,000 جنيهاً

الربح المتوقع

= 9,000 جنيهاً

مبلغ االفرق

= 5000 جنيهاً

الأيام

فائدة استثمار

15,000,000 جنيهاً

تعويضات مرتبات

16,200,000 جنيهاً

الصحافة

فائدة استثمار

0,390,000 جنيهاً

تعويضات مرتبات

9,540,000 جنيهاً

الرأي العام

فائدة استثمار

4,719,000 جنيهاً

تعويضات مرتبات

9,000,000 جنيهاً

السودان الجديد

فائدة استثمار

لا شيء[1]

تعویض شخصي للورثة

ويمنح الورثة معاشاً إستثنائياً

ما أن فرغت اللجنتان من حصر وتقييم ممتلكات الصحف ووكالات الأنباء المؤممة  حتى قام محجوب محمد صالح رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للطباعة والنشر بإرسال خطاب إلى وزير الإرشاد القومي يوضح فيه ما قامت به اللجنتان  و مستعرضاً بعض بنود الاجتماع  وخلص إلى توصية هامة.

تظهر أرقام التقييم في صورتها النهائية موقفاً مالياً سيئاً بالنسبة لأصحاب الصحف وأن عدداً كبيراً منهم تفوق إلتزاماتهم قيمة ممتلكاتهم أو تقاربها ولذا ترجو المؤسسة من “مجلس قيادة الثورة” أن يتخذ الإجراءات القانونية ما يمكن المسؤولين من النظر في كل حالة على حدة وتقدير التعويض المناسب بحيث لا يصاب أحد بخسارة نتيجة التأميم.

المرحلة الأولى:

على الرغم من الطريقة العادلة التي تعاملت بها اللجنتان وتوصية المؤسسة التي تسير في نفس الاتجاه تقدم أصحاب صحف الأيام، السودان الجديد، والرأي العام، بإستئنافات عندما أطلعوا على تقديرات اللجنة الأولى.

وأستأنف إسماعيل العتبانی  صاحب الرأي العام مقدراً موجوداته بمبلغ 28,412,737 جنيهاً بدلاً من 17,885,393 کما قدرت اللجنة.

وكان إسماعيل العتباني قد أرسل خطاباً سابقاً  طالب فيه بمنحه المجموعة الكاملة من الرأي العام في حالة عدم الموافقة فإنه يطلب تعويضاً قدره 10,000 جنيهاً.

واعترض ورثة أحمد يوسف هاشم  صاحب السودان الجديد على تقدير ممتلكاتهم بالقيمة الدفترية وطالبوا بإعادة النظر في التقديرات تحاشياً لما يمكن أن يقع عليهم من ظلم.

واحتوى استئناف بشیر محمد سعيد  عن أصحاب الأيام على نفس اعتراض ورثة أحمد يوسف هاشم وأضافوا أنه لو أتيحت لهم الفرصة في أن یبیعوا هذه الماكينات والمعدات في السوق لحصلوا على سعر أعلى من التقدير.

كما تضرر أصحاب الأيام من أن اللجنة لم تجر تقييمها لمكتبة الأيام بالخرطوم بحري ومحتوياتها من كتب ووثائق نادرة ومجلدات للصحيفة لا تقدر بثمن.

بعد أن تم تقديم الاستئنافات السابقة اجتمعت اللجنة الأولي للرد على ما أثاره أصحاب الصحف وأوضحته اللجنة  في ردها إنها لم تأخذ في اعتبارها القيمة الحالية للممتلكات حسب تقديرات الفنيين بعد معاينتها، لأن القيمة الحالية في معظم الحالات كانت أقل من القيمة الدفترية وحول ما أثير عن سعر السوق، فقد كان رأي اللجنة أنه لا يمكن تحديد سعر السوق إلا باجراء مزاد علني بالفعل حيث تحدد القيمة بوجود المشترين وليس لها سوق حالياً . وكذلك أضافت اللجنة ما سقط في قوائم تقديرها كما أوصت اللجنة بتسليم إسماعيل العتبانی مجموعة الرأي العام. وعلى الرغم من أن عبد الرحمن مختار   صاحب الصحافة لم يعترض أو يعلق فإن اللجنة أعادت مراجعة تقديراتها له ووجدتها مطابقة للأسس التي قيمت بها بقية الصحف.

المرحلة الثانية:

أكملت اللجنتان توصياتها بعد الرد على الاستئنافات ورفعت التقديرات إلى مجلس قيادة الثورة الذي أصدر قراراً في 27/4/1971م ونصه : “أن يقوم الجهاز المركزي للرقابة العامة بالنظر في توصيات اللجنتين اللتين كونهما وزير الإرشاد القومي ودفع التعويضات المعقولة لأصحاب الصحف المؤممة بعد دراسة كل حالة على حدة واضعاً في الإعتبار کل الظروف المحيطة بالاشخاص المعنيين”. وقد صدر القرار بروح توصية المؤسسة العامة للطباعة والنشر.

وبناء على هذا التكليف قام الجهاز المركزي للرقابة العامة بحصر ما لهذه الصحف وما عليها من رصيد وأصول بالبنوك وقام بتسوية مبالغ الضرائب المستحقة على صحيفتي الأيام والسودان الجديد وقد خفضت ضرائب الأيام بمبلغ 7,009,520  وضرائب السودان الجديد بمبلغ 111462.310.

وأفاد تقرير الرقيب العام  أن مبلغ التعويضات الشخصية للأيام هو 16,740,000 وليس 16,200,000، كما أفاد أن الرأي العام مديونة بمبلغ 5,335,104 وأن السودان الجديد مديونة بمبلغ 10,467,742  وأوصي بأن يعفی ورثة السودان الجديد من هذه الديون وأن يمنحوا 15 ألف جنيه واعترض على فائدة الأستثمار للرأي العام على أساس أنه من غير المعقول أن تمنح الصحيفة فائدة استثمار في الوقت الذي كشفت فيه حساباتها أنها مدينة، ومع ذلك أوصى له الرقيب بمبلغ 9,000 جنيه كتعويض شخصی متعللاً بزواجه المتأخر والأطفال الصغار الذين رزق بهم علی كبر.

كما خفض الرقيب تعويض عبد الرحمن مختار إلي 25,000 جنيهاً بدلاً من 44,279,856 جنيهاً على زعم أن وضعه المالي حسن والتزاماته المالية محدودة للغاية. وكان الموقف النهائي للصحف الأربعة بعد دراسة كل حالة على حده بواسطة الرقيب العام كالأتي:

تقديرات فائدة الاستثمار للصحف الأربعة المؤممة

الأيام

83,379,207 جنيهاً

الصحافة

25,000,000 جنيهاً

الراي العام[2]

11,484,286 جنيهاً

السودان الجديد[3]

5,000,000 جنيهاً

المرحلة الثالثة:

رفع الرقيب العام الرائد زين العابدين محمد أحمد عبد القادر تقريره وتوصياته السابقة إلى مجلس قيادة الثورة في 24/5/1971 وفي 12/6/1971 أصدر مجلس قيادة الثورة قراراً  بإحالة التقرير إلى وزير العدل لدراسته وإعداد توصيات محددة بشأنه.

وقد أعد بابكر عوض الله وزير العدل توصياته على أن الغرض الأساسي من التأميم ليس عقوبة وإنما هو إجراء اقتضته ظروف التحول الإشتراكي لتحويل ملكية الصحف وأن السيد الرئيس القائد قد وجه بأن يتم التعويض في ضوء روح القرار الصادر بمساعدة أصحاب الصحف وتقديم التسهيلات لهم ودفع التعويضات في أسرع وقت ممكن.

وسجل وزير العدل في تقريره ملاحظتين:

الأولى: أن تقدير ممتلكات الصحف الأربعة بواسطة اللجنة الأولي بالقيمة الدفترية قد جاء في غير صالح أصحاب الصحف.

الثانية: تقييم اللجنة الثانية للأضرار الناتجة عن فقدان العمل التجاري الناجح فإن اللجنة قد بالغت في فائدة الاستثمار والتعويض الشخصی المتعلق بمرتب ثلاث سنوات.

كما تجاوب وزير العدل مع الأسباب الإنسانية التي حدت بالرقيب العام لإعفاء صحيفتي الراي العام والسودان الجديد من الديون ومنحهما تعويضاً آخر كمعيار شخصي للتقييم.

بعد أن أستعرضنا المراحل الثلاث نورد في الجدول الأول التقديرات النهائية للمراحل الثلاث في التأميم ونتناول في الصحف الأربعة والتی حسبت على عدد السنين خدمتهم.

التقديرات النهائية للصحف الأربعة المؤممة الجدول الأول[4]

الصحيفة

توصية اللجنة

الرقيب العام

وزير العدل

الأيام

115,119,207

95,377,625

83,000,000

الصحافة

44,279,856

25,000,000

34,349,856

الرأي العام

11,484,286

11,484,286

11,291,180

السودان الجديد

5,292,000

مع معاش للورثة

5,000,000

مع أعفاء من الدين

5,000,000

تقديرات استحقاقات العاملين الجدول الثاني[5]

الصحيفة

العدد

التحرير[6]

العدد

الإدارة

العدد

العمال

الأيام

5

724,817

9

734,540

32

2,063,529

السودان الجديد

1

230,000

2

72,225

12

3,183,952

بعد دمج الدارين

6

954,817

11

806,765

44

47,481

الصحافة

6

1,199,519

6

673,994

24

1,581,964

الرأي العام

4

571,782

6

5,295,276

24

5,324,556

بعد دمج الدارين

10

1,771,301

12

5,969,270

48

6,906,520

وقد نال ستة من العاملين في الأيام حقوقهم كاملة كما نال أثنان من السودان الجديد.

ملاحظات:

من كل المراحل السابقة نلاحظ أن عملية التأميم قد إكتملت بصورة عادلة مقارنة بالطريقة التي أممت  بها المؤسسات الأخرى آنذاك.

ومن قراءة الرد على إستئنافات أصحاب الصحف يتضح أن رد اللجنة كان واقعياً ولم يظلم  أصحاب الصحف.

وبالرجوع إلى توصية محجوب محمد صالح عن الموقف المالي السيیء للصحف فإنها تضفي مزيداً من التأكيد على الملاحظة السابقة ويعززها أيضاً إشارة عبد الله رجب  في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر نقابة الصحفيین السودانيين: (إن التأميم لم يكن عقوبة على ملاك الصحف المستقلة فقد نال أصحابها تعويضاً مجزيا)..

لم يتأكد لنا عند دفع التعويضات هل عمل بتقدير اللجنة الأولى أو تقرير الرقيب أم دفعت بالاقتراح المحدد من وزير العدل. وقد ذکر عبد الرحمن مختار أنه استلم تعويضاُ قدره 25 ألف جنيه كتقدير الرقيب. وإذا أخذنا بروايته يكون الدفع قد تم بناء على تقديرات الرقيب العام ولكن واقع مذكرة وزير العدل التي كتبها بابكر عوض الله بلغة القاضی تقول إن التعويض تم بناء على توصياته.

والراجح أنها دفعت بناء على توصيات الرقيب العام..

وثمة ملاحظة أخيرة تتمثل في عدم تثبيت الحق الأدبي لأصحاب هذه الصحف بإعتبارهم مؤسسیها.

وبعد أن اكتملت عملية التأميم دمجت كل دارين في دار واحدة كما هو مبين بالجدول الثاني وأضيفت مستحقات العاملين  إلى رأسمال الدارين.

وهكذا تحولت الصحافة لأول مرة في السودان من ملكية الأفراد والأحزاب إلى الملكية العامة تحت إشراف الدولة ورعايتها وبدأت فصلاً جديداً مثيراً في شکل ملكيتها. وتلك مرحلة بدأت في أغسطس 1970 وانتهت في أغسطس 1986، ودعنا نسميها فجر الصحافة القومية في السودان على أن نعود إليها في ملفاتنا يوما ما بإذن الله.

 

المراجع:

1/  قرار مجلس قيادة الثورة في 26/8/1970م بتأميم الصحف ووكالات الأنباء استناداً إلى المادة التاسعة من الأمر الجمهوري رقم (2).

2/  عبد الرحمن مختار خريف الفرح  1985 مؤسس وصاحب جريدة الصحافة.

3/  إسماعيل العتباني صاحب ومؤسس الرأي العام في لقاء تلفزيوني 12/5/1985م أجراها الأستاذ مصطفى محمد الحسن.

4/  مقابلة مع الأستاذ محمد الحسن أحمد صاحب الأضواء ، وقد ذكر أن الرقابة كانت مباشرة وقد قام بها الأخوة الشيوعيون وقد أدت إلى خلق نوع من الضيق لهم.

5/ بشير محمد سعيد أحد مؤسسي وملاك الأيام في حديث لمجلة اليمامة العدد 884 15 جمادي الآخرة 1405هـ.

6/ مقابلة مع الاستاذين شيخ إدريس بركات وطلحة الشفيع المحررين بدار الصحافة في أغسطس 1987. وأضاف طلحة أن المناخ السياسي آنذاك كان يوحي بمثل هذا التصرف.

7/   محضر اجتماع وزير الإرشاد مع أصحاب الصحف المؤممة.

8/ خطاب وزير العدل 7/7/1971م النمرة / و ع/ وزير/ سري/1.

أيام إلى المؤسسة 18/2/1971م.

9/ محضر اجتماع استثنائي للجنة ممتلكات الصحف 24/2/1971.

10/   قال لي محجوب محمد صالح في أغسطس 1987 إن السبب الأساسي هو عدم وجود سوق للمعدات

11/ قرار مجلس قيادة الثورة رقم 447 بتاريخ 27/4/197.

12/  خطاب وزير العدل النمرة / و ع/ وزير/ سري/ 1  7/7/1971.

13/   قرار مجلس قيادة الثورة رقم 515 بتاريخ 12/6/197..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى