رأي

‏قراءة في المشهد الإنتخابي ⁧‫الأمريكي‬⁩ (2-1)

عبد الرحمن عبد الله

‏هيوستن، تكساس

‏ديناميكية الصراع الإنتخابي الأمريكي تجعل من الصعب جدا التنبؤ بنتائج الانتخابات لهذا العام. هناك فكرة سائدة في الوسط السياسي الأمريكي، وهي أن الناخب قد يدلي بتوجهاته مسبقاً لمؤسسات إستطلاع الرأي؛ لكنه عندما يذهب لمركز التصويت ويختلي بنفسه والصندوق فإنه ربما غير رأيه، مصوتاً للطرف الذي يعتقد أنه سيجلب له القدر الأكبر من المصالح، حتى وإن اختلف معه في الكثير من التفاصيل والمبادئ.

هذه الملاحظة ذات درجة عالية من الأهمية، خاصة في الولايات المتأرجحة مثّل ميتشيغان، بنسلفانيا، جورجيا، اريزونا، ووسكانسون. وهي الولايات التي أوصلت ترامب إلى البيت الابيض في إنتخابات 2016، لكنها سرعان ما انقلبت عليه وأرغمته على حزم حقائبه ومغادرة المكتب البيضاوي في إنتخابات 2020.

‏يرى عدد من الباحثين أن الملف الإقتصادي هو أبرز ما يعتمد عليه الناخبون في الولايات المتأرجحة لحسم خياراتهم الإنتخابية. وبشكل عام، فقد استطاع ترامب أن يسوّق فكرة أنه هو الأقدر على تحريك الإقتصاد وجلب فرص العمل. بينما تحاول كاميلا هاريس الطرق على نغمة برامج الرعاية الصحية وفرض الضرائب على الشركات الكبرى. بل أنها حاولت التقرب من الناخب الأسود ومخاطبة القضايا التي تهمه، خاصة في ولاية جورجيا ذات الثقل الأسود. فقد أعلنت عزمها رفع الحظر عن الإستخدام الشخصي للماريجوانا (الحشيش)، وإصدار تشريعات تنظم البيع القانوني لها. وأن هذه الخطوة سوف توفر فرص عمل قانوني لقطاع كبير من الشباب السود !!!!.

‏أغلب الذين ناقشتهم واستطلعت آراءهم (من الديموقراطيين والجمهوريين) يرون أن الخيار في هذه الإنتخابات سيكون بين سيء وأسوأ؛ وأنهم سيصوتون للمرشح الأقل سوءا The less evil choice.
الحزب الديموقراطي راهن على بايدن المثقل بالفضائح والثغرات، وبعد مناظرته الرئاسية مع ترامب لجأ قادته إلى تقديم كاميلا هاريس، والتي لم تجد القبول لدى قطاع عريض من قواعد وقيادات الحزب الديمقراطي. الحزب الجمهوري، لم يكن أفضل حالاً؛ وقد فشل بامتياز في إدارة خلافاته حول مرشح الحزب. بدى ذلك واضحاً من عدم اعتراف ترامب بالمرشحين الجمهوريين اللذين نافسوه على البطاقة الانتخابية. لم يكتف ترامب بمقاطعة المناظرات للمرشحين الجمهوريين، بل ذهب أبعد من ذلك بهجومه الشرس على منافسته نيكي هيلي.

‏من أهم الملاحظات حول انتخابات 2024، هو أن عدداً من دهاقنة الحزبين تمردوا على مرشح حزبهم، حتى أن بعضهم أعلن تأييده لمرشح الحزب الآخر. ففي أوساط الحزب الديمقراطي، لم يكتف كل من جي-اف-كي كيندي و تولسي قابارد بمعارضة ترشح كاميلا هاريس، بل أعلنوا استقالتهم من الحزب ودعم حملة ترامب الإنتخابية. في المقابل، لم يتحمل عدد من وجهاء الحزب الجمهوري الفضائح الشخصية والطريقة السمجة لمرشح حزبهم، فقرروا مقاطعة حملة ترامب الإنتخابية. من بين هؤلاء نائب ترامب السابق مايك بينيس وميت رومني وديك شيني بل وحتى جورج بوش الإبن.

‏على صعيد آخر، يرى الكثيرون أن كاميلا في حال فوزها لن تكون هي الحاكم الفعلي للبلاد، ليس لضعفها وقلة خبرتها فقط، بل لأنها ستجد نفسها ممتنة ومثقلة بالفواتير للشخصيات القوية التي دعمت ترشيحها في أوساط الحزب من أمثال أوباما وهيلاري كلينتون. وليس يغيب على المتابع الحصيف، الدور الكبير الذي لعبه أوباما في إقناع بايدن بالتنازل، واستبداله بكاميلا هاريس. “وهذا ما يجعله مؤهلاً لإدارة بعض الملفات الساخنة، بل وقيادة حكومة الظل”، كما يقول بعض المراقبين.

‏يرى كاتب هذا المقال، أنه على الرغم من التقارب الكبير في حظوظ المرشحين، إلا أنه من المرجح عودة ترامب إلى البيت الأبيض، فمقاطعة الجالية المسلمة للحزب الديمقراطي (بسبب المواقف الضعيفة للرئيس بايدن تجاه ما يحدث في غزة)، وفشل كاميلا في استمالة الناخب الأسود، إضافة إلى عدم الإستقرار الإقتصادي، كل هذه العوامل ستفيد ترامب كثيراً؛ خاصة في الولايات المتذبذبة. فهل ينجح ترامب في كسب ودها كما فعل في انتخابات 2016.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى