
قازان – المحقق – وكالات
اختتمت مجموعة البريكس اجتماعات قمتها التي استمرت ثلاثة أيام في مدينة قازان الروسية، وأكد رؤساء دول المجموعة “دعمهم لنظام تجاري متعدد الأطراف قائم على قواعد واضحة ومفتوح وشفاف وعادل”.
و أكد البيان الختامي الصادر (الخميس) أن دول البريكس أعادت التأكيد على التزامها بتعزيز التعددية وضمان التنمية والأمن العالميين العادلين.
وجرى اعتماد الإعلان خلال قمة البريكس السادسة عشرة التي عقدت في الفترة من 22 إلى 24 أكتوبر الجاري بمشاركة زعماء كل من البرازيل والصين ومصر وإثيوبيا والهند وإيران وروسيا وجنوب إفريقيا والإمارات العربية المتحدة لأول مرة منذ دعوة الأعضاء الجدد للانضمام إلى البريكس خلال قمة البريكس في جوهانسبرج في جنوب افريقيا في أغسطس 2023.
وقال البيان الختامي للقمة إن الزعماء أكدوا في اجتماعهم في قازان بالاتحاد الروسي، و الذي كان تحت شعار “تعزيز التعددية من أجل التنمية والأمن العالميين العادلين”، على أهمية التعاون بين الأسواق الناشئة والدول النامية لتعزيز النمو العالمي الشامل والمستدام.
وأكد إعلان قازان على الإرادة الجماعية لمجموعة البريكس لتعزيز التعددية وتعزيز السلام وخلق نظام دولي أكثر عدالة. حيث شدد على”إننا نؤكد من جديد التزامنا بالتعددية ونتمسك بالقانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة باعتباره حجر الزاوية”، كما جاء في الإعلان.
وأكد القادة على أن الدول ذات السيادة يجب أن تتعاون للحفاظ على السلام والأمن الدوليين والتنمية المستدامة.
وكان من بين المخاوف الرئيسية التي تناولها البيان الختامي العدد المتزايد من الصراعات العنيفة المنتشرة حاليا في أرجاء العالم والتي تتمخض عنها آثار إقليمية ودولية كبيرة، و دون الإشارة الى الصراع الروسي الأوكراني الجاري، دعا القادة إلى حل النزاعات سلمياً من خلال الدبلوماسية والحوار والوساطة.
كما أعرب إعلان قازان عن “القلق البالغ” للقادة إزاء تصاعد العنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة في غزة وجنوب لبنان. ودعوا إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن والمحتجزين، والسماح بايصال المساعدات الإنسانية للمتاثرين دون عوائق.
وانتقد الزعماء التدابير والعقوبات الأحادية الجانب التي وصفوها بأنها تدابير قسرية أحادية الجانب غير قانونية، بما في ذلك العقوبات الاقتصادية. ووصفت هذه التدابير، التي غالبًا ما تُفرض خارج إطار الأمم المتحدة، بأنها معوقة للاقتصاد العالمي والتجارة الدولية.
وأكد زعماء مجموعة البريكس على الحاجة إلى نظام اقتصادي عالمي عادل وشامل ودعوا إلى إصلاح مؤسسات بريتون وودز، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وإلى زيادة تمثيل الأسواق الناشئة والدول النامية في عمليات صنع القرار العالمية.
وأبرز الإعلان أيضًا أهمية الحفاظ على شبكة أمان مالية عالمية قوية وفعّالة، مع وجود صندوق النقد الدولي القائم على الحصص والممول بشكل كافٍ في جوهره. ودعا زعماء مجموعة البريكس إلى إصلاحات صندوق النقد الدولي لتعزيز تمثيل البلدان النامية وضمان عملية اختيار شاملة قائمة على الجدارة لمناصب القيادة فيه.
وجدد الزعماء رفضهم القيود التجارية الأحادية التي لا تمتثل لقواعد منظمة التجارة العالمية، مشيرين إلى نيتهم في تعزيز الحوار والتعاون بشأن إصلاح النظام المالي الدولي.
و بالإضافة إلى ذلك، أقرت دول مجموعة البريكس بدور بنك التنمية الجديد في تعزيز تنمية البنى التحتية والنمو المستدام في البلدان الأعضاء. وتعهد القادة بتوسيع تمويل بنك التنمية الجديد بالعملة المحلية ودعم آليات التمويل المبتكرة لدفع التنمية في الأسواق الناشئة.
وأكد المجتمعون إدانتهم البينة للإرهاب بكل أشكاله، ووصفوه بأنه تهديد مشترك يتطلب نهجًا متوازنًا وشاملًا. وشددوا على الحاجة إلى اتخاذ تدابير حاسمة لمنع حركة الإرهابيين عبر الحدود وتمويل الإرهاب وغير ذلك من أشكال الدعم.
واختتم زعماء مجموعة البريكس إعلان قازان بالتأكيد على التزامهم بتعزيز الاستقرار العالمي والتنمية الشاملة وإصلاح المؤسسات المتعددة الأطراف لتعكس بشكل أفضل حقائق القرن الحادي والعشرين. ووضع الإعلان رؤية طموحة لنظام عالمي متعدد الأقطاب، حيث تلعب الاقتصادات الناشئة والنامية دورًا أكثر أهمية في تشكيل الحوكمة العالمية والسياسات الاقتصادية.
واختتمت القمة بالتأكيد على الأهمية الاستراتيجية للمجموعة في معالجة التحديات العالمية وتعزيز التعاون بين بلدان الجنوب العالمي.
و أشار الاجتماع إلى أن القمة المقبلة لمجموعة البريكس ستعقد في البرازيل في عام 2025، مع التركيز في جدول أعمالها على تعميق التعاون الاقتصادي والسياسي والثقافي بين الدول الأعضاء.
الا ان القمة و بيانها الختامي ما خلت من تعليقات طريفة و ربما اكثر وضوحا و بعيدا عن لغة البيانات الختامية المقيدة بالقيود الدبلوماسية والصياغات المحايدة اذ نقلت رويتر عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوله و هو يشير إلى نفسه أثناء حديثه خلال الاجتماع الموسع لقمة البريكس في قازان، روسيا، في 23 أكتوبر الجاري قائلا “نؤكد من جديد على قلقنا البالغ إزاء تدهور الوضع والأزمة الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة التصعيد غير المسبوق للعنف في قطاع غزة والضفة الغربية نتيجة للهجوم العسكري الإسرائيلي، والذي أدى إلى قتل وإصابة المدنيين بشكل جماعي، والنزوح القسري والتدمير الواسع النطاق للبنية التحتية المدنية”.
وتنقل عنه قوله “نعرب عن قلقنا إزاء الوضع في جنوب لبنان. ندين خسارة أرواح المدنيين والأضرار الهائلة التي لحقت بالبنية التحتية المدنية نتيجة للهجمات التي شنتها إسرائيل في المناطق السكنية في لبنان وندعو إلى وقف فوري للأعمال العسكرية”.
ومن النقاط المثيرة للاهتمام ما عبر عنه بيان ختام القمة من القلق “بشأن القطط الكبيرة” إذ أكد البيان أنه “بينما نقدر جهود بلداننا للحفاظ على الأنواع النادرة ونلاحظ الضعف الشديد للقطط الكبيرة، فإننا نلاحظ مبادرة جمهورية الهند لإنشاء تحالف دولي للقطط الكبيرة ونشجع دول البريكس على العمل معًا لتقديم المزيد من المساهمات في الحفاظ على القطط الكبيرة”. اشار الى السنوريات والفهود والنمور الجاغوار وغيرها مما هو مهدد بالانقراض في مواطنها الاصلية.
يشار إلى أن هذا التجمع قطع شوطًا طويلاً منذ قيام فكرته في عام 2001، وهو يمثل الاقتصادات الناشئة الأكبر حجماً بحوالي 25.9% من مساحة الأرض في العالم، و43% من السكان، و17% من التجارة العالمية. كما تمثل هذه المجموعة ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي من حيث القوة الشرائية.