موقع القارة الأفريقية من نتائج الإنتخابات الأمريكية
المحقق – محمد عثمان آدم
إلى عهد قريب ما كانت الانتخابات الأمريكية تهتم بشأن القارة الأفريقية إذ أنها لا تحدد أي من مآلاتها ومخرجاتها باستثناء العهد الذي كان فيه مانديلا في سجون البيض أو حينما كانت الحرب العربية الإسرائيلية مستعرة واصطفاف القارة إلى جانب القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة القائمة بذاتها.
واستمر هذا الوضع إلى أن تم توقيع اتفاقيات كامب ديفيد و أصبح أهل الحق يريدون التطبيع، وفقدت القضية هويتها العربية و الإسلامية لدي دول القارة الأفريقية المسلمة منها.
فقد كان الناخبون من ذوي الأصول الأفريقية قوة تصويت نامية تؤخذ في الاعتبار حتي أن القس جيسي جاكسون تجاسر للترشح وهو من مناصري مانديلا، و تبعه آخرون فتح هو لهم الطريق فأصبحنا واذا بكولن باول وزيراً رئيساً لهيئة الأركان المشتركة ووزيراً للخارجية وإذا كونداليزا رايز تقود خارجيتها و إذا الأمر يرقى حتى صار باراك أوباما رئيساً وإن كان عهده عهد جعجعة دون طحن للقارة عموماُ.
اما ما يطلق عليهم الواسبس White Anglo-Saxon Protestants أي الأمريكان البيض الأنجلو ساكسون المسيحيين فقد يتعاظم اهتمامهم حال تعرض جنود أمريكيين للإذلال في الصومال و شواطي البحر الأحمر وتعاظم غضب الناخبين داخلياً أما غير ذلك فالأمر مرتبط بتقليم أظافر بوكو حرام و الدولة الاسلامية في عموم الشمال و الغرب الأفريقي و الشرق، أما الجنوب الأفريقي فهو حزام يقف عند كينيا التي تستضيف أكبر التجمعات الأممية و الأمريكية في القارة و ربما لا تفوقها في الوجود الأمني الدبلوماسي إلا جنوب أفريقيا.
ولذلك استقر الأمر أن ترفع أمريكا و تخفض من مساعداتها الإنسانية وفق الكوارث التي تلم بالقارة ، و ما أكثرها، و لكن هذه لا تؤثر كثيراً في مجري الانتخابات و إن كان نتاج الانتخابات يؤثر في القارة دون شك.
فقد نشر موقع صوت أميركا – وهي الإذاعة و الموقع الذي يبث في كل مكان باستثناء أمريكا نفسها إذ أنه يعتبر إعلاماً حكومياً و بالتالي لا مكان له داخل أمريكا رغم أنه يمول من أموال دافع الضرائب الأمريكي عكس البي بي سي التي يمولها دافع الضرائب دون شك و لكنها تبث داخلا و خارجاً – نشر تقريراً حول كيف يمكن لنتائج الانتخابات الأمريكية إعادة تشكيل مستقبل أفريقيا.
أشار التقرير إلى أن محللين عبروا عن اعتقادهم بأن انتخاب الرئيس الأمريكي القادم، سواء الرئيس السابق دونالد ترامب أو نائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس، من المرجح أن يكون له تأثيرات على الاقتصادات الأخرى والصراعات الخارجية والحريات الشخصية حول العالم و القارة الأفريقية دون شك.
و نقلت الإذاعة عن المحللة السياسية المستقلة من جنوب إفريقيا أساندا نجوشينج قولها إن الفائز يمكن أن يبشر بسياسات تؤثر على عامة الناس في القارة الأفريقية بالنظر إلى سياسة ترامب و التي يؤكد فيها شعاره : “أمريكا أولاً”، ويعتقد المحللون أن هاريس وترامب سيختلفان بشأن التجارة أيضًا. هناك أمل في أن تجدد الولايات المتحدة قانون النمو والفرصة في أفريقيا، والذي يمنح الدول الأفريقية إمكانية الوصول إلى السوق الأمريكية بدون رسوم جمركية.
كانت قضية الإجهاض قضية مثيرة للانقسام بشكل خاص، حيث خفض ترامب خلال رئاسته التمويل الأمريكي لبرامج الصحة الإنجابية العالمية وجاء بسياسة تحظر المساعدات الأمريكية للمجموعات التي تدعم الإجهاض.
يعتقد الخبراء أن رئاسة ترامب الثانية، في حال فوزه، من المرجح أن يجدد ذات السياسات مرة أخرى وقد تؤثر سلبًا على برنامج PEPFAR، وهو برنامج فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز الرئيس في الولايات المتحدة.
وقال محللون آخرون إنهم يعتقدون أن السياسة العامة للولايات المتحدة تجاه أفريقيا لن تختلف جذريا بغض النظر عن الفائز. وقالوا إن أفريقيا كانت مهملة في كثير من الأحيان في السياسة الخارجية الأميركية، لكن تغيراً كبيراً قد طرأ الآن مرده إلى التنافس المحموم و المتجدد مع روسيا والصين حول القارة الغنية بالموارد ، فقد كانت أمريكا إلى عصر قريب تأخذ القار باعتبارها كماً مضموناً في عبها taken for granted أي أمر مسلم به أما الآن و قد شمرت كل من روسيا و الصين سواعدهما و كشرت بالجانب الآخر دول أفريقية عن أنيابها تجاه دول القارة الأوروبية المستعمرة القديمة فقد أصبح الاهتمام الأمريكي يتعدى حتي أمر الانتخابات و بالتالي فالتأثير قائم سواء فازت كمالا أو عاد ترامب الي مقعده القديم