إخلاء بالقوة الجبرية

لواء شرطة م د. نجم الدين عبد الرحيم
المشهد الذى تم رصده لقوات المليشيا المتمردة و هم يهربون راجلين من غير هدى عبر خزان جبل اولياء خائفين مذعورين من بأس أفراد الجيش و مناصريه من جهاز الأمن و الاحتياطي المركزي و المستنفرين و كتائب الإسناد ، يحدقون فى السماء رعباً و خوفاً من أن تفتك بهم أو تقطع أوصالهم الطائرات المقاتلة و المسيرات ، لا شاحنات تقلهم إلى مقصدهم و لا سيارات منهوبة تنقلهم فى رحلتهم إلى المجهول ، لا زاد يسد جوعهم ، و لا ماء يروي ظمأهم .. يدرك أن المليشيا أخلت مجبرة مواقعها فى وسط الخرطوم التي ظلت تحتفظ بها منذ بداية الحرب فى أبريل 2023 و لمدة عامين كاملين بكل مؤسساتها الهامة بداية من رمز سيادتها القصر الجمهوري و كل مباني الوزارات الإتحادية.
لقد ضاقت عليهم الأرض بما رحبت فلا مخرج إلا عبر ممر واحد تحف به المخاطر من كل إتجاه ، و لا وقت و لا سبيل لحمل الزاد و الماء، فقد أصبحوا يحسبون اليوم كأنه ساعة، و لا بديل غير الهروب إلا “العريد” كما يقولون هم .
إنه الإخلاء بالقوة الجبرية مهما حاول المستشارون التبرير بأن ذلك انسحاباً تكتيكياً لإعادة التموضع ، أو اجتهد المخذلون فى وضعه فى خانة إتفاق مع الجيش بالانسحاب مقابل التنازل لهم عن الفاشر ، فلن تجدي كل أدوات التجميل في تعديل الصورة البائسة لهذا الهروب الكبير.
كل من شاهد أرتال القوم يهربون حفاة عراة مجردين من أسلحتهم و مركباتهم يوقن أنها الهزيمة النكراء و الساحقة قد لحقت بالمليشيا ، لأنه الإنسحاب من منطقة إلى منطقة أخرى بغرض إعادة التموضع كما إدعى مستشارهم الكذاب الأشر يكون بكامل العدة و العتاد ، لم نر ولم نسمع في تاريخ الحروب إنسحاباً تكتيكياً لقوات تخلف وراءها كل سلاحها الثقيل و الخفيف و سياراتها القتالية و مدرعاتها، ذلك يطلق عليه فى علم الحروب الهزيمة و الإستسلام ثم السماح بالمغادرة ذليلاً و صاغراً ، أو سمه إخلاء بالقوة الجبرية ل قوة عصت و تمردت ثم بغت و لم تترك خياراً غير دحرها و إجبارها على الاستسلام .. إنه الهروب الجبان لقوات تخلت عنها قيادتها فلم نر قائداً في مقدمة هؤلاء الهاربين فقد هرب القادة قبلهم بأيام و أخلوا أسرهم و ذويهم بعد أن أدركوا أن الهزيمة قد وقعت لا محالة .. إنه هروب إلى المجهول بدون قيادة.
أما العملاء و متخصصي التجميل و المكياج الذين ادعوا أن هناك إتفاقاً خلف الأبواب المغلقة و تحت الطاولات مع قيادة الجيش بأن تسحب المليشيا ما تبقى لها من جيوب من الخرطوم مقابل تسليمها مدينة الفاشر ليكونوا حكومتهم فى دارفور فقد أبطل سحره الفريق أول البرهان عندما أعلن ألا تنازل عن شبر واحد من أرض السودان و لن تتوقف الحرب على المليشيا إلا بإستسلام آخر جندى مليشي و هو قول مردود على قائله لأن الحرب زادت شدة فى الفاشر بعد هروب المليشيا من الخرطوم و محيطها فأين الإتفاق؟
نقول ختاماً للمرجفين في المدينة و الذين يكذبون ما ترى أعينهم أن المليشيا اخلت مواقعها الاستراتيجية و المهمة و غير المهمة بالقوة الجبرية بعد يوم واحد من تصريح قائد المليشيا الذى تم بثه فى عدد كبير من القنوات الاعلامية ان قواته لن تغادر القصر الجمهورى او وسط الخرطوم بتاتا”.
و اعلموا ان مسلسل الإخلاء تحت القوة الجبرية لن يتوقف و لن ينتهى إلا ببث الحلقة الأخيرة بتحرير كل ولايات دارفور بمشيئة الله و حوله و قوته ، و أن غدا” لناظره لقريب .