إنكار الإمارات لشركات مليشيا الدعم السريع… حماية أم تنصل؟

المحقق – نازك شمام
بعد عامين من الحرب بين الجيش السوداني، ومليشيا الدعم السريع تستمر دولة الإمارات العربية المتحدة، في إنكار علاقتها المشبوهة بقوات “حميدتي”، وتحاول جاهدة أن تتبرأ من أيّ صلة تربطها بالمليشيا وقياداتها الذين يواجهون عقوبات دولية بسبب الانتهاكات التي تمارسها ضد المدنيين في السودان.
إجراء تحقيقات
أمس الأول (الجمعة) كشفت دولة الإمارات العربية عن إجراء تحقيقات حول نشاط (7) شركات تتبع لقوات الدعم السريع في أراضيها، كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد فرضت عليها عقوبات مرتبطة بالصراع في السودان.
وقال (بيان) صادر من وزارة العدل الإماراتية إن هذه الشركات السبع لا تملك ترخيصًا تجاريًا ساري المفعول للعمل في بلادها، وأنها لا تمارس أيّ منها أعمالها في الإمارت، وأشارت إلى أنّ السلطات الإماراتية المختصة تواصل مراقبة جميع الأنشطة المشبوهة المحتملة وفقًا لقوانين دولة الإمارات العربية المتحدة.
الشركات المشبوهة
وتضم الشركات التي فرضت عليها الخزانة الامريكية عقوبات شركة كابيتال تاب القابضة – ذات مسؤولية محدودة، وشركة كابيتال تاب للاستشارات الإدارية – ذات مسؤولية محدودة، وشركة كابيتال تاب للتجارة العامة – ذات مسؤولية محدودة، وشركة كرييتف بايثون – ذات مسؤولية محدودة، وشركة الزمرد والياقوت للذهب والمجوهرات – ذات مسؤولية محدودة، وشركة الجيل القديم للتجارة العامة – ذات مسؤولية محدودة، وشركة هورايزون للحلول المتقدمة للتجارة العامة – ذات مسؤولية محدودة”.
وفي يناير الماضي فرضت الولايات المتحدة الأميركية، عقوبات على قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” وشخص آخر و7 شركات مرتبطة بالقوات مقرها في الإمارات.
وفُرضت العقوبات بموجب الأمر التنفيذي رقم 14098 الصادر من الرئيس السابق جو بايدن في 4 مايو 2023، حيث وسع القرار نطاق حالة الطوارئ بعد أن خلص إلى أن الوضع في السودان يُشكل تهديدًا للأمن القومي والسياسة الخارجية الأميركية.
المساءلة القانونية
وتباينت الآراء فيما إذا كانت أبوظبي تحاول التستر على هذه الشركات أم التنصل منها وفق ما جاء في بيان وزارة العدل الإماراتية.
ويوضح الخبير القانوني د. محمد زين، أن شركات غسيل الأموال وتجارة السلاح والمخدرات تصفي نفسها بعد صفقات تجارية عديدة، منعًا للتتبع والمساءلة القانونية، لذا قامت الإمارات عن طريق مخابراتها بطبيعة بإنشاء عشرات الشركات في مساعدة مليشيا قوات الدعم السريع لخدمة أجندتها الدولية في السودان، أو اليمن أو ليبيا أو دول أخرى.
ويضيف زين، لـ(المحقق): عملية تأسيس وإنشاء الشركات في الإمارات سهلة من الناحية القانونية وسريعة مقارنة بالدول الأخرى، وفي إطار سعى الإمارات لجذب الاستثمارات الأجنبية وتحريك النشاط التجاري خاصة في دبي وأبوظبي والشارقة، وبقية الإمارات جميعها تخضع للفحص الأمني ومتابعته.
وتابع: ذكرت وزارة العدل أن الشركات السبعة لا تملك ترخيصًا تجاريًا ساريًا، ولكن الوزارة لم تنفي مزاولتها الفعلية للعمل التجاري، فقط ركزت الوزارة في عبارة لا تملك ترخيصا ساري المفعول.
وأردف: وهذا يؤكد أن الشركات تمارس أنشطة تجارية سابقة ولم تجدد تراخيص للأعوام 2024 – 2025 كمثال، وهذا يعني أنها كان مرخصة من قبل، أو المسألة الثانية أنها كانت تزاول وتم تصفية أنشطتها التجارية الآن، أو تزاول نشاطها التجاري في الإمارات ومسجلة خارجياً أوفشور offshore companies .
أمر متوقع
وأشار الخبير القانوني، إلى أن طبيعة النشاط التجاري المرتبط بالأنشطة العسكرية والأمنية، التخلص من الآثار قبل الكشف عنها. وإنكار الإمارات أمر متوقع جدًا، وهذا مسلكها لأنها متورطة في حروبات وإرهاب دولي وانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان وتجنيد مرتزقة وأعمال ضد القانون الدولي في السودان واليمن وليبيا وسوريا ودول أخرى، وأن إنكار الإمارات لحماية أعمالها خارج القانون الدولي وحماية لعملائها.
وأوضح، أن المساءلة القانونية تتمثل في حظر ملاك الشركات وأموالهم وأعمالهم فقط وبطبيعة الحال مثل هذه الشركات استخدامها في الأعمال القذرة لعدد من الصفقات ويكون دورها قد انتهى بحلها وتصفيتها ولا تملك عقارات أو أموال نقدية في البنوك لأن أموالها تتحول سريعاً من حساباتها إلى حسابات أخرى لشراء معدات عسكرية أو سيارات أو مواد غذائية وغيرها من تجارة وتهريب الذهب تنقضى بعد انتهاء الصفقة وتحويل الأموال غير المشروعة.
وأكد الخبير القانوني أن إنكار الإمارات للشركات لا يعفيها من المسؤولية الجنائية الدولية لأنها متورطة في حرب السودان وهناك الكثير من الأدلة تثبت عدوانها ضد السودان وحركة سير طائراتها من الإمارات إلى مطارات أم جرس وانجمينا في دولة تشاد ومطار نيالا في دارفور محملة بالأسلحة والمؤن لمليشيا الدعم السريع وتهريب الذهب من السودان إلى الإمارات.
عدم إدانة
وقال إن وجود قيادة المليشيا والقوى السياسية الذراع السياسي للمليشيا المقيمين في أبوظبي يعزز علاقة حكومة أبوظبي بالشركات السابقة، ببينات ظرفية متماسكة وإثبات قوي يدين دولة الإمارات ومخالفتها للقوانين الدولية وخاصة في جرائم العدوان ضد السودان وجرائم الحرب وجريمة الإبادة الجماعية لقبيلة المساليت في ولاية غرب دارفور .
نفي الاتهامات
وتوقع الخبير القانوني، عدم إدانة أو محاكمة الولايات المتحدة الأمريكية للإمارات لأنها الشريك الدفاعي الأول للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط الكبير الجديد.
بدوره يرى الخبير الاقتصادي د. محمد تورشين أن المزاعم التي أطلقتها الإمارات بإجراء تحقيق حول نشاط شركات تتبع للدعم السريع في أراضيها الهدف منه نفي الاتهامات الموجهة من السودان ضدها.
ويقول تورشين لــ(المحقق): إن الإمارات ستعمل بكل الطرق من خلال هذا التحقيق نفي علاقتها بهذه الشركات، حتى تكون هناك مشتركات تجمع بينها وبين قوات الدعم السريع بشكل مباشر.
وأشار إلى أن الإمارات تريد من خلال هذا التحقيق إبطال الدعوة التي تقدمت بها الحكومة السودانية لمحكمة العدل الدولية، تحت ذريعة أن بلادها مفتوحة لجميع الشركات في العالم.
وأوضح محمد تورشين، أن من الصعوبة بمكان محاولة الإمارات التنصل من علاقتها بالدعم السريع لأن الجميع يعلم دعمها لقوات الدعم السريع.
وقال إن هذه محاولة مستعجلة وتأتي في وقت يخسر فيه الدعم السريع ويشتد الحصار عليه.
وتابع: الولايات المتحدة الأمريكية تعلم ذلك لكنها لا تريد أن تخسر الإمارات المباراة، وتريد منها فقط تغيير موقفها تجاه الدعم السريع.