رأي

قراءة عامة في تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية على الاقتصاد الماليزي 2/1

د. أحمد عبد الباقي

وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا في 20 يناير 2025م يوجه بعض وزراء الحكومة لتطوير تقارير حول الممارسات التجارية وتوصيات بشأن الرسوم الجمركية التي يجب تقديمها بحلول 1 أبريل 2025م ومنذ ذلك الحين، هُدِّد بفرض عدة رسوم جمركية جديدة وبالفعل أعلن في 2 أبريل 2025م عن فرض رسوم جمركية جديدة واسعة النطاق على السلع المستوردة من دول العالم وبالأخص شركاء أمريكا التجاريين،وبلغ عدد الدول المستهدفة بالإعلان (168) دولة، ومن المفترض أن تسري الرسوم الجديدة في التاسع من أبريل 2025م، إلا أن ترامب أعلن في التاريخ نفسه تعليق سريانها لمدة تسعين يوما على الدول التي لم ترد بـ “إجراءات انتقامية”، بينما رفع الرسوم الجمركية على الصادرات الصينية (مع بعض الاستثناءات لبعض المنتجات،صدرت لاحقا) إلى أمريكا بنسبة 125% تنفذ فورا، مبررًا لذلك بما وصفه بأنه -“قلة احترام الصين لقواعد الأسواق العالمية”. كما برر ترامب أيضا لقراره القاضي بفرض الرسوم الجمركية بأنه سيعزز الاقتصاد الأمريكي وسيحمي الوظائف.

شملت قرارات ترامب أيضا دول الآسيان التي نالها نصيب متفاوت من تلك الرسوم المتوقعة، وبما أن ماليزيا عضو في الآسيان، فإنها ستتأثر بتلك القرارات، لذا خصصت هذه المساهمة لتسليط الضوء بصفة عامة على تأثر الاقتصاد الماليزي بالرسوم الجمركية الأمريكية (في حالة إقرارها لاحقاً) على نحو ما يلي:

بلغت قيمة الصادرات الماليزية المباشرة إلى الولايات المتحدة في عام 2024م (43.43) مليار دولار أمريكي حسب إحصائيات الأمم المتحدة لصادرات وواردات الدول وفقا للتعريفة الجمركة.

وتمثل الإلكترونيات والمعدات الصناعية أكثر من 60% من هذه الصادرات التي تعد من منظور آخر بأنها العمود الفقري لقطاع التصنيع الماليزي علاوة على أنها مصدر للاستثمار الأجنبي والعمالة الماهرة في البلاد. وتبلغ مساهمة صادرات ماليزيا إلى أمريكا حوالي 10% من إجمالي الناتج المحلي لماليزيا الذي بلغت قيمته في عام 2024م (419) مليار دولار أمريكي (حسب إحصائيات إدارة الإحصاء الماليزية لعام 2024م)، وأما صادرات ماليزيا إلى الصين تشمل المكونات المصنعة – خاصة في مجال الإلكترونيات – التي تصدر إلى المصانع الصينية، حيث تُجمع في منتجات نهائية، ثم تُصدر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وبلغت قيمة هذه الصادرات في عام 2024م (41.01) مليار دولار أمريكي.

تأثير الرسوم الجمركية “المتوقعة” على الاقتصاد الماليزي

للرسوم الجمركية “المتوقعة” (نسبة لكبر حجم الصادرات الماليزية، سواء كانت مباشرة إلى أمريكا أو غير مباشرة عن طريق الصين) آثارا إيجابية وأخرى سلبية على الاقتصاد الماليزي، ويمكن إجمالها على نحو ما يلي:

التأثير الإيجابي للرسوم الجمركية على الاقتصاد الماليزي في حالة فرضها يشمل على سبيل المثال: أن الصادرات الماليزية ستصبح أكثر تنافسية في السوق العالمية مقارنة ببعض الدول التي يُتوقع أن تُفرض عليها رسوم جمركية أعلى من ماليزيا. مثلا تعتبر الـ 24 % المتوقع فرضها على ماليزيا معتدلة مقارنة بكمبوديا (49 %)، ولاوس (48 %)، وفيتنام (46 %)، وميانمار (44 %) وتايلاند (36 %)، وإندونيسيا (32 %)، والصين (125%)، ويرى عدد من المحللين أنه من الممكن أن تصبح ماليزيا أكثر جاذبية للمستوردين الأمريكيين والشركات التي تبحث عن منتجات متوسطة، كما أنه من المتوقع أن تصبح صادرات زيت النخيل الماليزي أكثر تنافسية، وقد يزداد تحول الطلب عليها أيضًا لأنها ستصبح أكثر تنافسية مقارنة بالزيوت النباتية الأخرى، أما التأثير السلبي المباشر للرسوم على الاقتصاد الماليزي، فتشمل على سبيل المثال: انخفاض الإقبال على الطلب، تراجع الإيرادات، تأثيرات سلبية محتملة على التوظيف في القطاعات الموجهة للتصدير، ضعف العملة المحلية، عدم اليقين في أسواق الاستثمار والتوظيف، وربما تباطؤ خطط توسيع أعمال بعض المستثمرين الماليزيين الذين ربما يلجئون للحفاظ على السيولة النقدية، بينما يركزون على التوسع في أسواق أخرى، مثل الصين والهند والآسيان.

مُتوقع أن تؤثر الآثار السلبية في المدى البعد على نمو الناتج المحلي الماليزي الذي بلغ في عام 2024م 5.1% مقارنة بـ 3.6% في عام 2023م مما جعل نمو 2024م تجاوز نطاق التوقعات الأولية للحكومة الماليزية التي أُعلنت عنها في ميزانية 2024م، وكانت نسبة النمو المتوقعة حينها بين 4% إلى 5% (حسب بيان وزارة المالية الماليزية الصادر في 14 فبراير 2025م تحت عنوان:

“Malaysia Exceeds GDP and Fiscal Defici

Targets for 2024” وحسب تصريح وزير

التجارة والصناعة الماليزي في يوم 7 أبريل 2025م، فإن توقعات نمو الناتج المحلي لعام 2025م وضعت بنسبة 5% ولكنه سيعاد فيها النظر في حالة تطبيق الرسوم الجمركية المتوقعة على ماليزيا، وعلى الرغم من تلك التحديات، فإن وزير التجارة والصناعة الماليزية أبان بأن الحكومة ستعمل على تجاوز هذه العقبة، وتسعى للتعاون مع جميع قطاعات الصناعة والغرف التجارية والجمعيات ذات الصلة لإيجاد أفضل الحلول للمضي قدمًا، كما أن الوزير يرى أن البلاد لن تتعرض لكساد اقتصادي، ومن المتوقع أن يستمر النمو الاقتصادي -حسب تصريح رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم ووزير المالية- وذلك لأن أساس الاقتصاد الجزيء متين مدعوم بـ. بقوة الاستهلاك المحلي وقوة الاستثمارات المحلية وثبات عائدات السياحة ومنافسة بعض الصادرات مثل زيت النخيل ومنتجاته التي (26) مليار دولار أمريكي في عام 2024م حسب إحصائيات صادرات زيت النخيل الماليزي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى