رأي

لأجل تجويد الخدمات المقدمة في مجال الطاقة الشمسية

دكتور مهندس جعفر أحمد خليفة

مواصلة لمقال الأمس، والذي تناول موضوع السياسات اللازمة المعززة لانتشار استخدام أنظمة الطاقة الشمسية، سيتم اليوم تناول موضوع الجودة.

إن الحديث عن ضرورة تحقيق الجودة والاتقان في مجال أنظمة الطاقة الشمسية، كان من الأفضل أن يكون في سياق الحديث عن استراتيجية وطنية متكاملة للطاقة المتجددة، تتبناها الدولة كما فعلت كثير من دول العالم بما فيها دول إقليمية أفريقية من حولنا. لكن لا بأس من تناوله الآن كجزئية لما فرضته ظروف الحرب من خيار التعامل مع الطاقة الشمسية، ولاحقاً سأتناول بإذن الله ضرورة أن يكون لحكومتنا استراتيجية شاملة للانتقال إلى الطاقة المتجددة بشكل عام.

و لتحقيق الجودة، يلزمنا في البدء إصدار قانون الطاقة المتجددة، والذي يناط به الآتي:
وضع الأطر المؤسسية المختلفة، التي من شأنها تنظيم ودفع انتشار مشاريع الطاقة المتجددة، تحديداً الشمسية والرياح، بمختلف المستويات.

اعتماد مرجعية علمية عالمية متفق عليها للمواصفات والإجراءات الفنية مثل منشورات (IEC) .. والاعتماد المعني هنا هو النص القانوني الذي يجعل منها مرجعية وحجة قانونية.

تنظيم كل المناشط المتعلقة بهذا المجال، بحيث لا يوجد منشط غير منصوص على وصفه وتفاصيله قانونًا.

إن الأطر المؤسسية من منظور الجودة حصراً، تعني مؤسسات معنية بالجودة وأخرى معنية بحماية المستهلك

مؤسسات الجودة
إن اعتماد مؤسسات جودة محددة، بضوابط صارمة، من شأنه أن يحقق موثوقية عالية في أداء تلك الأنظمة والمشاريع، ويؤمن استمراريتها، ويكسب المستهلك الثقة فيها مما يدفعه لاقتنائها، ويشجع مؤسسات التمويل على المضي قدمًا في تمويلها. تكون تلك المؤسسات مختصة في إصدار شهادة جودة مكونات الأنظمة، وشهادات جودة التصميم والتركيب، والكفاءة المهنية لمزاولة مهن الطاقة المتجددة للمؤسسات والأفراد بضوابط محددة. المهن المعنية هي:
الاستيراد والبيع بالجملة. والتجزئة.
الاستشارات.
التصميم والتركيب والصيانة
كذلك تختص مؤسسات الجودة بإصدار شهادات المطابقة للمواصفات قبل الربط بالشبكة. المواصفات المعنية تختص بالأجهزة والمعدات، التصميم، التركيب، الاختبار والاستلام.
مثل تلك المؤسسات من الأفضل أن تكون مؤسسات قطاع خاص وليس حكومية، لكن تأخذ سلطتها من القانون. تقوم على ضوابط قانونية صارمة تضمن كفاءتها المهنية، وتحملها مسؤولية أي تلف ناتج عن قصور مهني، وتؤمن انتشار مكاتبها بكل الولايات بما يعزز القيام الآمن والسريع لمشاريع وأنظمة الطاقة المتجددة على مختلف المستويات.
لا تضارب في اختصاصات مؤسسات من هذا النوع مع اختصاصات مؤسسات حكومية تبدو مشابهة. مؤسسات الجودة في القطاع الخاص ذات طبيعة تنفيذية وميدانية ومهنية، وتمثل حلقة الوصل بين المؤسسات الحكومية المشابهة والمشاريع الميدانية وأصحاب المصلحة. على سبيل المثال، العلاقة بينها والهيئة القومية للمواصفات، هو أن الأولى تعمل وفق نصوص ومواصفات معتمدة لدى الثانية، بل من الممكن أن تعتبر تلك المؤسسات جهة استشارية مهنية لبعض مؤسسات الدولــــة.
لماذا من الأفضل أن تكون مؤسسات ضبط الجودة مؤسسات قطاع خاص؟
لتتفرغ الجهات الرسمية لممارسة الدور الرقابي ورسم السياسات ومراقبة تنفيذها، وهو الدور المثالي في أنظمة الحكم الحديثة والناجحة.
لسهولة محاسبة مؤسسات القطاع الخاص عند التقصير، بخلاف مؤسسات القطاع العام.
لحرص مؤسسات القطاع الخاص على القيام بدورها بمهنية ودقة عالية خوفاً من العقوبات. إذا تم المصادقة على جودة منتج، أو تصميم أو تركيب منظومة، ولاحقاً تعرض لعطل بسبب خطأ مهني، فإن المؤسسة التي صادقت على الجودة هي من سيتحمل الخسائر.
لحرص مؤسسات القطاع الخاص على القيام بدورها بمهنية عالية بسبب توفر المنافسة. المنافسة ذات نفسها تفضي إلى الجودة وقلة تكاليف الخدمات المقدمة.

مؤسسات حماية المستهلك
من المفيد ان تُشرِّع الدولة لقيام مؤسسة حماية مستهلك متخصصة في هذ الشأن؛ ومن الأفضل أن تكون تلك المؤسسة غير حكومية، شعبية، تمارس الرقابة على أنشطة الطاقة المتجددة المختلفة، حمايةً للمستهلك من التعرض لمخاطر الخداع، ولتمكين المجتمع نفسه من الرقابة على كافة النواحي المتعلقة بتلك الأنشطة بما فيها المؤسسات التي تصدر شهادات المطابقة والصلاحية. يلاحظ أن نشاط مؤسسة من هذا النوع، يعزز أمن مؤسسات التمويل الأخضر المتخصصة ضد مخاطر تمويل مشاريع الطاقة المتجددة المتقطعة (الشمس والرياح).

ختاماً، وعند مطالعة المقال السابق وهذا المقال، يلاحظ أن الجهات الرسمية المعنية بمحتوى المقالين متعددة، مما يستوجب ضرورة التنسيق وتكامل الأدوار والمهام بينها. لذلك، اقترح على رئاسة حكومتنا الموقرة، تشكيل لجنة عليا من تلك الجهات، لدراسة تفعيل محتوى المقالين وتوصيات صدرت من عدة فعاليات أخرى خلال الأشهر القليلة الماضية، آخرها ملتقى شركة سنترويد لاستشارات الطاقة الذي عقد الأسبوع المنصرم، وقبله بيومين ملتقى جمع التمويل الأصغر وعدة جهات مختصة.

سأتناول في مقالات تالية بإذن الله، دوافع السودان للانتقال للطاقة المتجددة ومواضيع أخرى ذات صلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى